تتفاعل قضية التعدي على الأملاك العامة الحاصلة مؤخراً في مشهد متجدد يكرس نفوذ أصحاب السلطه المهيمنين في سبيل تمكين مصالحهم المالية والسلطوية.
في إطار تثبيت المصلحة الفئوية والخاصة على المنفعة العامة حتى ولو كانت على حساب الحق العام وحق المواطن.
أهم هذه المشاهد ما يحصل على إمتداد الشاطئ اللبناني وآخرها مشروع الرملة البيضاء، في ظل غياب سلطة القضاء وانعدام هيبة الدولة ومؤسساتها.
وغياب المساءلة الحقيقية وتحت نفوذ المال والترهيب والوعيد. واستغلال القضاء في مكان ما لحماية هذه التعديات.
اما ما خرج علينا مؤخرا واعتبر سابقة حقيقية في استغلال الملك العام بغطاء سلطوي وتحت أعين كافة الأجهزة الرقابية والأمنية والبلدية، لا يمكن أن يوصف الا بوصمة عار في عهد الاصلاح الموعود. وترسيخ مبدأ شريعة الغاب.
تعتبر مدينة صور، من أهم المدن الساحلية اقتصادياً وتراثياً، وتشكل ملجأ للقضاء لجهة الحاجة التجارية والخدماتية، ويمكن اعتبارها المتنفس الوحيد للمنطقة الجنوبية لأهمية موقعها وسهولة الوصول إليها.
ولا يمكن التغافل عن مدى صعوبة التنقل في هكذا مدينة ذات أهمية كبيرة في ظل المخالفات والتعديات التي تعتبر حالة عامة تعمل المؤسسات الحكومية على حلها رغم قلة الحيلة وضعف الإمكانيات. وانعدام التخطيط المدني والاستراتيجي الذي يسمح بتسهيل تحركات المواطنين وتسيير شؤون حياتهم .
يتصدر المشهد منذ أسبوع تعديا واضحا على الأملاك العامة الحاصل في منطقة العباسية العقارية التي تشكل مساحة كبيرة على المدخل الشمالي لمدينة صور.
والتي تحولت منذ سنوات إلى خط تجاري حيوي بعدما اعتبرت مدينة صور، مدينة سياحية بامتياز واخرجت جميع المحال التجارية منها بسبب صعوبة المرور والتحرك الناتجة عن أعمال توسيع الأرصفة وأقفال معظم الساحات التي كانت تعتبر متنفسا اقتصاديا منذ عقود. وتنفيذا لما سمي مشروع "الإرث الثقافي" الذي حول طرقات المدينة الى مساحات مقتولة ومهدورة .
هذا التعدي أقدم عليه أحد المتمولين المحسوبين على أحد التيارات السياسية في المنطقة، ضاربا بعرض الحائط كافة الأنظمة والقوانين، في ظل إخبار تقدم به المجتمع المدني إلى عدة جهات رقابية وأمنية أهمها مكتب وزير الدولة لمكافحة الفساد ووزير الأشغال العامة والنقل.
ولا يخفى على أحد بأن استمرار هذا التعدي إلى اليوم، يشرح فصول السيطرة التامة والغطاء السياسي لاستكمال أعمال التعدي. ومدى تغلغل الفساد الإداري وانعدام الرقابة والمحاسبة في الدوائر الحكومية .
ويشكل هذا التعدي سابقة، إذ أنه يكرس استخدام أملاك عامة مستملكة بموجب مرسوم صادر عام 2002 عن وزارة الاشغال العامة والنقل. ولكأنه إشعار للآخرين بالإقدام على مثل هذا العمل.
وبعد مراجعات عديدة من قبل مواطنين وناشطين في المجتمع المدني لبلدية العباسية، لم يتم التوصل إلى نتيجة رغم اعتراف المعنيين فيها بأن الأشغال القائمة تشكل تعديا واضحا على الأملاك العامة وقد أبلغ منفذ الأشغال بالموضوع. غير أن الأعمال ما زالت قائمة من غير حسيب ولا رقيب .
ويبقى السؤال متى تتحرك الجهات المختصة والمعنية لوقف هذا الهدر والفساد ومتى تقوم بالدور المنوط بها لبسط سلطتها وتنفيذ القوانين.