يتوجه الناخبون الإيرانيون الى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم اليوم، بعد أن توقفت أمس الحملات الدعائية تنفيذاً لما يُعرف بيوم «الصمت الانتخابي»، ويُقدر عدد من يحق لهم التصويت فوق سن الثامنة عشرة بنحو 56 مليون مواطن لاختيار الرئيس المقبل وسط حملات مقاطعة شاملة من قبل غالبية أحزاب وتيارات المعارضة في الداخل والخارج والتي تصف الإنتخابات بأنها غير ديموقراطية، لخلوها من مرشح واحد من خارج السلطة.
وبحسب وكالة «تسنيم» الإيرانية، ستجري الانتخابات في 63429 مركز اقتراع و14 ألف صندوق متنقل في إيران، فيما ستجرى الإنتخابات البلدية بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية في أكثر من 141 مدينة عبر التصويت الإلكتروني.
وتنحصر المنافسة في الإنتخابات الرئاسية بين قطبي التيارين المحافظ والمعتدل أي إبراهيم رئيسي المدعوم من قبل المرشد والحرس الثوري والمتشددين، والرئيس الحالي حسن روحاني المدعوم من الإصلاحيين وقوى مستقلة أخرى.
وشهد السباق الإنتخابي انسحاب المرشح محمد باقر قاليباف لصالح رئيسي، في حين انسحب المرشح المحسوب على التيار الإصلاحي إسحاق جهانغيري لصالح روحاني.
أما المرشحون الآخرون وهما مصطفى مير سليم، ومصطفى هاشمي طبا، فتبين استطلاعات الرأي أنهما لن يكسبا الكثير من الأصوات حتى لو لم يسحبا ترشيحيهما في الساعات الأخيرة، لضعف قاعدتيهما الشعبية.
هذا، وتبادل المرشحان رئيسي وروحاني خلال اليوم الأخير من الدعاية الانتخابية الأربعاء الماضي، تراشقاً حاداً واتهامات ضد بعضهما.
وشنّ روحاني هجوماً حاداً في كلمة له في مشهد قبل الصمت الإنتخابي، على رئيسي والمرشد خامنئي والمؤسسات الكبرى في الدولة التي يهيمنون عليها واتهمهم بالاستحواذ على جميع السلطات في البلد.
ويسعى روحاني، حليف الإصلاحيين الذي انتُخب من الجولة الأولى عام 2013 بـ50،7 في المئة من الأصوات، إلى الحصول على ولاية ثانية مدتها أربع سنوات، وهو يطمح برغم عداء واشنطن المُعلن تجاه بلاده، إلى مواصلة الانفتاح الذي بدأ مع توقيع الاتفاق النووي التاريخي مع القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة في تموز 2015.
ويلعب في صالح روحاني الإنخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي كان 40% عام 2013 وبات اليوم نحو 9,5%.
ولكن خارج إطار استئناف تصدير النفط، لم يجذب الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الغرب في عهده ودخل حيّز التنفيذ في كانون الثاني 2016 حتى الآن الاستثمارات الأجنبية المتوقعة التي بلغت بين مليار وملياري دولار فقط، في وقت قالت الحكومة إنها تحتاج الى خمسين ملياراً في السنة لإنعاش الاقتصاد.
ولا يزال المستثمرون والقيمون على البنوك الدولية يبدون تردّداً بسبب موقف الولايات المتحدة التي عزّزت منذ وصول ترامب إلى السلطة العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي، على إيران. كما أنّ هؤلاء يترددون أيضاً بسبب النظام الاقتصادي والمالي غير الشفّاف في إيران.
في المقابل، لا يُشكّك رئيسي بالإتفاق النووي الذي وافق عليه خامنئي، لكنه ينتقد نتائج هذه التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقراً، ويقول إنه يريد الدفاع عن هؤلاء.
ويُسلّط الضوء على الأرقام السيئة للبطالة التي تطال 12,5% من السكان و27% من الشباب، ويتهم حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح «الأوليغارشيّة الأكثر ثراء» في البلاد التي لا تمثل سوى أربعة في المئة من السكان، على حد قوله.
وعلى غرار المرشد الأعلى، يعتقد رئيسي أنّ طريق الخلاص يمرّ قبل كل شيء عبر «اقتصاد المقاومة» الذي يركّز على الانتاج والإستثمارت المحلية.
وفي آخر كلمة له في مدينة مشهد أيضاً (معقله الرئيسي) قبل الصمت الانتخابي، انتقد أداء حكومة روحاني، وقال إن «أكثر من 50 في المئة من طاقة البلاد الإنتاجية جرى تعطيلها أو شبه معطلة، وإن الانكماش في البلاد اليوم حطم رقماً قياسياً، وإن هناك أزمة بطالة وفساد إداري تعيشها البلاد أيضاً».
وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الإنتخابات أو بإمكانية إجراء دورة ثانية في 26 أيار في حال عدم حصول أحد المرشحين على 50% من الأصوات، وسيُشكل ذلك سابقة في إيران، ذلك أن جميع الرؤساء السابقين تم انتخابهم في الدورة الأولى.
يُذكر أن وكيل وزارة الداخلية الإيرانية، محمد حسين مقيمي، أعلن أن نتائج فرز الأصوات للإنتخابات الرئاسية ستُعلن تدريجياً للرأي العام من قبل وزير الداخلية، وسط مخاوف كبيرة من حدوث تزوير واضطرابات، كما حدث في انتخابات عام 2009.