منذ كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن جرود عرسال ودعوته إلى المجموعات المسلّحة هناك للخروج من المنطقة وتجنيب المدنيين شرّ قتال لا أفق له، والضغط يزداد على تلك المجموعات هناك. وفي الأثناء، يستمر الحزب بخوض مفاوضات غير مباشرة مع تلك المجموعات لأجل المغادرة إلى الشمال السوري. ويعزز موقفه بالضغط العسكري، سواء أكان ذلك عبر عمليات دقيقة، موجهة ومحددة أم عبر عمليات القصف. وحديثاً، دخل الجيش اللبناني بقوة على خط تثبيت مواقعه وتعزيزها، وتوجيه ضربات للمجموعات واستهداف تحركاتها في تلك الجرود.
ليل الأربعاء- الخميس، أجرى الجيش اللبناني طلعات استطلاع في أجواء المناطق الجردية. تزامن ذلك مع عمليات قصف مركزة مواقع المجموعات في الجرود. ما دفع برئيس الجمهورية ميشال عون إلى زيارة وزارة الدفاع لمتابعة مسار العمليات من هناك. في الوقت الذي كان فيه الجيش يعلن تحقيق إصابات مباشرة في صفوف تنظيم داعش والمجموعات الأخرى، برز خبر عن استهداف موكب يضم قيادات جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً). ما أدى إلى وقوع إصابات مباشرة في صفوفهم.
هنا، حصل تضارب في الموضوع، إذا ما كان الجيش هو من نفذ العملية أم حزب الله، عبر تفجير وليس عبر قصف صاروخي. وتشير مصادر متابعة لـ"المدن" إلى أن العملية حصلت في القسم الجنوبي من جرود عرسال، أي في منطقة الملاهي بالقرب من وادي الخيل المعقل الرئيسي لجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً). وبحسب المعلومات فإن كل من كان داخل الموكب تم القضاء عليه. لكن لا معلومات مؤكدة إذا ما كان التلّي موجوداً داخل الموكب. وتفيد معلومات حزب الله إلى أن التلّي كان داخل الموكب، فيما هناك من ينفي ذلك. وتلفت المصادر إلى أن لدى الإعلام الحربي في حزب الله تسجيلاً مصوراً للعملية. ولكن لماذا لم يتم الإعلان عن ذلك؟ تجيب المصادر بأن هناك أهدافاً عديدة لذلك، الأول هو إنتظار ردة فعل المجموعات المسلّحة هناك؛ وثانياً التأكد من مقتل التلّي؛ وثالثاً إنتظار ايجاد مخرج لكل ما حصل، خصوصاً أن حزب الله نفّذ العملية بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي وتحليق مروحي للجيش اللبناني في تلك المنطقة. بالتالي، ثمة تنسيق بين الحزب والجيش لأجل توضيح الصورة.
يرصد حزب الله التلّي منذ فترة طويلة. حاول استهدافه في أكثر من مرّة، يمتلك حزب الله فيديو مصوّر لعملية سابقة تستهدف زعيم الجبهة، ويظهر الفيديو كيف نجا التلّي من تلك العملية، وتم نقله وحمايته. أما بخصوص ما حصل بالأمس، فتشير المصادر إلى أن حزب الله كان قد أعد سلسلة متفجرات، أي مجموعة من العبوات المترابطة في طريق الموكب، وفجّرها لحظة عبوره، ولكن كيف حصل ذلك؟ تشير المعلومات إلى أن حزب الله ومنذ فترة غير قصيرة يسجّل العديد من الإختراقات في صفوف هذه المجموعات، وهؤلاء الأشخاص يقومون باعطائه إحداثيات ومعلومات، لأجل تنفيذ ضرباته الدقيقة. وهنا، تعتبر المصادر أن ما يكون قد سهّل الإختراق، هو الخلافات بين بعض القيادات في شأن إنجاز الصفقة ومغادرة تلك المنطقة، إذ إن البعض يريد ذلك، فيما البعض الآخر يعارضه.
وتذكّر المصادر بحادثة سابقة، فلدى اقتحام حزب الله تلّة موسى الإستراتيجية باعتبارها أعلى التلال في القلمون في العام 2014، كانت مجموعة من المسلحين وهي مؤلفة من ثلاثة أشخاص، مرابضة على سفح التلّة، فيما الحزب لا يقوم باستهدافها، أثار الأمر استغراب البعض في بداية الأمر، لكن في النهاية، وبعد السيطرة على التّلة، عُرف أن الأشخاص الثلاثة كانوا على تنسيق مع الحزب، ولذلك لم يتم استهدافهم.
في مقابل ذلك، تنفي مصادر في المعارضة السورية هذا الخبر، وتقول إن التلي لم يكن في الموقع، بل ما حصل، هو أمر معتاد عبر إطلاق الحزب والجيش اللبناني الصواريخ والقذائف باتجاه الجرود، إنما بدون تحقيق أي إصابات، ولا تنفي المصادر وجود مزيد من المبادرات لأجل الوصول إلى حلّ في تلك المنطقة، لكن حتى الآن لاتزال المجموعات متمسّكة ببقائها هناك، فيما حزب الله يصرّ على إنجاز هذا الملف بأسرع وقت ممكن، لتغدو المنطقة بكاملها خاضعة لسيطرته.