من المؤكد أن نسخاً من مسودة قانون العقوبات الأميركية على “حزب الله” وحلفائه وصلت من الكونغرس إلى مراجع لبنانية. وما انطوت عليه هذه المسودة أثار الكثير من الهواجس وحتى المخاوف. حتى أن أحد المراجع يشير إلى أن ما ورد في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية حول العقوبات كان قريباً جداً من الواقع. وقد جرى الاتصال بجهات دولية تتعاطف عادة مع لبنان للتدخل والحيلولة دون تمرير القانون (كما هو) في الكابيتول، لأن من شأن ذلك زعزعة الأوضاع السياسية والمالية والأمنية في لبنان.
وكانت المعلومات أفادت بأن السيناتور ماركو روبيو ، الذي كان له الدور الأكبر في صياغة وإقرار قانون العقوبات بحق “حزب الله” عام 2015، تقدم بمسودة تعديلات وصفت بـ”الخانقة” بالنسبة إلى الحزب وبيئته الحاضنة، حتى أنها تطال رئيس المجلس النيابي نبيه بري شخصياً. لكن تبين أن هناك مسودة أخرى تقدم بها آد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الذي قال للوفد اللبناني “إن المسودة التي جرى تسريبها عن العقوبات غير دقيقة، وتسببت بأذى كبير”، داعياً إلى “عدم اعتمادها، ومؤكداً أن بلاده مستمرة في دعم لبنان وجيشه”. وأوضح السفير (في واشنطن) أنطوان شيديد أن مشروع رويس “مازال قيد الصياغة، وهو مختلف عما تم تسريبه، وهناك عقوبات، لكن المشروع سيدرس وسيخضع لإعادة صياغة”.
غير أن الذي يشغل اللبنانيين حالياً (سلباً أم إيجاباً) هو ما يرتقب صدوره عن لقاءات الرياض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب . البعض يتوقع أن تكون النتيجة “زلزالاً” على مستوى المعادلات الإستراتيجية في المنطقة، ولابد أن تكون له تداعياته المصيرية على لبنان، بحسب ما تردده الأوساط السياسية على اختلافها. فـ«حزب الله» يلتزم الصمت حتى الآن, وإن كان المقربون منه يقولون إنه وضع كل الاحتمالات في الإعتبار.
ويتوجه رئيس الحكومة سعد الحريري ليل اليوم إلى الرياض للمشاركة في القمة، وفي هذا الإطار، تتفق مصادر سياسية محلية على أهمية الموقف، الذي سيبديه لبنان لتحسين علاقاته مع الإدارة الاميركية الجديدة، التي تتهددها نشاطات حزب الله من جهة، والعقوبات الأميركية عليه من جهة أخرى. وتقول المصادر إن الحريري لن يخفي امتعاضه من التصريحات السلبية، التي يطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله خدمةً لإيران ، وتداعياتها على لبنان. كما أن لبنان سيبدي رفضه التام لأي تدخل خارجي، أيا كان مصدره، في شؤون الدول العربية الداخلية. وتؤكد المصادر أن الحريري لن يتخلى في القمة عن موقفه الثابت برفض سلاح “حزب الله” في الداخل اللبناني وانخراطه في الحرب السورية، وسيكرر أن السلاح خارج إطار الدولة لن يكون مظللا بعباءة الشرعية في لبنان.
قانون أم لا قانون
إلى ذلك، دخلت البلاد عمليا اعتبارا من أمس مدار العد العكسي النهائي لانتهاء ولاية المجلس النيابي، بعد شهر بالتمام، من دون أن تُحدث المهلة أي تغيير في خريطة المواقف لإنتاج قانون انتخابي جديد يشكل أول إنجازات العهد. غير أن الرئيس عون أبلغ زواره أمس “أن الإنتخابات النيابية ستحصل مهما جرى”، وثمة وقت للوصول إلى اتفاق فلا تقلقوا”.
وإن كانت قناعة تولّدت لدى الكثير من اللبنانيين بأن النية الحقيقية للاتفاق على قانون جديد يطوي صفحة “الستين المشيطن” غير متوافرة، وهو ما من شأنه أن يسدد أوجع ضربة للعهد وللرئيس، بعدما ارتبطت صورته بالتغيير وتحقيق أفضل تمثيل للمسيحيين. كما أن محاولة العودة إلى “الستين” تحت عنوان “العجز عن إقرار قانون جديد”، كارثة كبرى لا يجوز أن تمر. وأمام هذه الحال، تؤكد المصادر أن البديل عن الستين موجود، وهو اعتماد التصويت في مجلس الوزراء على صيغ القوانين المطروحة، وما أكثرها.