طارت كل الانجازات وعادت الامور إلى المربع الاول ... تشاؤم يسيطر
المستقبل :
فاحت روائح الموت المنبعثة من «محرقة الجثث» الأسدية بقوة داخل مقر الأمم المتحدة في جنيف، مع بدء الجولة السادسة للمفاوضات السورية، التي دخلها نظام دمشق بإصرار على المضي بالقتل والتدمير غير عابئ حتى بـ«مناطق خفض التصعيد» المُفترض أنها مضمونة من قبل حليفيه الرئيسيين، روسيا وإيران، موقعاً عشرات الضحايا بالغارات والقصف، ما بدد آمالاً قليلة أصلاً بإمكان أن تنتهي هذه الجولة بأفضل من سابقاتها.
وإذا كان نظام بشار الأسد راهن على أن ثمار «الآستانة 4» برعاية روسيا سيقطفها في «جنيف 6» معززاً بمكاسب على الأرض بعد نجاحه في التهجير القسري لأحياء دمشقية عدة، فإن خطوة «قلب الطاولة» من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عشية المفاوضات الجديدة، بكشف أدلة نامت عليها إدارة باراك أوباما طويلاً عن استخدام «محرقة جثث» في سجن صيدنايا، من شأنها ربما أن تُعيد الحسابات عبر فرض ضغط أخلاقي على من يسندون هذه النظام لتحريك الأمور باتجاه حل سياسي يوقف المحارق والإبادات.
ووفقاً لموفد «العربية» إلى جنيف فإن وفد المعارضة سيقدم للمبعوث الأممي ستافان دي ميستورا ملفاً عن جرائم الأسد ضد معتقلي سجن صيدنايا، وستطالبه بإضافة «محرقة الجثث» إلى سلة «مكافحة الإرهاب».
رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري أكد أن الوقت قد حان لمحاسبة مرتكبي الجرائم، حيث يستمر نظام الأسد بحربه ضد الشعب السوري منذ ست سنوات.
وقال الحريري في مؤتمر صحافي: «يجب على العالم أن يتحرك لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا»، مؤكداً أن هذا الملف سيكون حاضراً في المفاوضات الجارية حالياً.
وأعلنت باريس أمس أنها أخذت علماً بالمعلومات الأميركية حول محرقة الجثث وطالبت بـ«تحقيق دولي في أسرع وقت».
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في بيان: «إن هذا الاتهام في غاية الخطورة»، مشدداً على أن للنظام السوري «ماضياً مُثقلاً بالرعب».
أضاف البيان: «إن فرنسا تُطالب بإجراء تحقيق دولي في أسرع وقت حول سجن صيدنايا»، كما «دعت كل داعمي النظام وبخاصة روسيا الى استخدام نفوذها لدى دمشق» للسماح للجنة تحقيق دولية وللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجن.
وكانت واشنطن اتهمت أول من أمس النظام السوري بإقامة محرقة جثث داخل سجن صيدنايا أحرق فيه قسم من آلاف الجثث لسجناء قتلوا فيه خلال السنوات القليلة الماضية. وكشفت وزارة الخارجية الأميركية صوراً، مأخوذة من الأقمار الاصطناعية رفع طابع السرية عنها، لهذا السجن في صيدنايا في شمال دمشق.
وتعود الصور الى نيسان 2017 ونيسان 2016 وكانون الثاني 2015 وآب 2013، وتبدو فيها صور مبانٍ أحدها كتب تحته «السجن الرئيسي» وتحت صورة اخرى «محرقة الجثث المحتملة».
وتتقاطع هذه المعلومات الأميركية مع تقرير مدعم بصور مأخوذة من أقمار اصطناعية نشرته منظمة العفو الدولية في شباط الماضي ويتهم النظام السوري بشنق نحو 13 ألف شخص بين عامي 2011 و2015 في هذا السجن. ونددت المنظمة بما وصفته «سياسة إبادة» تتضمن «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
واعتبرت المندوبة الأميركية الدائمة في الأمم المتحدة نيكي هايلي ان «المجازر الجماعية التي يرتكبها نظام بشار الأسد في المحرقة بسجن صيدنايا تذّكرنا بأكبر الجرائم ضد الإنسانية في القرن العشرين».
وقالت هايلي في بيان إن «نظام الأسد يُمارس الإرهاب ضد شعبه بشكل وحشي وممنهج». وشددت على أن «الأسد يتحمل مسؤولية تلك الوحشية، كما أن روسيا وإيران تتحملان جزءاً من تلك الهمجية».
ولفتت هايلي إلى أن «روسيا وإيران قدمتا الدعم (لنظام الأسد) في عمليات الخطف والتعذيب، والإعدام من دون محاكمة، إلى جانب غاراته الجوية وهجماته بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية».
وقالت هايلي: «العالم بأسره مدرك لوحشية النظام السوري، وقد حان وقت أن تنضم روسيا لنا».
وأعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغريك أن الأمم المتحدة تلقت العديد من التقارير المروعة عن وقوع جرائم في سوريا خلال السنوات الست أو الخمس الماضية، وهو ما يجعل مبدأ المحاسبة غاية في الأهمية والحساسية.
وأكد المتحدث أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وضعت آلية لمحاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا.
ولليوم الـ11 على التوالي منذ توقيع اتفاق «مناطق خفض التصعيد» في الآستانة، واصلت قوات الأسد وحلفائه انتهاك الاتفاق، واستهدفت مدن حماة وحمص وريف دمشق بالغارات الجوية موقعة عشرات الضحايا.
الديار :
تبدو الولايات المتحدة وكأنها تستخدم سياسة «العصا والجزرة» في التعاطي مع لبنان، انعكاسا للعبة المعايير المزدوجة التي تحترفها، إذ هي تلوّح من جهة بشن حرب مالية- اقتصادية على بعض مكوناته، وتحرص من جهة اخرى على مواصلة دعم الجيش في الحرب على الارهاب.
وعلى وقع هذه المعادلة، فان واشنطن التي تستعد لاقرار رزمة جديدة من العقوبات بحق حزب الله وشرائح لبنانية واسعة تدعمه مع ما سيرتبه ذلك من تداعيات، كانت هي ذاتها تستقبل في مطلع ايار الحالي قائد الجيش العماد جوزف عون الذي التقى خلال زيارته الى الولايات المتحدة عددا من المسؤولين السياسيين والعسكريين وبعض الاعضاء البارزين في الكونغرس.
وليس مفهوما كيف توفق واشنطن بين سعيها الى إقرار عقوبات قاسية من شانها ان تزعزع مقومات صمود لبنان في مواجهة المخاطر التي يتصدرها الارهاب، وبين حرصها على مواصلة دعم الجيش ومده بالاسلحة في اطار تحسين شروط معركته ضد الجماعات التكفيرية!
بهذا المعنى، تبدو السياسة الاميركية مفتقرة الى الانسجام ووحدة القياس، في مقاربتها للوضع اللبناني الدقيق الذي لا يحتمل بالتأكيد مغامرات صقور الكونغرس وتهور ادارة دونالد ترامب.
وإذا كانت الولايات المتحدة تفترض انها تضغط على ايران من خلال شد الخناق على حزب الله والبيئات المتعاطفة معه، فان ما تتجاهله هو ان الحزب جزء حيوي من منظومة الدولة اللبنانية، ويشكل احد مكونات الحكومة ومجلس النواب وتربطه تحالفات واسعة مع فئات داخلية، الامر الذي يعني ان استهدافه سيصيب تلقائيا شبكة واسعة من المصالح الحيوية اللبنانية، على المستويات كافة.
وفيما اوردت بعض التقارير الصحافية الاميركية ان اسم رئيس الجمهورية ميشال عون قد يتاثر بالعقوبات، نقل زوار عون عنه تأكيده ان ضميره مرتاح وان من واجه خطر الموت مرات عدة خلال مسيرته العسكرية ومن سبق له ان تحمل كل انواع الضغوط لا يخاف شيئا..
وفي انتظار ما ستفضي اليه الزيارتان اللتان يقوم بهما حاليا الوفدان النيابي والمصرفي الى واشنطن لاحتواء مشروع العقوبات المحتملة والتخفيف من وطأته، عاد العماد جوزف عون من الولايات المتحدة مرتاحا الى نتائج رحلته الاميركية، وهي الاولى له بعد استلامه قيادة الجيش.
ووفق المعلومات، أكد المسؤولون الاميركيون لعون ان واشنطن ستتابع تقديم المساعدات المفيدة الى الجيش، كمّا ونوعا، بحيث ان جدولها لن يتاثر بما سبق ان أعلنه ترامب حول نيته في تخفيض المساعدات الخارجية.
وفي اطار الوعد بمنح الجيش اسلحة نوعية، تبلغ عون من مضيفيه انه سيجري تسليم المؤسسة العسكرية مصفحات متطورة من نوع «برادلي»، بدءا من حزيران المقبل، وطائرات «سوبرتوكانو» بدءا من ايلول المقبل، إضافة الى تعزيز الدورات التدريبية والاستمرار في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بخطر الارهاب.
وخلال النقاشات، سمع عون من المسؤولين الاميركيين إشادة بآداء المؤسسة العسكرية في مواجهة التحديات التي تخوضها، بل هو سمع اكثر من ذلك عندما قيل له ان التقويم الذي أجرته الدوائر المختصة في البنتاغون أظهر ان الجيش اللبناني هو من بين افضل الجيوش في المنطقة، قياسا الى الانجازات التي حققها والظروف المحيطة بعمله الميداني.
ويعتبر الاميركون ان الجيش اللبناني يكاد يكون الوحيد الذي تمكن من خوض معارك ناجحة ضد الارهاب ووجه ضربات قوية له، على امتداد الحدود الشرقية وفي الداخل، من دون الاستعانة بأي دعم عسكري مباشر من قوات أجنبية، سواء كانت أميركية ام غيرها، خلافا لما يحصل على سبيل المثال مع العراقيين او مع الاكراد الذين يحظون بدعم جوي واحيانا بري، من قوات التحالف الدولي، في عملياتهم القتالية ضد «داعش».
ويشيد الاميركيون بالعمليات الاستباقية والوقائية التي ينفذها الجيش، مشددين على انه يشكل شريكا حيويا للولايات المتحدة في الحرب على الارهاب.
وفي حين أكد الاميركيون لضيفهم أهمية المحافظة على الاستقرار في لبنان، عُلم ان البحث لم يتطرق الى مسألة العقوبات المقترحة باعتبار ان المؤسسة العسكرية ليست الجهة الصالحة للخوض فيها، لكن عون شدد من جهته على موقف مبدئي يتمثل في وجوب ألا تؤثر الاجراءات المحتملة على الوضع الداخلي وحصانته.
وتجدر الاشارة الى انه من ضمن اللقاءات التي عقدها العماد عون خلال وجوده في واشنطن، واحد مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور بوب كوركر، وآخر مع رئيس اركان الجيش الاميركي الجنرال جوزف دانفورد.
واكدت مصادر عسكرية رسمية ان اجتماع عون مع كوركر انطوى على أهمية بالغة بالنظر الى حساسية موقعه في الكونغرس وقدرته على التأثير في تحديد مستويات الدعم للجيش اللبناني. وقد سبق لكوركر- الذي زار لبنان مؤخرا- ان تفقد جبهة عرسال والتقى عون قبيل اسبوع تقريبا من تعيينه قائدا للجيش، حيث ابدى اعجابه بما شاهده على الارض، ما دفعه عند عودته الى العمل في اتجاه تثبيت المساعدات الاميركية للجيش والحؤول دون اي تخفيض لها.
وأوضحت المصادر ان اللقاء بين عون ورئيس اركان الجيش الاميركي كان اساسيا كذلك، وجرى خلاله البحث في سبل تفعيل التنسيق والتعاون تحت سقف مكافحة الارهاب.
الى ذلك، أفادت المصادر العسكرية ان قوى الجيش اللبناني استلمت قرابة خمسة مواقع استراتيجية، كان حزب الله قد اخلاها في مرتفعات السلسلة الشرقية، على ان يُستكمل تسلم المواقع الاخرى لاحقا، بعد إتمام التحضيرات اللوجستية لذلك.
وكشفت المصادر عن ان الانتشار الجديد للجيش في مساحات اضافية عند الحدود الشرقية يرتب المزيد من المسؤوليات والاعباء على المؤسسة العسكرية، لاسيما ان بعض المراكز يقع على ارتفاع 2000 متر وما يزيد، الامر الذي يستوجب تأمين مستلزمات ضرورية للبقاء فيها، سواء على صعيد العديد ام العدة.
وتلفت المصادر الانتباه الى ان اهتمام الجيش لا ينحصر فقط في التصدي لتحديي الارهاب التكفيري والتهديد الاسرائيلي، بل ان جزءا اساسيا من جهده يتركز ايضا على حماية السلم الاهلي الذي يمثل هاجسا للقيادة في اليرزة، مشيرة الى ضرورة منع اي تاثير سلبي للتجاذبات الداخلية المحتدمة في هذه المرحلة على الاستقرار الداخلي، وهذا ما يتحسب له الجيش باستمرار، انطلاقا من قناعته بان المحافظة على الانصهار الوطني هي واحدة من متطلبات تحصين القدرات وتحسين شروط المعركة في مواجهة العدوين التكفيري والاسرائيلي اللذين سيستفيدان من كل فرصة او خاصرة رخوة للعبث بالواقع اللبناني.
وتدعو المصادر المعنيين في الدولة الى الاسراع في تأمين الاعتمادات المالية اللازمة لتطويع ما بين اربعة وخمسة آلاف عسكري في صفوف الجيش، حتى يتمكن من التصدي للأعباء المتزايدة.
الجمهورية :
تتواصل الجعجعة في قانون الانتخاب على كل المستويات ولكن لا طحين حتى الآن، فيما بدأت تتلبّد في الأجواء السياسية سحب سود تتحول رمادية أحياناً بفعل موقف ايجابي من هنا وآخر من هناك. ولكنّ الواضح بعد سحب اقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري المزدوج لقانون الانتخاب ومجلس الشيوخ انّ الامور عادت الى المربّع الاول، في ظل تَهيّب الجميع وخوفهم من الدخول في نزاع سياسي عنيف يعيد خلط الاوراق. لكن بين القوى السياسية من لا يزال يراهن على خرق في لحظة ما يمكن ان يعيد الجميع الى طاولة البحث الجدي عن قانون انتخاب يُنقذ الاستحقاق النيابي والبلاد من خطر الفراغ الذي لا تحمد عقباه.
بعد تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري 29 أيار الجاري موعداً جديداً لجلسة التمديد النيابي، وبعد تهاوي المهل الدستورية تباعاً، لم ترتفع سحب الدخان الابيض في السماء الانتخابية بعد، وظل القانون العتيد الشغل الشاغل للجميع وقد تواصلت في شأنه الاتصالات واللقاءات، في محاولة لإيجاد المخرج الملائم قبل استنفاد المهل.
وسط هذا المشهد، عَمّ التفاؤل أرجاء قصر بعبدا بالوصول الى حلول قريبة على رغم التجاذبات. فيما اعتصمت عين التينة بالصمت مجدداً بعد إعلانها سحب اقتراح رئيس مجلس النواب حول قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ، من دون ان تقفل باب الانفتاح على البحث مع الافرقاء السياسيين في اي افكار جديدة تطرح في شأن قانون الانتخاب. امّا الرابية فأكدت انّ الطرح التأهيلي «قائم حتى إيجاد بديل».
وشهدت معراب تنسيقاً ثنائياً مسيحياً، فيما شهدت كليمنصو لقاء اشتراكياً ـ «قواتياً»، في وقت هاجم حزب الكتائب الطبقة السياسية داعياً إلى التصويت على قانون انتخاب، وإجراء الانتخابات بدل تضييع الوقت.
«التكتل»
وفيما غاب ملف قانون الانتخاب عن بيان كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، أكد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل «اننا لا نريد قانون العد بل نريد قانوناً يكون المعيار فيه هو الخصوصيات والديموقراطية التوافقية، وإلّا فلتكن المواطنة الكاملة»، مُبدياً أسفه لما قيل عن إسقاط طرح مجلس الشيوخ، وشدّد على «انّ طرح التأهيلي قائم حتى إيجاد البديل». واعتبر أنّ «هناك خللاً في تمثيل المسيحيين في النظام»، مطالباً بتصحيحه، وقال: «هذا اسمه ميثاقية وليس طائفية».
الأجواء المشحونة
وقال عضو «التكتل» النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «دخلنا في سكون إنتخابي بعدما سقط اقتراح مجلس الشيوخ الذي سُحب من التداول على رغم أنه كان فرصة واعدة ونوعية لإنقاذ الوضع، وإجراء إصلاح حقيقي للنظام السياسي». وللأسف، إنّ الرجوع عن هذا الطرح أعادنا الى المربّع الأول من النقاشات. وما سيجري منذ الآن حتى ١٩ حزيران، هو عملية «عضّ أصابع» وسَير تدريجي نحو الهاوية، إلّا إذا حصلت صدمة إيجابية توقِظنا من هذا السبات».
وأضاف عون: «في كل الحالات، يجب أن لا يذهب قانون الإنتخاب ضحيّة التجاذبات السياسية في ملفّات أخرى كما يحصل الآن. وطالما انّ الأجواء مشحونة بهذا الشكل، فهناك استحالة للوصول الى اتفاق، وستمرّ الأيام تباعاً حتى الوصول الى المحظور». وختم: «قانون الانتخاب ليس ملك أحد، بل هو بمثابة عقد وطني بيننا كلبنانيين وبمقدار ما يحقّق شراكة حقيقية بين المكوّنات اللبنانية، بمقدار ما يؤمّن انصهاراً وطنياً حقيقياً وليس فقط بالشعارات والأقاويل».
«الفول والمكيول»
من جهتها، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنها «لن تستسلم للصعوبات الموجودة، لأنّ أسهل خيار هو التخلّي عن المسؤولية وترك الأمور تنزلق نحو الأسوأ، فيما مساحات التوافق ممكنة ومتاحة خلافاً للأجواء السائدة، بل انّ الأمور باتت أقرب ممّا يتصوره البعض، ولكن لا يمكن القول «فول قبل ما يصير بالمكيول».
واشارت الى انه «على رغم التكتّم الذي تحرص عليه حرصاً على إنجاح المساعي التي يبذلها النائب جورج عدوان، إلّا انها تؤكد انّ البلد أمام مسارين: مسار الفشل الذي يدفع لبنان نحو الفوضى، ومسار النجاح الذي يُفضي الى انفراج سياسي ويؤدي الى مزيد من تحصين الاستقرار».
وأضافت: «انّ هناك ما يكفي من الوعي السياسي لحَضّ كل القوى السياسية على دفع الأمور باتجاه إقرار القانون الذي يصحّح الغبن المتمادي ويكرّس العدالة والمساواة تطبيقاً لاتفاق الطائف». ورأت «انّ إنجاز قانون الانتخاب يشكل إنجازاً وطنياً وسيكون على رئاسة الجمهورية صناعة وطنية للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف».
واعتبرت «انّ رَمي المسؤوليات لا يفيد في هذه المرحلة، فيما الأساس هو المساهمة في الورشة الانتخابية من اجل الوصول إلى القانون العتيد». وكشفت «انّ اللقاءات البعيدة عن الاضواء اكثر من ان تعدّ وتحصى من اجل بلوغ الهدف المنشود».
دعم جوّي للجيش
وفي هذه الاجواء، برزت أمس رسالة دعم أميركية للجيش، تشدد على فصل المسار الأمني عن التأزم السياسي، وتمثّلت بزيارة قائد القوات الجوية في القيادة الوسطى الأميركية اليوتنان جنرال جيسري هاريجيان على رأس وفد لقائد الجيش العماد جوزف عون، حيث تمّ البحث في تعزيز العلاقات بين جيشي البلدين.
وفي هذا السياق، كشف مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «هاريجيان الذي يزور لبنان دوماً، أكّد لعون استمرار الدعم الأميركي للجيش، وطمأن الى أنّ طائرات «السوبر توكانو» ستسلّم للبنان في الوقت المتّفق عليه، على أن تدعمه واشنطن بالطائرات المروحية كلما سمحت الفرصة، وهذا الدعم لن يتوقف أبداً».
وشدّد هاريجيان على «أنّ مسألة فتح لبنان حرباً لتنظيف الجرود من «داعش» وأخواتها مسألة لبنانية، وعندما يقرّر الجيش فتح مثل هكذا معركة فإنّ واشنطن ستمدّه بالسلاح المطلوب، كذلك اعتبر أنّ انتشار الجيش على الحدود الشرقية هو مسألة لبنانية بحتة، وأمر يتعلّق بتكتيك الجيش وأهدافه الاستراتيجية».
ومن جهة ثانية، لفت المصدر الى أنّ «الأميركيين يستعملون مطار رياق لمصلحتنا وليس لمصلحتهم، والطائرات المحمّلة بالذخيرة ستظل تهبط فيه، وهذا موضوع غير قابل للمزايدة».
العقوبات الأميركية
وفي ما يتعلق بالعقوبات الأميركية، توجّه وفد نيابي الى واشنطن يضمّ النائبين ياسين جابر ومحمد قباني والمستشار الاعلامي لرئيس مجلس النواب علي حمدان وسفير لبنان في واشنطن انطوان شديد، في زيارة تستمر اسبوعاً، وعلى جدول أعمال الوفد مواعيد مع شخصيات من الكونغرس ومجلسي الشيوخ والنواب والادارة الاميركية.
واذا كان محور الزيارة هو عقوبات اميركية مصرفية على شخصيات لبنانية، فإنّ مصادر الوفد قالت لـ«الجمهورية» انّ الزيارة تأتي استكمالاً للمهمة التي بدأها الوفد النيابي العام الماضي للبحث في سبل تعزيز العلاقة اللبنانية ـ الاميركية خصوصاً بعدما أنجز لبنان التشريعات المالية اللازمة التي يمكن القول إنه أصبح فيها مطابقاً للمعايير الدولية المصرفية والمالية.
وسيطلب الوفد عدم اتخاذ تدابير تصعيدية لجهة العقوبات، خصوصاً انّ لبنان يتمتع بمساعدات كبيرة من الحكومة الاميركية للقوات المسلحة وعلى رأسها الجيش اللبناني.
واذا كانت الولايات المتحدة ـ بحسب المصادرـ تُبدي حرصاً دائماً على الأمن والاستقرار في لبنان فإنه في مقابل هذا الحرص يجب الّا يكون هناك منحى آخر معاكساً، وهذا ما سيبلّغه الوفد الى الأميركيين. وأوضحت انّ هذه الزيارة هي الثانية على التوالي بتكليف من رئيس مجلس النواب، وتهدف الى تشكيل نواة للجنة صداقة نيابية لبنانية ـ أميركية.
الاخبار :
الانسداد سيّد الموقف في ما يخصّ قانون الانتخاب. لا جديد، ولا مفاوضات أصلاً بين القوى المتصارعة. التواصل الوحيد بين المختلفين سيجري غداً، لكن لمناقشة التشكيلات القضائية، لا مصير قانون الانتخابات، إذ سيستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وزير العدل سليم جريصاتي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد.
وفي هذا السياق، نفت مصادر رئيس المجلس ما قالته أمس مصادر بارزة في التيار الوطني لـ«الأخبار» عن أن بري يعطّل التشكيلات القضائية لأن عدد القضاة السنّة يفوق عدد القضاة الشيعة بثلاثة قضاة. وقالت مصادر عين التينة إن الاتفاق على التشكيلات القضائية صعب قبل الاتفاق على قانون الانتخابات، فيما قالت مصادر «وسطية» إن تجاذباً بين التيار والقوات يؤخّر أيضاً صدور التشكيلات.
من جهة أخرى، وغداة اجتماع تكتل التغيير والاصلاح أمس، كرر الوزير جبران باسيل موقفه من قانون الانتخاب، معتبراً أن تصحيح تمثيل المسيحيين في النظام وفي مجلس النواب هو عمل ميثاقيّ وليس عملاً طائفيّاً. وأكد أن «ضوابط النسبية» التي تحدث عنها الرئيس ميشال عون يمكن أن تكون «النظام التأهيلي» أو ضوابط أخرى مثل مجلس الشيوخ. في هذا الوقت، تصاعد هجوم نواب المستقبل على الاقتراح القواتي بنقل مقاعد مسيحية من دائرة إلى أخرى، فرأى النائب سمير الجسر أن نقل المقعد الماروني من طرابلس «مرفوض بالكامل»، لكنه في الوقت نفسه رأى أن «عدد الناخبين السنّة في بعلبك لا يستوجب تمثيلهم بنائبين فيما عددهم في عكار يفرض تمثيلهم بخمسة نواب». وسأل الجسر لماذا إضاعة تواريخ الاستحقاقات إذا كان المطلوب منذ البداية العودة إلى قانون الستين. وفي السياق نفسه، قال الوزير السابق فيصل كرامي إن صفقة رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء شملت أيضاً إجراء الانتخابات وفق قانون الستين، معتبراً أن هذا هو اللعب بالنار، فلا مجال لستين أو سبعين و«نحن ذاهبون إلى مؤتمر تأسيسي بفضل المغامرين الأذكياء».
وبعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي استبقاه على مائدة الغداء، قال نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، عصام فارس، إن الرئيس متفائل بالوصول الى حلول قريبة بالنسبة الى قانون الانتخابات النيابية الجديد. ورداً على سؤال بشأن ترشحه للانتخابات النيابية قال إنه سئل عن الموضوع نفسه «أول من أمس، وأجاب أنه لا يستطيع الإجابة بنعم أو لا، فقالوا له إن هذا تطور إيجابي لأنه كان يقول لا في السابق». وقال إنه غادر عام 2005 بسبب قانون الانتخابات الذي وضع بطريقة خاطئة عام 2000.
البلد :
في القصر تفاؤل محسوب على رئيس الجمهورية العماد ٌ سارع زوار بعبدا الى نقله عن الرئيس ميشال عون. تفاؤل وأبرزهم نائب رئيس مجلس الوزراء السابق الرئيس عصام فارس الذي أعلن أن »رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متفائل بالوصول الى حلول قريبة بالنسبة الى قانون االنتخابات ً ا«. النيابية الجديد على رغم التجاذبات التي يعيشها لبنان حالي ّ كخلية نحل تبدو الدور السياسية هذه األيام، فبعدما فك الرئيس نبيه بري االرتباط بين إقرار قانونه النسبي وإنشاء مجلس شيوخ، أك�دت أوساطه ل�«المركزية« أن ق�راره هذا ّ أتى تجاوبا مع رغبة »الحزب التقدمي االشتراكي« بطي ملف »الشيوخ« اآلن ووضعه جانبا كون الوقت غير مناسب للبحث فيه بحسب النائب وليد جنبالط في ظل مناخ التوتر السائد واالجواء الطائفية والمذهبية التي تواكب مساعي االتفاق على قانون جديد«، مشيرة في الموازاة الى أن سحب بري الموضوع ًا للثنائي المسيحي الذي يرى ّي أيضا مطلب من التداول، إنما يلب ان ربط القانون المنتظر بإنشاء مجلس الشيوخ من شأنه أن ّ بها فيجعل االتفاق أصعب«. ّ د النقاشات ويشع يعق ّ الوزير وسط كل هذا النقاش،بدا لرئيس التيار الوطني الحر ّ د به خارج سرب المطروح، إذ أشار إثر جبران باسيل رأي آخر غر االجتماع األسبوعي لتكتل »التغيير واالصالح«، الى أن »تصحيح التمثيل المسيحي في قانون االنتخاب اسمه ميثاقية وليس طائفية«، وقال: »يطلب الحزب التقدمي االشتراكي ان يكون ً ا لخصوصية الدروز، هل هذه الشوف وعاليه دائرة واحدة احترام طائفية او علمنة؟ وحين يطلب الشيعة او السنة خصوصية معينة هل هذا الموضوع طائفي ام ماذا؟«. وأضاف: »الظاهر ان فكرة مجلس الشيوخ قد اجهضت وال اعرف لمصلحة من، في ظل رفضنا لقانون الستين والتمديد والفراع كما كل اللبنانيين، والشيء المتوفر اليوم هو القانون التأهيلي الذي يحظى بميثاقية عددية، والمهم أننا نريد قانون الخصوصيات الميثاقية والديمقراطية التوافقية او المواطنة الكاملة«. هذا وأعلن رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، في مؤتمر صحافي عقده في بيت الكتائب المركزي في الصيفي »أننا على بعد 3 اسابيع من انتهاء والية المجلس النيابي وما نسمعه يجعلنا نشعر ان هناك قلة احترام لنا ولعقولنا«. في سياق منفصل، وفيما يستعد مجلس الوزراء للتجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سالمة اليوم، أكد األخير خالل افتتاح مؤتمر »Euromoney للعام 2017 ،»أن »لبنان اليوم على عكس السنتين الماضيتين، بات يتمتع بأسس نمو افضل بفضل االستقرار السياسي الناتج عن انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشكيل حكومة رئيس الوزراء ً الى »ان السيولة في القطاع المصرفي سعد الحريري«، مطمئنا مرتفعة«