توجه وفد نيابي ومصرفي لبناني إلى واشنطن، للبحث مع المسؤولين الأميركيين في العقوبات الجديدة، التي تعكف وزارة الخزانة الأميركية على فرضها على «حزب الله» ومؤسسات وشخصيات قريبة منه، ومحاولة الحد من تداعياتها على الوضع المالي والقطاع المصرفي، الذي يبقى الرافعة الأساسية للوضع الاقتصادي المتعّثر بفعل تراجع النمو، وزيادة العجز في ميزانية الدولة.
ومع أن برنامج الزيارة حافل بالمواعيد، وأفادت معلومات بأن الوفد بدأ لقاءاته مع نواب مؤثرين في الكونغرس، وشخصيات في الإدارة الأميركية، إلا أن مصادر متابعة تؤكد أن مهّمة الوفد اللبناني ستكون صعبة للغاية، في ظل التشدد الأميركي حيال إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة، لا سيما «حزب الله» الذي يوجد بق ّوة في مناطق الصراع في المنطقة، من سوريا إلى العراق واليمن... وغيرها.
إذ أوضح مصدر مصرفي لبناني أن «الوفد اللبناني يحمل ملفاً مع المسؤولين الأميركيين». وأكد المصدر ، أن «مهمة الوفد ستكون صعبة هذه المرة، وهو يخشى من شيء مخّبأ». وتابع: «نحن نخشى توسيع العقوبات الأميركية لتطال شخصيات ومؤسسات وشركات وجمعيات غير مرتبطة بـ(حزب الله)، وبالتالي المهّمة ستكون صعبة للغاية».
يذكر أنه سبق لوفد نيابي لبناني أن زار الولايات المتحدة العام الماضي، ونجح بعد جهد كبير في تخفيف وطأة العقوبات المالية المفروضة على الحزب. وأشار عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب باسم الشاب، إلى أن «القانون الأميركي المتعلّق برزمة العقوبات المالية الجديدة لم يصدر بعد، وما زال الأمر في إطار مسودة القانون». وأكد، أن «زيارة الوفد النيابي المصرفي إلى واشنطن ضرورية، لتبادل الآراء وشرح وجهة النظر اللبنانية، والح ّد من مخاطر القانون العتيد».
وشدد الشاب، الذي كان أحد أعضاء الوفد النيابي اللبناني في الزيارة السابقة إلى واشنطن، على أن «أهداف الزيارة المرتقبة، لن تتوقف عند محاولة الح ّد من مخاطر قانون العقوبات الأميركي فحسب... بل نحن نعتمد على الولايات المتحدة في دعمها العسكري للجيش اللبناني، والقطاع التعليمي والبنى التحتية، الذي يق ّدر ، عدا التمويل الأميركي لقوات (الونيفيل) في الجنوب، التي ترعى تطبيق القرار بـ250 مليون دولار سنوياً (1701 ،(ودعمها (أونروا) ومساعداتها للنازحين السوريين». ولفت إلى أنه «بعد قرار وزارة الخزانة الأميركية خفض المساعدات الخارجية، سيحاول لبنان إبقاء هذه المساعدات على ما هي عليه».
ً
يذكر أن العقوبات المالية السابقة ضد «حزب الله»، فرضت قيودا تعكف المصارف اللبنانية على اتباعها رغم تعقيداتها، وقال المصدر المصرفي إن «العقوبات السابقة التي طالت الحزب وأشخاصاً مقربين منه، حّتمت على المصارف اتباع إجراءات مشددة، دفعت المصارف إلى إجراء تحقيق عند محاولة كل سياسي أن يفتح حساب لديها». وتابع: «لا شك لدينا خوف من توسيع دائرة العقوبات، في ظ ّل المعلومات التي تتحدث عن شمولها أحزاباً سياسية وشخصيات حليفة للحزب، بما يفاقم الضرر على لبنان ككل». ووصف المصدر المصرفي مهّمة الوفد اللبناني بـ«الصعبة». ورأى أنه «لا مناص من الالتزام بالقيود التي تضعها وزارة الخزانة الأميركية، لأن 64 في المائة من اقتصاد العالم بيد الأميركيين، وأي تحويلات بالدولار ستمّر ُحكماً عبر المؤسسات الاميركية مشيرا إلى أن «دولاً عظمى مثل الصين وفرنسا وحتى روسيا، لا تتجّرأ على مخالفة المؤسسات الأميركية»، مشيرا القوانين المالية الأميركية، فكيف لبلد صغير مثل لبنان؟».
ولا يخفي المعنيون بمتابعة الملف أن الوفد اللبناني سيخوض محادثات شاقة مع الجانب الأميركي، لكن النائب باسم الشاب، أوضح أن الوفد سيتقاسم الأدوار في واشنطن، وقال إن «الوفد المصرفي سيتولى مع المعنيين في الإدارة الأميركية، محاولة تخفيف أضرار العقوبات المالية، بما يجّنب القطاع المصرفي والنظام إلى المالي أي انتكاسة، أما الوفد النيابي فسيبحث مسألة الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني»، لافتاً في الوقت نفسه بأن «أهمية التعاون اللبناني الأميركي في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب»، مذكر «مئات الشباب اللبناني الذين يتخرجون في الجامعات، يذهبون للعمل في الولايات المتحدة الأميركية».
وقال: «ليس لدينا خيار إلا مواصلة الحوار مع الأميركيين، لأن علاقات البلدين طويلة ويجب أن تستمر وتتطّور نحو الأفضل».