ما إن وطأت أقدام الرئيس ميشال عون قصر بعبدا بعد انتخابه التسووي، هتى دخلنا في مرحلة جديدة يكاد يكون عنوانها، مرحلة الصهر!
ففي الوقت الذي صار يتركز فيه إهتمام العم الرئيس على البيئة وطيور البجع وتعيين موسم الصيد، واضاءة لمبات الأعياد، بالإضافة إلى بعض الإستقبالات لسياسيين وللأطفال والجمعيات، ترك حبل الصهر على غاربه وأضحى يصول ويجول في الشأن العام السياسي منه والإنمائي ( الكهربائي ) بوصفه ولي العهد المكلف وصاحب الصلاحيات.
كل ما تقدم، قد يكون مفهوما ومتسامحًا به في بلد لا يراعي فيه الحد الأدنى من تطبيق الدستور ولا يعمل فيه وفق الأصول القانونية التي توزع الصلاحيات والأدوار.
يبقى أن من غير المفهوم، هو هذا الأداء الإستعلائي والفوقي عند الصهر المدلل، ومن أين جاء بهذه " العنترة "؟؟
اقرا ايضا: لو ترشح محمد رعد بإيران لرجمه الشعب!
هذا السؤال مشروع ومنطقي خاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الغلبة والفوقية إنما تكون عند إختلال موازين القوى بين الأفرقاء لصالح طرف يريد فرض شروطه على الآخرين ،
إن وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة وحده لا يبرر ما يقوم به باسيل ويمارسه ولا تسعفه الوقائع المستجدة لا في لبنان ولا في المنطقة (حتى اللحظة) على مجاراته في النبرة المرتفعة التي وصلت إلى حدّ التهديد بإفراغ الكرسي الثانية، والوقوف في وجه الرئيس بري مباشرة، وما لهذه الخطوة من تداعيات سلبية لا أعتقد أن باسيل يقدّر حجمها الحقيقي.
يتساءل معظم المراقبين عن سر هذا الإستقواء المفاجيء؟ وإلى أين سوف يأخذ البلد بشكل عام والمسيحيين على وجه الخصوص؟
اقرا ايضا: لكم مهديكم ولنا مهدينا
في الصالونات السياسية هنالك أكثر من إجابة عن هذا السؤال، فلو تخطينا ما يقال عن عقدة السقوط البترونية التي تتحكم بالرجل، يبقى أن الإجابة الأكثر تداولا هي الإتكاء على سلاح حزب الله نفسه الذي فرض معادلة وصول عمه، وأن باسيل يعتبر أن حاجة الحزب إليه وإلى تياره لا تزال قائمة وحاضرة بالخصوص مع مرحلة ترامب وما يحكى عن حرب قادمة.
هذه الحاجة التي فرضت على حزب الله التخلي عن حليفه المقرب سليمان فرنجية في المرحلة السابقة لمصلحة العم، ستجعله يتخلى الآن عن مساندة حليفه الرئيس بري لمصلحة جبران وطروحاته أيضًا.
وحتى ندرك إذا ما كانت هذه القراءة صحيحة أو لا، وإلى أي جهة سوف ينحاز الحزب هذه المرة وهل سوف يتخلى عن نبيه بري لمصلحة جبران باسيل؟ وحدها الأيام القليلة القادمة هي التي سوف تكشف عن الإجابة مع ملاحظة أن كل المؤشرات (مع غياب تسوية وسطية تجمع الطرفين) تفيد أن دفة جبران هي الأرجح والتي تخدم مصلحة الحزب ومشروعه الإقليمي .