أثارت عريضة إلكترونية موجهة من لبنانيين إلى هيئة الأمم المتحدة تطالب بضرورة عودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في بلدهم لأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل المزيد، جدلا واسعا.

وجاء في العريضة المنشورة في موقع “Change” العالمي والتي كُتبت باللغة الإنكليزية “لبنان يعدّ 4.5 ملايين نسمة ويستقبل مليوني لاجئ سوري ونصف مليون لاجئ فلسطيني، كما أنه يعاني من دين هائل ناتج عن إعادة الإعمار بعد حرب دامت 15 عاماً، إلا أن مشكلته الاقتصادية زادت بعد الأزمة السورية التي صدرت أعداداً كبيرة من اللاجئين مما أدى إلى زيادة البطالة بين اللبنانيين”، مشيرة إلى أنه “رغم كل ذلك بقي لبنان هو القاعدة الأوسع التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين”.

وتساءلت العريضة “كيف يمكن لنا أن نستقبل ضيوفاً في منازلنا ونحن لا قدرة لنا على إطعام أطفالنا؟ وبالإضافة إلى التغير الاقتصادي فإن لبنان يعاني أيضاً من تغير ديموغرافي واجتماعي، مما يسبب قلقاً لنا”.

العريضة ليست موجهة إلى الدولة اللبنانية بل إلى الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية والكونغرس الأميركي “لأنها التي تحدثت عن موضوع المناطق الآمنة”.

والعريضة التي أطلقتها ناشطة اجتماعية تدعى ليندا بولس مكاري قبل أيام حصدت نحو 19 ألف توقيع إلى حدود الجمعة. وباتت تروج عبر وسائل الإعلام الكبرى في لبنان، على أنها “مطلب لكل اللبنانيين”.

وتزعم مكاري في تصريحات صحافية أن رسالة إلكترونية وصلتها من مكتب الأمم المتحدة تؤكد أنه “سيرسل مندوبين للاجتماع بوزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي للبحث في الموضوع”، وتقول في تصريحات أخرى إن مستشاراً في الكونغرس الأميركي “اتصل بنا وقال لنا إن هناك اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع”، وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها لبنانيون دعوات إلكترونية لرحيل اللاجئين السوريين بسبب “تضييق الخناق عليهم” في حياتهم اليومية.

ولاقت العريضة انتقادات واسعة من السوريين في لبنان التي وصفوها بـ”العنصرية”. وأكد معلقون “غاب عن أصحاب العريضة أن اتفاق أستانة تحدث عن خطة لإنشاء مناطق تخفيف للتصعيد، لا مناطق آمنة تقنياً،”.

وكان وزير الدفـاع الأميركي جيم ماتيس قد وصف الخطة بقوله إن “الشيطان يكمن في التفاصيل”.

ومنذ ديسمير الماضي تعمل مكاري مع مجموعة من المتطوعين تحت اسم “اللبناني أحق من السوري بالعمل” مع وزارة العمل اللبنانية لمواجهة المحال التجارية غير الشرعية التابعة للسوريين من أجل إقفالها لأنها تهدد لقمة عيش اللبناني وتضارب على مصالحه، وتؤكد مكاري “قمنا بتوجيه الإنذارات وحررنا محاضر الضبط بحق المخالفين وأقفلنا عددا من المحال بالشمع الأحمر”. وللمجموعة صفحة على فيسبوك تحمل نفس الاسم وتستقطب قرابة نصف مليون متابع. وتضيف مكاري في تصريحات إعلامية أن “الترحيب بالعريضة كان كبيرا ووصلنا بعد إطلاق العريضة بيومين فقط إلى أكثر من 14 ألف توقيع ما يؤكد أن التأييد واسع”.

وتؤكد أن “لبنان لم يعد يحتمل أزمات اقتصادية خصوصا إن هذا الأمر ينذر بحرب أهلية ولقد اكتوينا من الحروب ولم نعد قادرين على التحمل”.

وحصدت العريضة سيلًا من التعليقات، وكتب أحدهم “شكرًا لبنان الشقيق..؟”، بينما رد آخر “لا تشمل جميع من في لبنان”.

وأجمع معظم المعلقين على أن الناحية الإيجابية في العريضة أنها “كتبت باحترام”.

ودعا بعض المعلقين “خلينا نتخيل حالنا بمحلون شو رح تكون ردة الفعل؟”.

ودافع آخرون “هذه العريضة ليست عنصرية كما قال البعض، لكنها مطالبة محقّة بسبب الضغط السكاني الذي بات يشكل خطراً على لبنان بشكل عام. وهذه العريضة نفسها لم تطالب بعودة اللاجئين إلى سوريا إلا بعد أن تأكدت بأن هناك مناطق أصبحت آمنة لهم”.

وكتب لبنانيون إن ردود السوريين ضد العريضة استفزتهم كثيراً، فهم “يشتمون لبنان شعباً ودولة”.

وجاء في مقال في مجلة الجرس “الدولة اللبنانية كعادتها تقف صامتة عاجزة عن إلقاء القبض على من اعتبر لبنان وشعبه جرذانا وأرانب، وهؤلاء الذين يحقرّون وطناً بشعبه لا يزالون يعيشون تحت سماء لبنان وينعمون بخيراته تحديداً في مخيمات عرسال التي تضم الإرهابيين الذين قتلوا الجيش اللبناني واعتدوا على أرضنا وعرضنا”.

ويتداول لبنانيون على نطاق واسع مقطع فيديو لطفل سوري يقول فيه “أنا طفل سوري في مخيمات عرسال رأيت العجب والأهوال.. رأيت حقوق الإنسان حبرا على ورق..”. وتضمن المقطع وابلا من الشتائم، وقال “نسيتم في 2006 حطيناكم بهل العين وشلناكم بالأحضان، طعميناكم لحم مشوي وفروج ضان، لا بطاطا ولا باذنجان طعميناكم من خير سوريا.. لا شحذنا عليكم من الأمم والبلدان”.

وأثار مقطع الفيديو غضب اللبنانيين على الشبكات الاجتماعية.