المنطقة حبلى بالملفات الساخنة والاستثنائىة وتبادل الرسائل النارية المفتوحة على كل الاحتمالات مع قمم الرئىس الاميركي دونالد ترامب «الاربع» في السعودية، بهدف تغيير قواعد اللعبة مع ايران والسعي لقيام ناتو خليجي لمواجهة كافة الاخطار، وما خلفته موازين القوى الجديدة في سوريا بعد انتصار حلب ووصول الجيش السوري الى مسافة 10 كيلومترات من معبر التنف على الحدود العراقية - الاردنية - السورية حيث يوجد الجيش العراقي على المعبر، وبالتالي لا يفصل تلاقي الجيشين العراقي والسوري سوى 10 كيلومترات. هذا التطور النوعي دفع الولايات المتحدة الى شن ضربة جدية على القوات السورية المتقدمة باتجاه التنف، كي تمنع تلاقي الجيشين وفتح طريق طهران - بغداد - دمشق - بيروت. وهذا هو بيت القصيد وعنوان المعركة. وهذا هو الرد النوعي الميداني لمحور روسيا - ايران - سوريا حزب الله على قمم ترامب السعودية. ولذلك من المرجح شن قوات التحالف غارات جديدة على الجيش السوري.
وفي المعلومات، ان مسؤولين اميركيين طلبوا خلال الايام الماضية ان تمارس روسيا نفوذها على الجيش السوري لوقف تقدمه باتجاه معبر التنف. لكن الجيش السوري واصل عملياته بالتزامن مع عمليات الحشد الشعبي باتجاه المناطق القريبة من التنف. وهذا ما دفع واشنطن الى التدخل العسكري، وربما حدوث مواجهة مفتوحة في منطقة «سبع بيار» القريبة من التنف على الحدود العراقية - السورية - الاردنية وبررت واشنطن قصفها بوجود القوات الاميركية في هذه المنطقة والتدريبات التي تجريها فصائل سورية معارضة بقيادة جمال معروف، كما تزامنت الغارة الاميركية مع انزالات لجنود اميركيين في مدينة البوكمال على الحدود السورية - العراقية.
وفي المعلومات، ان رئىس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وخلال لقائه الرئيس الاميركي دونالد ترامب، سمع رسالة اميركية واضحة بشأن عدم السماح بفتح اي ممر بري بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت، حيث تتولى القوات الاميركية منع هذا الخيار، فيما الطيران الاسرائىلي سيقوم بقصف الحدود السورية -اللبنانية، حتى ان العبادي سمع بشكل واضح من ترامب عن امكانية بقاء القوات الاميركية لامد طويل في العراق وضرورة توقف الجيش العراقي عن عملياته العسكرية بعد تحرير الموصل. ودفع عناصر داعش والتنظيمات المسلحة الى المناطق الصحراوية على الحدود السورية - العراقية ومحاصرتهم هناك وشل قدراتهم، وابقاء «داعش» لمنع تواصل الجيشين العراقي والسوري، وتشليح ايران اوراق قوة لمنع «الهلال الشيعي» الذي كشف عنه الملك الاردني عبد الله الثاني.
وفي ظل هذه الاجواء ولقاءات السعودية التي تشبه لقاءات شرم الشيخ عام 1997 التي شهدت يومذاك اكبر حشد دولي وعربي ضد ايران وسوريا والمقاومة، يتكرر المشهد اليوم في السعودية وسيفتح المنطقة على احتمالات كثيرة. ولكن ذلك يتوقف على القرار الاميركي بشأن المواجهة مع ايران وحدوده ومساحته، وماذا سيحصل بشأن الاتفاق النووي؟
واللافت ان الرئيس ترامب يصل الى الرياض غداة اعلان النتائج الايرانية، وما تقرره صناديق الاقتراع. وهذه اول زيارة خارجية لترامب منذ انتخابه وسيبدأها من السعودية وبعدها اسرائىل. وهذه خطوة تكاد تكون نادرة، ان يبدأ رئىس اميركي جولة شرق اوسطية من دولة غير اسرائىل. وهذا ما يعكس رغبة ترامب بتعزيز العلاقات مع الخليج والتشدد مع ايران، عكس الرئىس باراك اوباما الذي وقع الاتفاق النووي مع طهران. وسيجتمع ترامب خلال وجوده في السعودية مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بالاضافة الى قادة دول مجلس التعاون الخليجي. وسيشارك غدا الاحد في القمة العربية الاسلامية الاميركية التي سيحضرها 38 رئىس دولة و8 رؤساء حكومات، منهم رئىس الحكومة سعد الحريري الذي سيغادر ليل السبت على رأس وفد يضم وزير الخارجية جبران باسيل وعدداً من الوزراء. وسيلتقي الرئيس الحريري عدداً من رؤساء الدول، وربما من بينهم الرئىس الاميركي دونالد ترامب كما ذكرت معلومات صحافية لم يعرف مدى صحتها. لكن الرئىس الحريري اكد خلال اجتماع مجلس الوزراء الاخير التزام لبنان بالبيان الوزاري ورفضه اي تصنيف لحزب الله. هذا الموضوع غير مطروح بتاتاً، لأن هدف القمة تغيير قواعد اللعبة مع ايران. فيما كانت مشاركة الوفد اللبناني من ضمن مواضيع البحث بين السفير الايراني في لبنان محمد فتحعلي ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل.
الانتخابات الايرانية
وفي مقابل المشهد السعودي، جرت الانتخابات الرئاسية الايرانية بين 4 مرشحين أبرزهم الرئيس الحالي حسن روحاني الذي يمثل نهج الاعتدال والانفتاح على الغرب، والمرشح ابراهيم رئيسي المدعوم من المحافظين. وقد شهدت الانتخابات الايرانية اقبالاً كثيفاً وتجاوزت نسبة المشاركة أكثر من 72 في المئة، أي 44 مليون ناخب. أي بحدود 40 مليون ناخب شاركوا في الانتخابات التي جرت وسط أجواء هادئة ومنافسة قوية. وقد اقفلت صناديق الاقتراع منتصف الليل على أن تظهر النتائج صباح اليوم. وقد اعتبر المرشد الاعلى للثورة الايرانية الامام الخامنئي ان نسبة المشاركة الكثيفة هي انتصار لايران ورد على ادعاءات الغرب. وهي أيضاً انتصار لنهج الثورة الاسلامية والممارسة الديموقراطية الحقيقية، علماً ان نتائج الاستطلاعات كانت قد أعطت الرئيس حسن روحاني افضلية باعادة انتخابه، لكن بنسبة ليست كبيرة عن مرشح المحافظين ابراهيم رئيسي.
الوضع الداخلي
وفي ظل التطورات النوعية الكبرى اقليميا، وعلى مسافة «مرمى حجر» من لبنان، يستمر الجدال الداخلي حول قانون الانتخابات حيث عاد الستين الى الواجهة. وهذا ما المح اليه نائب المستقبل خضر حبيب الذي اشار الى ان «الستين» افضل من التمديد. ولاقاه في هذا الموقف النائب العوني فريد الخازن الذي اعتبر ان الستين امر واقع اذا لم يتم التوافق على قانون جديد.
وفي معلومات مؤكدة ان الانتخابات ستجرى في 17 ايلول 2017. وقد اشار وزير الداخلية نهاد المشنوق الى ان الانتخابات ستجري قبل نهاية 2017. وسيتم فتح دورة استثنائىة. في حين قال رئىس الجمهورية العماد ميشال عون لوفد فاعليات بلدات قضاء جبيل «مهما حصل فإن الانتخابات ستحصل، وثمة وقت للوصول الى اتفاق، فلا تقلقوا ومستمرون في العمل لانتاج قانون يعكس طموحات اللبنانيين».
وحسب مصادر متابعة، فإن حكمة الرؤساء الثلاثة وتقديرهم لخطورة الاوضاع الاقليمية سيدفعهم الى تنازلات متبادلة وتخفيف التشنجات لأن عدم الوصول الى قانون سيصيب الجميع بخسائر.
واشارت هذه المصادر الى ان الجهود الاخيرة سلكت مسارا مغايرا، وتتركز على امكانية فتح ثغرة في العلاقة بين الرئيسين عون وبري تنهي غبار الماضي وتؤسس ايضا لمرحلة جديدة بين العهد والثنائي وليد جنبلاط وسيلمان فرنجية. وتضيف هذه المصادر ان الاتصالات ستؤدي اخيرا الى اجراء الانتخابات على اساس الستين مع ترميم منجز و«رتوش» في بعض الدوائر يزيل الاعتراضات خصوصا ان المجلس الجديد لن يشهد تغييرا على مستوى التحالفات وسيطيح فقط بعشرة او 15 اسماً عليهم «فيتوات» من قياداتهم.
وفي المعلومات ان جنبلاط التزم الصمت بعد شعوره بتقدم خيار الستين. ولذلك لا يريد الذهاب بعيدا في المواجهة مع التيار الوطني الحر، لان الخلافات انعكست على بعض قرى الجبل التي شهدت تشنجات واجواء غير مريحة، وربما اثرت في مزاج الناخب المسيحي في الجبل ضد لوائح جنبلاط. كما انه لا يمكن ان يوسع بيكار المعركة، مع سعد الحريري في ظل الواقع السني في اقليم الخروب وتحكمه بمسار المعركة الانتخابية، كما ان الثنائي الشيعي المتمسك بالنسبية الكاملة قد يوافق على اتجاه الستين، اذا تبين انه افضل الشرور، خصوصا ان حزب الله مرتاح لموقف الرئىس عون من التهديدات بعقوبات اميركية، والتسريب عنه «بأن التهديدات لا تخيفنا. وتعرضت لضغوط مختلفة وكبيرة في حياتي ولم اتراجع».
ولذلك تؤكد مصادر مطلعة ان حكمة الرؤساء الثلاثة وتقديرهم لدقة الظروف المحيطة ستنتج توافقا على ترميم الستين عبر بعض «الرتوش»، لكي يصبح توافقيا ومقبولا من الجميع بعد ان بات الوقت داهما.