«لعبة عض الاصابع» الانتخابية لتحسين «الشروط» تتواصل حتى «الرمق الاخير»، كلمات تختصر مفاوضات الساعات القليلة الماضية حول قانون الانتخاب، وسط تراجع حزب الله عن «المشهد العلني»، ومعه النائب وليد جنبلاط، وتقدم الرئيس نبيه بري «الصفوف الامامية»، واختيار الوزير جبران باسيل التفاوض «بالواسطة» عبر جورج عدوان... في هذا الوقت يحاول رئيس الحكومة سعد الحريري «لعب» دور «ساعي البريد» بين الاطراف . في هذه الاثناء، وبعيدا عن الاضواء «والضوضاء» تتواصل معالجة تداعيات «الخطأ» السعودي المقصود بحق مقام رئاسة الجمهورية والرئيس ميشال عون شخصيا، بعد قرار اتخذ على اعلى المستويات في المملكة باستثنائه من الدعوة الى القمة الاسلامية- الاميركية المزمع عقدها في الرياض...
وفي هذا الاطار بذل رئيس الحكومة سعد الحريري وما يزال من خلال «الحج» المتكرر الى قصر بعبدا محاولات حثيثة لتخفيف حدة «الغيظ» المكبوت لدى الرئاسة الاولى من التصرف غير اللائق وغير المبرر من قبل المملكة التي لم تحفظ للرئيس انه اختار ان تكون اول دولة على جدول اعمال زياراته الخارجية، كاسرا العرف المعتاد بان يكون الفاتيكان او فرنسا اولى الدول التي اعتاد الرؤساء السابقين على زيارتها اولا... لكن هذه الخطوة لم تترك بحسب اوساط ديبلوماسية في بيروت الاثر الايجابي المرتجى لدى المسؤولين السعوديين الذين لم يتوقفوا كثيرا امام هذه الخطوة «البروتوكولية» وكانوا ينتظرون على مدى الاشهر القليلة الماضية تغييرا ملموسا في سياسة الرئيس عون اتجاه ملفين اساسيين، الاول حزب الله وسلاحه، والثاني الموقف من الحرب في سوريا، وكلا الامرين لم يحصلا، ولم تتوقف المملكة كثيرا عند ما يسوق له الرئيس الحريري حيال نجاح خياره في ابرام التسوية الرئاسية التي اعادته الى رئاسة الحكومة، باعتبار ان «الحياد السلبي» اتجاه النظام السوري، والذي يترجم «بفرملة» تعزيز العلاقات وعدم فتح قنوات التواصل الرسمية، لا يبدو كافيا طالما انه لم يترافق مع تراجع «خطوة» الى الوراء في مسألة دعم حزب الله، اقله عدم اعطائه شرعية علنية كما حصل قبل زيارة الرئيس الى مصر، بعدها جاءت اولى الرسائل القاسية عبر تسريب خبر الغاء زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز الى بيروت، والتي كانت مقررة قبيل انعقاد القمة العربية في عمان، وبين النفي والتأكيد ومحاولة «انكار» وجود استياء سعودي، جاءت الدعوة قبل ايام للرئيس الحريري لتفضح «المستور» حول وجود «ذاكرة» سعودية لا تريد ان تنسى ان الرئيس ميشال عون هو المرشح الرئاسي المدعوم من حزب الله...
 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 «حصر الاضرار»


ووفقا لاوساط ناشطة على خط بعبدا، فان الرئيس عون العارف باهمية مشاركة رئيس مسيحي مشرقي في قمة تجمع 16 من قادة الدول، تصرف بمسؤولية كبيرة حيال هذه «الرسالة» واختار التصرف «بحكمة» متناهية لعدم الاضرار بعلاقات لبنان الخليجية، خصوصا ان الرئيس الحريري لم يكن مرتاحا للقرار السعودي، ووضع قرار المشاركة في القمة من عدمه بين «يديه»،واكد انه فوجىء بتلك الخطوة التي كان بالمقدور تجنبها لو ان المملكة نسقت خطواتها قبل توجيه الدعوة، وكان بالامكان التفاهم على تجيير الدعوة من قبل الرئاسة الاولى لتفادي «الاحراج» الحاصل اليوم، لكن المملكة «المزهوة» بقدوم الرئيس الاميركي دونالد ترامب، واختياره الرياض كاول زيارة يقوم بها الى الخارج، لم تكن معنية كثيرا بالتعامل بدبلوماسية او «تدوير الزوايا»، وفي المقابل لا تبدو الرئاسة الاولى في معرض تصعيد الموقف والرد بالاسلوب نفسه، وقدمت المصلحة اللبنانية الداخلية على ما عداها، ومن هنا جاء الاتفاق على مشاركة الرئيس الحريري بوفد يضم وزير الخارجية جبران باسيل في القمة..
 

 «الرد الرئاسي»


لكن رد الفعل «الهادىء» لا يعني ان ما جرى قد مر «مرور الكرام» لدى الرئيس عون الذي «يقراء» جيدا بين «السطور»،وبحسب تلك الاوساط، فان السعودية حررت الرئاسة الاولى من بعض الحسابات الدقيقة التي كان يحرص الرئيس على مراعاتها، وفي هذا السياق اعادت دوائر القصر الجمهوري التحرك على خط اجراء الترتيبات الدبلوماسية المتعلقة بزيارة الرئيس عون الى كل من موسكو وطهران، وهما كانتا مؤجلتين دون «اسباب موجبة»، ومن المفترض ان يتحرك ملف زيارة ايران بفعالية بعد انجاز الانتخابات الرئاسية المقبلة، علما ان طهران ابلغت الرئيس عون ان «ابوابها» مفتوحة لاستقباله عندما يجد ان ظروفه مناسبة لذلك..في المقابل انطلق التنسيق لزيارة روسيا مع الكرملين في ظل برنامج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «المزدحم»... ورفضت تلك الاوساط الحديث عن احتمال «تزخيم» العلاقات مع سوريا، باعتبار ان هذا الملف حساس للغاية بحكم الانقسام الداخلي حوله...
 

 «شد حبال» انتخابي


في غضون ذلك يتواصل «شد الحبال» الانتخابي على وقع مفاوضات «تحسين الشروط» في الامتار الاخيرة من «سباق المهل»، وهو ما اسماه النائب جورج عدوان «بالخياطة» بعد لقائه الوزير جبران باسيل بحضور النائب ابراهيم كنعان في الخارجية، واذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد اكد ان المجال لا يزال مفتوحاً حتى 19 حزيران المقبل للاتفاق على قانون انتخابي جديد واقراره، ولاقاه بيان صادر عن رئاسة مجلس النواب يؤكد «إن خروج إقتراح مجلس الشيوخ من التداول بحلول 15 ايار لا يعني أن الأجواء ليست إيجابية مع كل الفرقاء لا سيما أن النسبية هي موضوع البحث ألقائم»، وكذلك كلام للرئيس الحريري من بعبدا الذي اكد فيه ان الامور قريبة من الوصول الى حل... فهذا لا يعني ان العقبات قد تذللت امام الوصول الى الاتفاق حول القانون العتيد، حيث تستمر «المناورات» بين القوى السياسية، واكدت اوساط مواكبة لعملية التفاوض ان سحب الرئيس بري لمجلس الشيوخ، قابله تجديد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل المطالبة «بضمانات» للمسيحيين تعوض ذلك، وعاد الى «احياء» القانون «التأهيلي»، في هذا الوقت تتمسك» عين التينة» بحد اقصى للدوائر لا يتجاوز العشرة لابقاء على حد ادنى من الاختلاط الطائفي، فيما يطالب «الثنائي المسيحي» بـ 15 دائرة، ويطالب بالصوت التفضيلي في القضاء او على اساس طائفي، كما يرفض بري بشكل قاطع نقل اي مقاعد انتخابية لاي طرف سياسي لان ذلك سيفتح «ابوابا» لا يستطيع احد اغلاقها، وذلك ردا على مطالبة «الثنائي المسيحي» بنقل المقعد الماروني من طرابلس الى البترون، والمقعد الماروني في بعلبك الهرمل الى جبيل، والمقعد الانجيلي من الدائرة الثالثة في بيروت الى الاشرفية، والمقعد الماروني في البقاع الغربي الى المتن الشمالي..
 

 بري «مرتاح»  


واذا كان «الثنائي المسيحي» يراهن على ضغط الوقت لاجبار الاخرين على تقديم تنازلات تعتبرها منطقية، فان اوساطاً في 8آذار تحدثت عن ارتياح لدى الرئيس بري وفريق عمله لعملية التفاوض الجارية على قانون الانتخابات، ويشعرون ان موقفهم اقوى من اي يوم مضى، بعد ان أوصلت «الادارة» الخاطئة لملف التفاوض من قبل التيار الوطني الحر «الثنائي المسيحي» الى خيارين لا ثالث لهما، اما القبول بقانون نسبي بشروط تراعي الجميع ولا تكون استنسابية لمصالح ضيقة، وهذا القانون يعطي المسيحيين القدرة على انتخاب ما يقارب 50 نائبا باصواتهم... او العودة الى قانون الستين الذي لا تتجاوز قدرة المسيحيين على انتخاب نوابه ال36نائبا... وهذه المعادلة تضع الثنائي المسيحي وخصوصا التيار الوطني الحر تحت ضغط المهل القانونية، وليس اي فريق آخر، فالتهديد بالفراغ لم تعد «ورقة» مجدية يمكن استخدامها لتحسين «الشروط» في الربع الساعة الاخير، لان «رسائل» تعميم الفراغ على كامل المؤسسات وصلت الى من يعنيهم الامر، ولا مصلحة للعهد ان «ينهار» في اول انطلاقته، اما العودة الى قانون الستين الذي ستجري الانتخابات حكما بموجبه اذا لم يتم التوصل الى تفاهم قبل 19 حزيران، فانه سيكون بمثابة «انتحار» سياسي وعندها سيكون «الثنائي المسيحي» امام السؤال الصعب حول تضييع الفرصة امام المسيحيين لرفع نسبة مشاركتهم الفعلية بانتخاب نوابهم..ولهذا تعتقد الاوساط عينها ان الجميع محكوم بالتوافق على قانون جديد لان الخيارات الاخرى مكلفة للغاية..
 

 التجديد لسلامة


في غضون ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسةً عادية في السراي الحكومي غدا، وعلى جدول أعماله 52 بنداً، وقد طلب وزير المالية علي حسن خليل رسميا من مجلس الوزراء تمديد ولاية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة لمدة ست سنوات، ويبدو ان الاجواء تتجه الى اقرار التعيين دون ان يكون محسوما أن يتم هذا الاسبوع، وتخلو جلسة الغد من أيّ اقتراح مهم باستثناء طلب وزارة الدفاع تطويع 4000 عسكري من بين المدنيين على مدى سنتين، وسفر رئيس مجلس الوزراء على رأس وفد إلى المملكة العربية السعودية.