هذا فيديو يتم نشره، وهو يحكي سيناريو - من وجهة نظر إيرانية - لحظة ظهور الإمام المهدي (ع) وكيف تفاعلت الأطراف المختلفة مع هذا الحدث العظيم.
ما لفت انتباهي في الفيديو هو أن صانعيه يستمرون ببث الدعايات التي تفيد أن إيران وأتباعها هم قطب الرحى في التمهيد لظهور المهدي (ع) وأنهم كذلك عند ظهوره، متغافلين عن عمد عن عدة نقاط مركزية في القضية المهدوية.
الأولى: راية اليماني التي تخرج من اليمن هي الراية الأساس في نصرة الإمام وليس الراية الإيرانية التي لا يُعلم أساساً حال إيران عند ظهور الإمام، وهل ما زالت دولة واحدة موحدة أم أن الحرب الأهلية التي تحصل فيها كما تذكر الروايات قد مزّقتها وبقي منها نُزُرٌ يسير ينتظرون وصول المهدي إلى حدودهم مع العراق كي يسلموا له أمرهم بعد خلاف يحصل بين الإيرانيين على أصل التسليم له (ع)، مع لفت الإنتباه إلى أن القيادة الإيرانية الحالية قد ورطت الحوثيين واليمن كله وجعلتهم يتسببون بما يجري الآن في اليمن كي لا تكون هناك دولة ونظام يحكم في اليمن ويديره شيعة إثنا عشريون، وذلك خوفا من انصراف شيعة العالم عن تولي إيران وتوليهم القيادة اليمنية الإثني عشرية فيما لو قامت لهم دولة هناك، وذلك بسبب ارتكاز قضية اليماني في أذهان الشيعة وأن رايته هي الراية الأهدى بل راية هدى على الإطلاق، وهذ نفسه ما فعله الإيرانيون بالعراق، حيث مزقوا الشيعة فيه حتى لا تقوم لهم قائمة ولكي يستمروا بالإستنجاد بها بدل أن يحوز العراق ولاء شيعة العالم وينصرفوا عن ولائهم لإيران!!
إقرأ أيضًا: إلى المنافقين الزنادقة أعداء المهدي (ع)
ثانياً: يحاول الفيديو أن يُصَوِّر إيران وحكامها وقت ظهور الإمام أنهم قادة الشيعة في العالم، بينما الواقع سيكون غير ذلك كلياً، وهنا يتبيَّن لنا أن المقصود من هذا الفيديو هو التوغل في استقطاب الشباب الشيعي وإيهامهم عبر مخاطبة اللاوعي عندهم بأن "الممول الإيراني" هو حامل الراية المهدوية الآن، متغافلين عن عمد أن المسلمين جميعاً -باستثناء فئة صغيرة - سيستقبلون الإمام المهدي (ع)، بل سيكونون في أشد الشوق إليه، وذلك كما تفيد الرواية التي تتحدث عن الزمن الملاصق لظهور الإمام (ع) فتقول: (يطلب الناس المهدي)، والمقصود بالناس ليس الشيعة فقط أو المسلمين فقط، بل البشرية جمعاء، وطلب الناس للمهدي (ع) سيحصل بسبب ما سيلحق البشرية جمعاء من ظلم وجور شامل ومهول، وما يجري اليوم ليس بشيء عما سيحصل من جور عظيم في آتي الأيام.
ثالثاً: يُظهِر الفيديو أن الأمور لحظة ظهور الإمام على أفضل ما يكون، وأن فتيات من أتباع إيران يُذِعن هذا الخبر العظيم وهن تحت تبريد المكيفات، وقد فات معد الفيديو أن الخراب سيكون فظيعاً عند الظهور الميمون وأن الإمام المهدي (ع) سوف يعاتبهن ويعاتب معد هذا الفيديو على ظهورهن وإظهارهن أمام الملأ، وأنه (ع) سوف يجعلهن في داخل بيوتهن قرب أهلهن أو أزواجهن وأبنائهن، وهذا قد يؤدي إلى تكذيبهن للإمام والتحاقهن بخصومه، حيث أن النساء من بيئة أتباع ىإيران يتخيلن أن الإمام المهدي (ع) سيخرج ليعزف لهن على الغيتار!!
إقرأ أيضًا: يا شيعة لبنان : إحذروا الفتن والدسائس !
أخيراً، تركيز الفيديو على إيران ودورها المحوري في استقبال الإمام وتهنئة حاكمها الخامنئي بظهوره، وإغفال أدوار كبرى لرايات أهدى من راية الفرس في نصرة الإمام، بل هي رايات هدى على الإطلاق، هو عمل دعائي سياسي يستمر في استغلال قضية إسلامية كبرى كقضية ظهور المهدي (ع) بل قضية إنسانية عامة، وتحريف هذه القضية وإعطائها بُعداً مذهبياً محضاً، مع العلم أن تفاصيل ظهور الإمام وما يسبقه قد رواها علماء سنة ونحن نقلنا عنهم كعلماء شيعة هذه الروايات، وهذا يعني أن هذا الفيديو يُبَغِّض الإمام المهدي للسنة ويصوره لهم على أنه قائد شيعي مذهبي، سيكمل ما قام به زعماء شيعة قبل الظهور من سرقات كبرى ودخول في فتن بين المسلمين وتحويل أنفسهم إلى أصنام تُعبد من دون الله!!
الإمام المهدي (ع) هو رسالة الرحمة من السماء لأهل الأرض، وليس زعيماً حزبياً أو مذهبياً كحال من نعايشهم اليوم من قادة أوصلوا الأمور إلى حد أنه أصبح حلم شيعة إيران والعراق ولبنان وأفغانستان هو العيش في بلاد الغرب "الكافر"!!