ثمة من يشبّه المرحلة الحالية من تصاعد الخطاب الدولي والإقليمي ضد إيران، بما كان عليه الوضع أيام الحرب الباردة في العام 1967. فاليوم، هناك من يعمل على تعزيز القوى الدولية وتجميع الجهود لمواجهة إيران، إنطلاقاً من وجهة أميركية جديدة، تشدد على وجوب تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة. ورغم تغيّر المعطيات، فإن حلفاء روسيا، أي إيران وحزب الله والنظام السوري، يسعون إلى تصعيد لهجة الخطاب ضد إسرائيل. ما قد يؤدي إلى رفع منسوب التوتر، فتنتهز إسرائيل فرصة لشنّ ضربة ضد الحزب وسط انهماكه في الحرب السورية.
وسط ذلك، يأتي انعقاد القمة الإسلامية الأميركية. ولا شك في أن ثمة حذراً إيرانياً ولدى حزب الله من هذه القمّة، تحسباً لأن تشكل غطاء لشن هجوم أو ضربة ضد محور الممانعة. يستعد الإيرانيون لإمكانية التعرض لهجوم، سواء على المستوى الأمني داخل إيران، أم في الخارج وتحديداً في سوريا. وكذلك الامر بالنسبة إلى حزب الله. فالوضع الداخلي جيد وممسوك، ولكن لا أحد يدرك ما يمكن أن يطرأ، لا سيما بالترافق مع العقوبات وزيادة الضغط. وتتحضر إيران وحزب الله إلى مواجهة المواجهة، ويدرسان كل خيارات التصعيد.
في قراءة هادئة لما تريده إسرائيل من أي ضربة لحزب الله، هو غياب مصطلحات القضاء على الحزب وهزيمته، والاكتفاء بمنعه من الحصول على أي سلاح كاسر للتوازن، أي أن إسرائيل ستمنع حزب الله من الحصول على مزيد من الأسلحة المتطورة، وخصوصاً الصواريخ الكاسرة للتوازن، وآخرها ياخونت التي تعتبر إسرائيل أنها قد تهدد أسطولها البحري. وهذه لا يمكن إلا أن يتم ربطها بالصراع القائم على النفط والبلوكات النفطية في البحر الأبيض المتوسط. منذ دخول الحزب الميدان السوري، وتنفّذ إسرائيل ضربات موضعية له، وتستهدف قوافل لنقل الأسلحة ومواقع يتم تخزين الأسلحة والصواريخ فيها. لكن بحسب التقديرات الإسرائيلية، فعلى الرغم من كل تلك الضربات، استطاع الحزب تعزيز قدرته الصاروخية عبر رفع مخزونه من 100 ألف صاروخ إلى 150 ألفاً. وهذا ما قد يعتبر تخطّياً للخطوط الحمراء. وقد يدفع إسرائيل إلى انتهاز اللحظة المناسبة لتوجيه ضربة.
رغم الخلافات الروسية الأميركية، أو الروسية الإسرائيلية، في شأن توجيه ضربة واسعة لحزب الله، إلا أن الرهان الأميركي والإسرائيلي، يبقى على تغيّر في الموقف الروسي. وهذا ما سيتم الضغط لتحقيقه من خلال القمة الإسلامية الأميركية، لدفع موسكو إلى اتخاذ موقف مغاير، يسمح بتغيير موازين القوى على الساحة السورية، على قاعدة تسيّد الروس على سوريا، بدلاً من مشاركتها مع طهران. وعلى هذا الوتر، قد يلعب الطرف الإسرائيلي، لأجل الدخول في لحظة مناسبة وتوجيه ضربات قاسية. لا يمكن لإسرائيل تنفيذ ضرباتها الجوية بدون التنسيق مع الروس. الآن يكبر الرهان الإسرائيلي على تغيّر في الموقف الروسي، تماماً كما حصل في حرب الأيام الستة في العام 1967، وهزم حلفاء روسيا العرب.