ها هو عجز لبنان يُهين العجزة فاليوم نرى سيدة مُسنة تبحثُ في مكباتِ النفايات عن طعامٍ تسدُ به جوعها، ورجلٌ عجوز يجرُ عربة غير قادر على تحريكها، وآخر يجلسُ على أبواب إحدى المطاعم مُنتظراً كيس نفاياته ليأكل بقايا طعام الزبائن، وسيدة تمسح أحذية المارة وتلمعها، في وقتٍ يحتاج الكثيرون إلى تنظيف ضميرهم الحي من مشاهدة تلك المشاهد دون التحرك.
مشاهد الذل في وطننا لبنان كثيرة، وتطال المُسنيين أيضاً الذين رسموا على ملامح وجوههم تعب سنواتٍ طويلة، والمعيب أن بعضهم وجد في مكبات النفايات والشوارع مأوى لرعاية كبر سنهم.
إقرأ أيضًا: 3 حالات إنتحار في أقل من أسبوع.. السلاح المتفلت يقضي على شبابنا
يعيش آلاف المسنين في لبنان واقعًا مريرًا فرضته الأوضاع الإقتصادية المتردية عامًا بعد آخر، مع إستمرار غياب قانون يوفر الضمان الإجتماعي لكبار السن، ويقدّر عدد المسنين في لبنان حوالي أكثر من 400 ألف مسنًا، وهو عدد كبير نسبةً لعدد السكان، وثلث هذا الرقم هو عدد كبار السن الذين لا يزالون يمارسون عملًا مأجورًا ويُخشى من تزايد العدد سنويًّا، ولا ننسى أولئك الذين لا يستطيعون إعالة ذويهم، بسبب ضيق وضعهم، إضافةً إلى ذلك يتعرض المسنون لمشكلات إجتماعيّة وإنسانيّة صعبة، إذ يعتبرهم المجتمع عالة عليه فيشعرون بالإنعزال والإضطهاد والإهمال، وخصوصًا أن لبنان يفتقر إلى سياسة واضحة في ما يتعلق بتأمين الدخل والحماية والرعاية لكبار السن، بسبب التناحر الطائفي والسياسي.
إقرأ أيضًا: الرقيب أحمد غندور في السجن وتهمته انسانيته
وعليه.. آلاف العجزة يصارعون مصيرهم المجهول، حملوا ثقل أعوامهم الغابرة وتشرّدوا على عتبات المنازل ومداخل الأبنية، فإتخذوا من الطرق والأرصفة ملاجئ لهم يحتمون من حرّ الطقس أو البرد، يحملون فراشهم وأثاثهم وأغراضهم الخاصة على أكتافهم، ويتنقّلون من شارع إلى آخر، بعد سماع الإهانات والشتائم وطردهم، بعضهم الأخر يعملون إما في تنظيف الأحذية وإما على عربات الخضار وغيرها من الأعمال التي لا تليق بكبر سنهم.
أصبحت مشاهد هؤلاء العجزة، مؤلمة وحزينة، مع ذلك إعتاد اللبنانيون عليها، هم ضحايا التجاهل والتهميش والإهمال، يتركون في الشوارع والأزقة، فلا من معيل ولا من رعاية رسمية، فأين دور وزارة الشؤون الإجتماعيّة؟ ومتى سيتمّ دمج قضايا المسنين مع القضايا السياسية الأخرى؟