نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريرًا عن المرحلة القادمة في الشرق الأوسط سياسيًا وعسكريًا، متوقعةً تغيّر ميزان القوى الذي سرى لسنوات مضت، وعودة السياسات القديمة، بفضل ارتكاز إدارة دونالد ترامب على الحلفاء القدامى.
نيمرود هورفيتز ودرور زيفي، وهما عضوان في منتدى التفكير الإقليمي ومحاضران في جامعة بن غوريون الإسرائيلية أعدّا هذا التقرير الذي خلصا في نهايته الى أنّ التوسّع الإيراني في الشرق الأوسط اقترب من النهاية.
ويقول الكاتبان: "إنّ طموحات طهران بأن تصبح قوة إقليميّة أحدثت قلقًا في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة. ولكن بالرغم من إستثماراتها في المنطقة، إلا أنّ إيران لم تنجح بإنشاء نظام شرق أوسط جديد يخدم مصالحها. وقد خسرت مقاتلين ونفوذًا أيضًا".
وتابعا: "سمعنا في السنوات الأخيرة كثيرًا عن إيران والمخاوف الإسرائيلية من الطموح الإيراني بأن تصبح الجمهورية الإسلاميّة قوّة إقليمية في المنطقة. ولكن إذا أردنا أن نتحدث عن مستقبل هذه الدولة، فيبدو أنّ الأفق السياسي الإيراني قاتم".
وعاد الكاتبان إلى أحداث ماضية للتذكير، قائلين: "بعد تفكّك الإتحاد السوفياتي، حافظت روسيا على بعض المكاسب في الشرق الأوسط ولم يكن هناك إشارات بأنّ موسكو تخطّط لعودة الى المنطقة". وأضافا: "الولايات المتحدة الأميركية بقيادة باراك أوباما، أدارت ظهرها للتحالفات مع بعض الدول العربية ووقّعت الإتفاق النووي مع إيران، ما قلّل من الضغط الإقتصادي الذي كانت تعانيه إيران على مدى سنوات. وفيما كانت تفكرّ القوى العالميّة بمصالحها الخاصّة، ظهر تنظيم "الدولة الإسلامية، ما أدّى الى اجتماع الأعداء القدامى للقتال ضده. وهكذا تحوّلت إيران وحلفاؤها الى شركاء شرعيين في المعركة ضد مجموعة من القَتلة تصدّر الإرهاب حول العالم".
واستمرّ غياب بعض الدول النافذة توازيًا مع تصاعد الفوضى هما سوريا والعراق، بحسب الكاتبين، الذين تابعا بالقول: "بعدما دمّر الأميركيون نظام صدام حسين فتحت أبواب الحكومة العراقية للشيعة في العراق، وللإيرانيين الذين يسعون الى توسيع نفوذهم. وفي الوقت نفسه بدأت الإضطرابات العربية. الفوضى في العراق وسوريا وغياب القوى العالميّة، كلّها أحداث شكّلت تحديًا لإيران، هل ستتمكّن من تأسيس شرق أوسط جديد يخدم مصالحها ويعكس طموحاتها ويزيد من نفوذها ومن شبكات تأثيرها؟".
عن الأسئلة السابقة يجيب الكاتبان: "لا. لم تنجح إيران بتحقيق هدفها والوضع يتدهور الآن". وأوضحا رؤيتهما بأنّ "النقطة الأولى للخسارة الإيرانية اتضحت في العراق. فبعد تسلّم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي السلطة، بدأ يعمل على كبح تأثير إيران وتقوية وجود عدوّها الولايات المتحدة. كذلك فأحد قادة المعارضة مقتدى الصدر، الذي كان ينفذ كلّ ما تقوله إيران، كان له مؤخرًا تصريحات لافتة عنها". وأضافا: "هذان الشيعيّان رفضا خدمة المصالح الإيرانية، وذلك بعد تزايد نفوذهما، ويبدو أنّ تأثير النظام الإيراني سيُعاني من ضربة جدية".
وعن سوريا، يرى الكاتبان أنّ الوضع سيء أيضًا، فمنذ عام ونصف تقريبًا عاد الروس الى الشرق الأوسط بدعوة من دمشق. وخلال هذا الوقت، بدا من الواضح للخبراء في سياسات الشرق الأوسط أنّ الروس جاءوا ليبقوا في المنطقة. كذلك فإنّ دخول سوريا كانت خطوة حاسمة في مخطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعادة موقعه في سوريا كقوة عالميّة.
ولفتا الى أنّه "بهدف التأسيس لقوة في الشرق الأوسط، على روسيا إقامة علاقات ديبلوماسية جيدة مع تركيا، مصر، المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل أيضًا. كذلك عليها إقامة قنوات حوار والإتفاق على أماكن التأثير مع الولايات المتحدة". وأضافا: "بكلمات أخرى، يجب التوصل الى تسوية في سوريا لتقليل سلطة الرئيس السوري بشار الأسد أو تدميره".
وأوضحا أنّ "أهمية إنشاء نظام جديد في سوريا ستتجلّى بوضوح قريبًا، وبعد تدمير داعش، سنتمكّن من الحديث عن نظام سياسي جديد في الشرق الأوسط".
وأشارا الى أنّ العقدة الأخرى في مخطّط التوسّع الإيراني في المنطقة هو العودة الأميركية المحتملة، عبر استعادة دور واشنطن القديم مع إدارة ترامب، والعودة الى حلفائها العرب القدامى والتي لديها عدو محدد هو إيران".
ويرى الكاتبان أنّ "داعش" الذي تسبّب بفوضى في المنطقة بالماضي، من المتوقع أن يصبح أضعف، ومع عودة القوى العالميّة الى الشرق الأوسط، تتجه الإحتمالات الى إعادة السياسات القديمة للمنطقة. وفي ميزان القوى يكثر عدد أعداء إيران مقارنةً مع شركائها، وهذا يعني أنّ توسّع إيران في المنطقة قادم الى نهاية.
(يديعوت أحرونوت)