لا شك بأن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض بعد أيام ( 20- 21 ) كأول زيارة له بعد إنتخابه إلى الخارج، وطبيعة الدعوات الموجهة إلى رؤساء وقادة دول عربية وإسلامية، ستكون زيارة مفصلية ولها ما لها من تداعيات على المنطقة، يساهم بهذا الفهم ما أعلن بصراحة عن أهم أهدافها المطروحة على طاولة البحث كأولوية وهو كيفية الحد من النفوذ الإيراني بالمنطقة وتقليص دور أذرعتها في الدول العربية.
هناك محاولة للمقارنة بين هذا التجمع الدولي المزمع عقده في الرياض، وبين الإجتماع الذي عقد في شرم الشيخ ب 13 آذار 1996، للقول أولًا أنه وكما أن لقاء شرم الشيخ الذي نتج عنه بعد أقل من شهر عدوان نيسان على لبنان بهدف القضاء على المقاومة وفشل العدوان يومها وحققت " المقاومة " إنتصارًا حقيقيًا فكذلك ستكون الحال مع لقاء الرياض.
إقرأ أيضًا: سر « عنترة » باسيل !
والهدف الثاني من المقارنة هو القول بأن الدول التي إجتمعت أول مرة هي نفسها التي تجتمع اليوم والهدف هو هو " المقاومة " وذلك خدمة للعدو الإسرائيلي، مما يضع كل المجتمعين بالرياض في خانة المعادين "للمقاومة" والعمالة لمصلحة إسرائيل بدون أي استثناء!
يبقى أن نقول في هذا السياق بأن المقارنة بين الإجتماعين والمطابقة بينهما بدون الأخذ بعين الإعتبار للمسافة الزمنية أولًا ( 21 سنة )، وما تخللها من تحولات وتقلبات بالخصوص في السنوات العشر الأخيرة فيه الكثير من الإجحاف ومجافات للحقيقة، وبالأخص عندما يتعمد أصحاب المقارنة إلى تجاهل الظروف الموضوعية لكلا اللقائين.
ففي لقاء شرم الشيخ مثلًا، أصر الجانب العربي أن يعقد اللقاء تحت عنوان ( صانعي السلام )، وليس محاربة الإرهاب كما كان يرغب بيل كلينتون ومعه اسرائيل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل بأن خلافًا عميقًا كان يدور في ذلك الزمن حول تصنيف " المقاومة " بالإرهاب إن من الجانب العربي أو حتى الأوروبي والفرنسي على وجه الخصوص، وهذا ما تلمسناه من الجانب العربي بعد العدوان والدور الذي إضطلع فيه الشهيد الحريري الداعم للمقاومة وللنصر السياسي الذي تتوج بتفاهم نيسان يومذاك.
إقرأ أيضًا: لو ترشح محمد رعد بإيران لرجمه الشعب!
أما اليوم، وبعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وبعد أن تحول حزب الله إلى ذراع إيراني تستعمله في خدمة مشروعها داخل الدول العربية ( لبنان- سوريا - اليمن - العراق - البحرين - السعودية - ... ) فلا معنى الآن لإدخال الصراع مع العدو الإسرائيلي بالمقارنة، فحزب الله وخلفه إيران لم يعد يمارس منذ سنوات أي عمل مقاوم إلا ( بالزمان والمكان المناسبين ).
هذا التحول والتغيير في وجهة بندقية الحزب والذي ساهم إلى حد كبير بإبعاد العداء لإسرائيل كمبرر وجود وإحتضان ولو من باب الخجل عند الحكام العرب، ومن باب مراعاة الحد الأدنى للوجدان الشعبي، هي التي جعلت من حزب الله العدو رقم 1، في نظر كل الدول العربية حكامًا وشعوبًا هذه المرة، وبالتالي فإن أي مقارنة لا تأخذ بعين الإعتبار هذا التحول الضخم، لا يعدو أكثر من بروبوغندا إعلامية تهدف إلى ذر الرماد في العيون، ولن ينفع كل هذا الضجيج ما لم تعمل إيران سريعًا ومعها حزب الله إلى إعادة قراءة المرحلة والسعي للتراجع والتموضع بالمكان الصح، لأن ما يقال قديمًا قد لا يصح الآن.