شدد نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني على أهمية مبدأين أساسيين في الحياة: الثقة والشجاعة، مشيرا الى انه "من المؤكد أن أي شخص لا يستطيع تنبؤ مستقبله، ولكن بإمكان كل واحد منا أن يحلم. فلا تترددوا من أن تحلموا الأحلام الكبيرة، حتى تلك التي تبدو أكبر بكثير مما تستطيعون فعله. لا تضعوا حدودا لكم".
وخلال لقاء خاص مع تلامذة مدرسة "سيدة البشارة" الأرثوذكسية في الأشرفية، اشار الى أنه "كتب في خلال مرحلته الدراسية مسرحية، وقد ساعده على تنقيحها أستاذه في ذلك الحين الممثل والفنان اللبناني جان قسيس. وبالفعل عرضت المسرحية في نهاية السنة الدراسية. ولفت إلى أنه لم يكن يعلم ما إذا كانت المسرحية ستلقى نجاحا إنما كل ما فعله أنه بادر وسعى وحقق ما كان يرغب في تحقيقه. وهنا تكمن الثقة في قدرة الإنسان على إنجاز ما يود إنجازه بصدق".
وتوسع في الحديث عن الثقة مؤكدا أن "التلميذ يتلقن هذه القيمة الكبيرة في المدرسة. أضاف أن الوقوف على المسرح وتكرار ذلك ضمن نطاق المدرسة والإلقاء والقراءة، كلها أمور تنمي الثقة"، وقال: "منذ أيام الدراسة ومن على هذا المسرح بالذات، باتت لدي تلك الثقة بأن أعبر عن رأيي بثقة تامة. وقد خدمتني هذه الثقة بنسبة ثمانين في المئة من مراحل العمل في حياتي، أما العشرون في المئة الباقية فعززتها الدراسة العلمية".
ونبه حاصباني إلى "أهمية التمييز بين الثقة بالنفس والوقاحة"، مضيفا أن "قمة الثقة بالنفس تؤدي إلى التواضع واحترام الآخر، علما أن الكثيرين من الذين يتمتعون بالثقة بالنفس قد لا يكونون تحت الأضواء بل يلعبون أدوارا خلفية إنما لها كل التأثير الإيجابي. وتحدث في هذا السياق عن جان مونيه الذي كان موظفا في الإدارة الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية. ولم يكن معروفا على الإطلاق. إنما كان يفكر بطريقة لعدم تكرار الحرب. فتقدم باقتراح تبناه والقادة الأوروبيون وقضى بتوحيد صناعات الحديد والفحم بين فرنسا وألمانيا في سوق واحدة إنضمت إليها إنكلترا في وقت لاحق، وكانت هذه السوق نواة للسوق الأوروبية المشتركة والإتحاد الأوروبي".
واكد "أن الثقة تأتي بالشجاعة، علما أن هذه الشجاعة يجب أن تكون مبررة. فالشجاعة لا تعني المخاطرة بالحياة الشخصية أو بحياة الآخرين أو القيام بتصرفات لامسؤولة". وشدد على "ضرورة إيمان الإنسان بما يقوم به فلا يؤثر أي خوف أو تردد على شجاعته في الإقدام على الأعمال. كما أن عيش الشجاعة يتطلب حس القيادة. فمن هو واثق وشجاع لا يخاف من مواجة خصم له يخالفه الرأي. كما أن الموضوعية أساسية في الشجاعة بحيث تكون مبنية على أفكار واضحة تطرح بشكل متناسق وعلمي".
وشدد على أن "المهم في الشجاعة هو القدرة على احتضان المجهول؛ فالكثير من الأعمال التي يتم الإقدام عليها تكون مجهولة الأفق والمصير، وهذا لا يمنع من الإقدام عليها أيا كانت نتائجها إذ يمكن من خلال الشجاعة تقليص السلبيات من خلال الإبتكار والمبادرات الجديدة"، مؤكدا "ان الثقة والشجاعة عاملان أساسيان في تحقيق النجاح، ولكن من المؤكد أن ليس من نجاح من دون فشل. وتابع أن أسوأ أنواع الناس الذين لا يعرفون النجاح هم الذين يجلسون جانبا ويقضون حياتهم من دون إحداث أي تغيير في مجتمعهم بل يواظبون على انتقاد الناجح كما الفاشل".
وتوجه للطلاب قائلا: "لا تخافوا الفشل لأن الخوف من الفشل هو أكبر رادع للشجاعة. ليس من نجاح من دون فشل. وليس من ممثل ينجح على المسرح إن لم يكن خائفا في الكواليس، وليس من قائد ينجح في المعركة إن لم يشعر برهبتها وخطورتها. فلا تخافوا أن تخافوا. بل خافوا وتشجعوا وقوموا بما عليكم أن تقوموا به من دون أن تتركوا الخوف يضعفكم".
وحول المهن الطبية التي يحتاج إليها لبنان، شدد حاصباني عن الحاجة إلى ممرضين وممرضات بمعدل ضعفي الموجودين حاليا. وقال إنه في المستقبل ستكون التكنولوجيا جزءا كبيرا من الرعاية الصحية وأي اختصاصات لها علاقة بالصناعة الصحية التكنولوجية والـROBOTICS تساعد على أن تكون للمرء وظيفة مهمة ومؤثرة في السنوات العشرين المقبلة"، معلنا أنه بـ"صدد وضع مشروع مستقبلي لتأمين التغطية الصحية لجميع اللبنانيين.
وبالنسبة إلى الأوضاع في لبنان، شدد على "ضرورة استعادة المواطنين الثقة بالدولة إذ إن لبنان في هذا المجال يأتي في المرتبة الأخيرة بين سائر الدول". ورأى أن "هذه الثقة تحتاج إلى مسار يبدأ بمصداقية القضاء ونزاهته واستقلاليته وتطبيق مجلس الوزراء للقوانين ومحاسبة الوزراء على أساس تطبيقهم القوانين والتزامهم الشفافية".