ليس شدّ حبال بقدر ما هو شباك حقيقي بين رجلي دين يمثلان طرفي المواجهة القائمة في إيران بين المحافظين والإصلاحيين في إنتخابات رئاسية هي الأقوى بين التيارين في مرحلة أمريكية صعبة بالنسبة لإيران التي تدللت في عهد باراك أوباما من خلال تسهيلات أميركية كثيرة لحركة إيران في المنطقة وخاصة في الحروب التي تساهم بها بشكل مباشر في العراق وسورية واليمن إضافة الى الإنجاز النووي في ملف إبتز إيران لسنوات وجاءت التسوية مع مجموعة ال5+1 بمثابة إنقاذ لقيادة منهكة من سعي فاشل نحو الدخول عنوة إلى النادي النووي وفوز لسياسة أوباما الرافضة لضرب إيران وتسهيل طرق التعاطي معها بقيود دبلوماسية مطوقة لرغبة إيران النووية وغير النووية .
إقرأ أيضا : إيران تختار اليوم بين الاعتدال والتشدّد
في العودة إلى المشهد الإنتخابي الرئاسي يبدو الصدام المكشوف بين نقيضين وعلى الهواء مباشرة يؤشر الى حجم الأزمة الداخلية في بلد محكوم بحيوية قد لا تكون متوفرة في أيّ بلد مشابه لطبيعة السلطة في إيران إذ أن السلطة الحديدية أو المستبدة عادة تستهلك إستحقاقاتها الإنتخابية بإحياءات شكلية محسومة النتائج وفي ظل غياب شعبي و إنصراف كلي عن المشهد القانوني والدستوري بإعتبار أن العصا هي من تُجدد للرئيس الإله وهي من تحدد أسماء المساهمين في السلطات الممنوحة لواحد أحد .
إقرأ أيضا : إيران مع ترامب غيرها مع أوباما
في إيران ثمّة علامة فارقة وقد تكون مميّزة ونادرة في الوسط العربي والإسلامي بإستثناء تركيا وماليزيا تعكسها هوية الأمّة الإيرانية الملتزمة بقداسة حقها في إختيار من يمثلها في السلطة دون الركون للحرس الذي يُكثف من حواجزه وتدابيره لدفع الناس الى عدم المشاركة في صنع السياسة المحلية وترك الأمور للأجهزة المختصة الحريصة على ثورية السلطة بالطريقة التي تراها مناسبة وتصب في خدمة دولة الفقيه وتعمل لصالح الأمّة في النيابة عنها كونها مشغولة في البحث عن الرغيف وعقلها عاجز عن إدراك ما يُدركه من كُشف له الغطاء و أصبح بصره حديداً وهو ينظر بعين الله .
إقرأ أيضا : ما هي العقوبات الأميركية الجديدة على ايران وحزب الله ؟
فهل يُجدد الشعب للرئيس الإصلاحي فخامة الشيخ روحاني ؟ أم أن الأجهزة المختصة ستصوت بعصاها لصالح المحافظ السيد إبراهيم رئيسي القريب من يد السيّد القائد ؟ سؤال إيراني يقف حائراً أمام بوابة البيت الأبيض الأميركي لأن إدارته الجديدة قد إستهدفت إيران فهل تستهدف القيادة الإيرانية سياسة الرئيس ترامب برئيس من أكثر الصقور شراسة وبذلك تعود إيران الى ما كانت عليه أيّام الثورة وطيلة الشباك الأمريكي – الإيراني أم أنها ستمضي بما قرره الشعب ويكون الرئيس الإصلاحي اليد الممدودة للغرب عموماُ و لأميركا خصوصاً لتأكيد دور الدولة القومي والإقليمي من باب التعاون المفتوح مع المجتمع الدولي .
إقرأ أيضا : إيران وروسيا في سوريا... صعوبة فك الارتباط
ثمّة إنعطافة في سياسات إيران على ضوء حضور الرئيس الأميركي المباشر في منطقة الشرق الأوسط ومن بوابة المملكة العربية السعودية عدوة إيران اللدودة والذي يعيد رسم المشهد العسكري في سورية وفق منطق الطائرات الأمريكية التي هزّت موسكو وطهران معاً ووفق الحضور العسكري الأميركي في سورية من جهتيّ الأردن وتركيا . وثمّة دخان رئاسي إيراني سيصعد فإما أسود أو أبيض ولكلا اللونين رمزيته الخاصة و أهمية في قراءة موقف إيران من أميركا .