قد يكون من المبكر استخلاص النتائج المرتقبة للزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخارج منذ توليه الرئاسة وتشمل المملكة العربية السعودية واسرائيل والفاتيكان. ولكنها قد تشكل مظلة لانقاذه مما يتعرض له على صعيد الداخل الأميركي من ملفات ضاغطة. إذ تلاحقه الاتهامات بعرقلة التحقيقات في علاقات مشبوهة مع روسيا. فضلا عن الحملات التي تصنفه بأنه غير جدير للرئاسة.
وهذه الزيارة التي تم التحضير والإعداد لكل محطة فيها بدقة وعناية تبدأ بالرياض حيث سيعقد فيها ثلاث قمم. قمة أميركية - سعودية أولا ثم قمة أميركية - خليجية ثانيا وتضم دول مجلس التعاون الخليجي الست. وأخيرا قمة تضم إلى الرئيس الأميركي قادة ورؤساء وزعماء دول عربية واسلامية. وهذه اللقاءات تشكل ملامح لتوافق دولي وعربي واسلامي جديد لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله. ولا تقتصر فقط على المشاركة في الأعباء المالية والبيانات السياسية. وقد تكون الرياض المنقذ الخارجي لترامب مما يتربص له على الساحة الداخلية.
إقرا أيضا: حرب أميركية على داعش وحزب الله
القادة العرب الذين يلتقون ترامب يدركون مدى التحول الأميركي في السياسة الخارجية. من تقارب سلفه الرئيس باراك أوباما نحو إيران وابتعاده عن الحلفاء التقليديين. إلى إعادة الدور الأميركي والضمانات الأمنية والالتزامات تجاه الدول العربية الحليفة عبر البوابة الخليجية وبالذات السعودية. وبالتالي ليطمئن الجميع إلى أن الولايات المتحدة الأميركية خرجت من احضان إيران كما كان الانطباع الخليجي السائد أثناء فترتي رئاسة أوباما. وكذلك فإن الرئيس ترامب الذي أطلق حملة ضد المسلمين أثناء جولاته الإنتخابية للرئاسة. فإنه اليوم يتوجه نحو الإسلام مميزا بين الإسلام المعتدل وبين الإسلام المتطرف وهو يبادر إلى صنع تحالف مع المسلمين لمحاربة الإرهاب الأصولي.
وإذا كانت القمة الأميركية - العربية في الرياض ستضع آليات لهذا التحالف يهدف إلى القضاء على تنظيم داعش وأمثاله من الجماعات الإرهابية من خلال حروب ومعارك في العراق وسوريا وتحديدا في الموصل والرقة. إلا أن هناك أهداف أكبر وأوسع. لأن الإرهاب لا يتوقف عند تنظيم داعش وأمثاله بل سيتجاوز ذلك ليشمل الأصابع الإيرانية المنتشرة في العديد من الدول العربية. سيما وأن الإدارة الأميركية اتخذت قرارا يقضي بقطع الطريق على الامتدادات الإيرانية في الأراضي العربية ليس بوسائل المواجهة العسكرية المباشرة ضد إيران. وإنما بوسائل أخرى متاحة.
إقرا أيضا: عشية زيارة الرئيس الأميركي إلى الرياض تصعيد إيراني تجاه السعودية
فالقمة الثنائية التي تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تشير إلى أن هناك قواعد جديدة للعلاقة الأساسية التي تربط الطرفين الأميركي والسعودي. خصوصا وإن السعودية باتت دولة استباقية في إتخاذ القرارات الصعبة وتتبنى الإقدام والمبادرة. وهي اليوم تعيد صوغ نفسها سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا وامنيا لتنفيذ رؤية المستقبل للعام 2030.
وهذه القمة سترسخ الترابط الاقتصادي المستقبلي بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية.
أما دول مجلس التعاون الخليجي فإنها تهدف من وراء القمة الأميركية - الخليجية إلى إقامة تعاون أمني ودفاعي بين الولايات المتحدة ودول الخليج وهي السعودية والإمارات وقطر والكويت وعمان والبحرين. وإن كانت مواقف هذه الدول ليست دائما متطابقة في ملفاتها الخارجية.
لا شك أن وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض شكل منعطفا في السياسة الأميركية الخارجية. وتحولا من تقارب مع إيران إلى التقارب مع حلفاء واشنطن التقليديين وعلى رأسهم السعودية.
وزيارته إلى الرياض تشكل نقطة انطلاق في هذا التحول والذي يعتبر إحدى ثماره تحالف أميركي - عربي ضد الإرهاب أولا. وضد سياسة إيران التوسعية للحد من امتداداتها الخارجية تاليا........