هو يومُ مضى وفيه ما فيه من المضامين.
١٧ أيار ١٩٨٣ كان سبقَ انقاذٍ وحلاً جذرياً لسنواتٍ عجافٍ أتت بعده وستستكمل حتى العودة الى الترحم على تلك البطولة المزيفة، التي اصبحت علكة سائغة في فم من لا يفهم من مضامين الحياة شيء.
انه زمن مضى..
انه تاريخ للذكرى اصبح أثرٌ بعد عين.
١٧ أيار كان خيارٌ لا بد منه في تلك الحقبة، وكان لبنان في حينها يرزح تحت نير اجتياح وصل للعاصمة بيروت، ودمر ما دمر، وقتل ما قتل من الابرياء، وارتكبت المجازر الفضيعة واغلبها بأيادٍ لبنانية، كانت قد حجزت موقع لها في صفوف الممانعة ومحور المقاومة، وكان خيارُ السابع عشر من ايار، خيارُ المرارةِ بطعم الحلاوة.
السابع عشر من ايار
انه وبعد مضي ٣٤ سنة على الغاء ابرام ذاك الاتفاق، احسسنا بعزة النصر ووجدان الذات، احسسنا بالنصر على العدو وبحفظ ارض الوطن الذي اخذ ينعم بالرخاء والبحبوحة والاقتصاد الزاهر، احسسنا اننا لسنا بحاجة الى دعم الدول ولا الى الهبات ولا القروض، اصبحنا نتمتع بقدرة عالية على تأمين الكهرباء وبيع الفائض منها، واصبح لدينا استثمار هائل لمياه الليطاني الذي هو هدف لاطماع اسرائيل، فروينا ارضنا وشربنا من مياهه واقمنا المسابح والمنتجعات على ضفافه نظرا لما يحتويه من نظافة ووضع صحي.
لقد تغنى الكثيرُ من سياسيي لبنان بنصرٍ على اتفاق ١٧ ايار، ولُعِن القليل منهم لتأييدهم الاتفاق، لا بل تمت اللعنة لسياسيٍ واحدٍ دون غيره، "كرها منا لابيك" ليس إلا.
انه صراعٌ مبرمج لالغاء "فلان" والحلول مكانه، ولا هم لديهم سوى الكذب وفبركة القيل والقال.
وكم من احدٍ لا يعرفُ عن ١٧ ايار سوى اسمهُ؟
وكم من بشر ترفض لان زعيمها رافض؟
وكم من الكثير الكثير لا يعرفون مضمون ١٧ ايار؟
المعترضون "بالصدفة" ادعوا البطولة.
والمصوِّتون عليه اصبحوا في اعلى المناصب لانهم تزلفوا للوصاية التي ارادت ١٧ ايار، لتريد الغاءه وصولا لخراب لبنان.
الياس الهراوي اصبح رئيس الجمهورية ووقع على ١٧ ايار .
عادل عسيران عين وزيرا للدفاع وهو من موقعي ١٧ ايار.
علي الخليل اصبح نائبا في كتلة الممانعة.
عبد اللطيف الزين اصبح نائبا في كتلة الممانعة.
رينه معوض انتخب رئيسا للجمهورية .
وايضا..
بطرس حرب وباخوس والمر وغانم وواكيم والخطيبين
وووووو ..
والاغرب من هذا كله تحويل الصدفة الى قرارِ بطولة.
انها بطولة واكيم وزاهر.
فالاول لم يصوت على الاتفاق، والثاني كذلك
الاول رد على سؤال لاحدى الصحفيات: انه لم يصوت على الاتفاق لاستحالة التنفيذ من قبل اسرائيل.
والثاني رد: انه لم يصوت على الاتفاق ليُضْفي على البرلمان جوٌ من الديمقراطية.
هذا هو شأن الواقع من شأنية اكليل الغار.
لن نخجل بقول الحق بعد معايشتنا لواقعٍ يحكمه الدم والقتل والاستنزاف.
لن نغير رأينا، لان البديل لم يجدي لنا حياة كريمة.
الغيتم ورقصتم وتغنيتم ثم وصلتم الى التنسيق بين الاسرائيلي واللبناني عبر اليونيفيل في الناقورة منذ حرب ١٩٩٦.
الغيتم وتغنيتم ورقصتم وانتصرتم نصراً الهياً باتفاق ١٧٠١ الذي يُشبه الى حدٍ كبير اتفاق ١٧ ايار، لا بل يزيد ضغطاً على لبنان .
بالامس "عارٌ" على لبنان لأن القائد خارج الحكم.
واليوم "تاج" و "نصر" لأن القائد داخل الحكم.
هو صراع على عقول الصغار.
يوماً ما سيعود ما هو اعنف واكثر واكبر من الاتفاقين ١٧ ايار و ١٧٠١ لنلقى على انفسنا "ساعة الندم" التي لا نتمناها.
ما يتضمنه الاول يحتويه الثاني.
وما بين الاول والثاني تدمر لبنان ٥ مرات، قُتِل ما قُتِل من الأبرياء، وانهار لبنان حتى اصبح في حضيض الترتيب العالمي.
أفلس لبنان على ايدي "رافضي" ١٧ ايار.
ولكن الخدمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية وازدهار البنى التحتية وتعويمنا مالياً جاء بفعل ١٧٠١.
والى صبحٍ جديد نتمناه للبنان.
عشتم وعاشت الممانعة عصيِّةً على دربِ الاعتراض .
١٧ ايار ٱكليل غار.
علي عيد