وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يطالب باستبدال المنسق الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش
 

قالت مصادر أميركية تابعت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى واشنطن، إن ما صدر عن القيادة التركية بعد عودة أردوغان إلى بلاده يكشف أن أنقرة لم تلق آذانا صاغية من قبل الإدارة الأميركية للاستجابة إلى مطالب الرئيس التركي، لا سيما المتعلقة بقوات حماية الشعب الكردية وبمسألة تسليم الداعية التركي فتح الله كولن الموجود في منفاه الاختياري في بنسلفانيا بالولايات المتحدة.

ورأت هذه المصادر أن تصريحات الرئيس التركي بشأن خطط أنقرة العسكرية ضد قوات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، التي تعتبرها أنقرة إرهابية على علاقة بحزب العمال الكردستاني، تنم أيضا عن موقفين. فمن جهة يهدد أردوغان بضرب مواقع القوات الكردية في شمال سوريا دون الرجوع إلى أحد، ومن جهة ثانية فإن اشتراط الأمر على تعرض القوات التركية لأي هجمات من قبل القوات الكردية تلك هدفه تفريغ تهديداته من أي سلوكيات تنفيذية.

ونقلت صحيفة صباح التركية عن أردوغان قوله “أبلغناهم (أثناء زيارته لواشنطن) ذلك بوضوح: إذا وقع هجوم من أي نوع على تركيا من جانب وحدات حماية الشعب الكردية السورية أو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي فإننا سنطبق قواعد الاشتباك دون الرجوع لأحد”.

وقال أردوغان إن الولايات المتحدة اتخذت قرارها بشأن عملية الرقة ولن تتمكن تركيا من المشاركة بسبب مشاركة وحدات حماية الشعب.

ورأت أوساط تركية مراقبة أن موقف أردوغان الذي يبدو صقوريا في الشكل، إلا أنه يكشف في المضمون عن خضوعه للإرادة الأميركية بأن لا مكان لتركيا في معركة الرقة.

وأضافت هذه الأوساط أن تهديد أردوغان بضرب الأكراد هو للاستهلاك الداخلي التركي طالما أن لا خطط للقوات الكردية بمهاجمة القوات التركية وفق الرعاية الأميركية التي تحظى بها. لكن هذه الأوساط لفتت إلى أن أردوغان يعوّل على ما بعد معركة الرقة بقوله “أعتقد أنهم سيلجأون لنا في ما يتعلق بموضوع سوريا”.

واعتبرت مراجع دبلوماسية غربية متابعة للشؤون التركية أن مطالبة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بإزاحة بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي في التحالف الدولي ضد داعش، هو محاولة لإخفاء الخلاف بين أنقرة وواشنطن وخفضه إلى مستوى تقني يتعلق بشخص الدبلوماسي الأميركي.

وقال الوزير التركي إن ماكغورك “يدعم بوضوح” مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا وانفصاليي حزب العمال الكردستاني في تركيا. وهناك فائدة في استبداله.


جدعون راشمان: تركيا علمت الولايات المتحدة كيف تموت الديمقراطية خلال زيارة أردوغان
وأضاف “أبلغنا الأميركيين عن أسفنا لعدم إنصاتهم للمقترحات التركية في عام 2012، الخاصة بحل الأزمة السورية، وأكّدنا لهم أنّ تركيا لن تشارك في أي عملية عسكرية في حال وجود عناصر قوات حماية الشعب الإرهابية”.

ورأت مصادر أوروبية أن الأزمة الحالية بين تركيا وألمانيا تهدف إلى إظهار موقف تركي متشدد في مقاربة العلاقة مع الغرب عامة وألمانيا خاصة بهدف التخفيف من الخيبة التي تلقاها أردوغان في نهاية زيارته إلى واشنطن.

وقال أوغلو إن تركيا لن ترجو ألمانيا للبقاء في قاعدة إنجرليك التركية التي تنطلق منها طائرات التحالف الدولي لضرب مواقع تنظيم الدولة الإسلامية وهددت برلين بالانسحاب منها. مضيفا أن “عليهم أن يقرروا بأنفسهم، نحن لن نرجوهم البقاء”.

وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وصفت الاثنين رفض أنقرة السماح لنواب ألمان بزيارة جنود ألمان في القاعدة بأنه “مؤسف” وألمحت إلى البحث عن “بدائل” عن إنجرليك مثل الأردن.

وعلى الرغم من محاولات تجري لتخفيف التوتر بين برلين وأنقرة سواء من خلال تصريحات ألمانية أو من خلال تأكيد الحلف الأطلسي أنه لن يكون طرفا في النزاع الحالي بين تركيا وألمانيا، إلا أن المراقبين يعتبرون أن ضررا كبيرا أصاب علاقات تركيا الغربية في الأيام الأخيرة. ودعا رودريش كيزفتر خبير شؤون السياسة الخارجية بحزب المستشارة الألمانية المسيحي الديمقراطي لبقاء الجنود الألمان في قاعدة “إنجرليك” الجوية التركية.

وقال “ليس بالضرورة أن يتم السماح لنواب برلمانيين بزيارة القاعدة. حق الزيارة مهم، ولكنه لا يسهم في تحسين الوضع أو جعله سيئا هناك”.

من جهته، أشار ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أنه لا يرى دورا للوساطة بالنسبة للحلف، وقال على هامش اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي “هذا النقاش يعد شأنا ثنائيا بين تركيا وألمانيا”.

وأكدت مصادر تركية معارضة أن حادث الشجار بين محتجين مع حماية أردوغان الذي جرى أمام السفارة التركية في واشنطن يعبر عن وجه من أوجه التوتر بين أنقرة وواشنطن، وأن تبادل الخطب الودية الدبلوماسية بين أردوغان وترامب لم يستطع مواراة بقاء الهوة متسعة بين البلدين، على الرغم من تعويل أردوغان على شخص الرئيس ترامب لإصلاح ذات البين بين البلدين بعد التوتر الذي شاب علاقات البلدين إبان عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

وقال السناتور الأميركي جون مكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ “علينا أن نرمي سفيرهم خارج الولايات المتحدة (…) هذا النوع من الأمور يجب ألا يمر من دون رد دبلوماسي”.

ووصف المحلل السياسي جدعون راشمان زيارة أردوغان إلى واشنطن بأن “تركيا ستعلم الولايات المتحدة كيف تموت الديمقراطية”.

وقال في تقرير بصحيفة فايننشال تايمز إن أردوغان وترامب “حولا بلديهما إلى شركة عائلية واستندا على ولاء أسرتيهما جيرارد كوشنير وبيرات البيارك”.

وأوضح أن الفارق بين الرئيسين أن أردوغان نجح في جعل البلاد تتجه إلى حكم الفرد المطلق، كما نجح في السيطرة على وسائل الإعلام والنظام القضائي في طريقة تعتبر شبه مستحيلة في أميركا.