أسئلة عديدة تطرح في شأن خرق لشبكة الإتصالات اللبنانية. تبدأ بمن هو المتهم، ولا تنتهي بالغاية والهدف من الخرق، وإذا ما كان الخرق سجّل في الشبكة اللبنانية، أو في شبكة اتصالات الخاصة بالحزب، خصوصاً أن بعض الأرقام التي ظهرت خلال الإتصال، هي أرقام تعود للدائرة الإعلامية في الحزب.
في المنطق البديهي، تتجه الانظار فوراً إلى العدو الإسرائيلي. وهذا الأسلوب اعتمده سابقاً، لكن عبر الإتصال من أرقام خارجية، ولم يحصل لمرّة أن إتصالاً أجري من رقم لبناني لإيصال رسائل التهديد.
لدى حزب الله شبكة اتصالات خاصة منفصلة عن الدولة اللبنانية، وبما أن بيان العلاقات الإعلامية في الحزب، أشار إلى أن أحد الأرقام الذي استخدم وظهر لدى بعض اللبنانيين، هو رقم تابع لسلسلة أرقامها، يتبادر سريعاً السؤال إذا ما كان في الرقم اخترق الشبكة الخاصّة بالحزب. ليس من الضروري أن يكون الرقم المخترق، تابعاً لشبكة الحزب الخاصة هو رقم تابع للهيئة الوطنية للإتصالات، ولكن في ظل هذه الحالة لا بد من السؤال للتحقق، خوفاً من أن يُسجّل خرق آخر لم يتم اكتشافه بعد.
في الصراع بين الحزب وإسرائيل، فإن الطرف الذي يحقق إنجازاً يتكتّم عنه، ولا يكشفه إلا بعد تحقيق إنجاز أهم وأكبر منه. هذا الكلام قاله السيد حسن نصرالله قبل سنوات. بالتالي، فإذا اخترقت إسرائيل شبكة الهاتف اللبنانية، ولم يكن لديها مشكلة في كشف ذلك عبر اجراء الاتصالات، ثمة من يعتبر أن إقدام إسرائيل على كشف الخرق وتوجيه رسائل وتسجيلات، يدخل في إطار الحرب النفسية، مع تسجيل خرق أكبر في مجال آخر، ولإشاحة النظر عنه لجأت إلى كشف ذلك.
بموازاة الخرق، الذي وصل إلى عامة الناس عبر الاتصالات، قد يكون التشويش طال جوانب ثانية، والحزب علم بها، لكنه أبقاها في إطار السرّية، لعدم إخطار الإسرائيلي بكشفه هذا الخرق والعمل على معالجته. في علم الأمن والمخابرات، من يخرق خصمه يتكتم عن ذلك ليستفيد لأقصى درجة ممكنة، ومن يكشف الخرق يصمت عنه إلى حين، لتحضير أسلوب الردّ والمواجهة. وحين يجهز يفصح عما يمتلك من معلومات. بالتالي، فإن وصول الأمور إلى مرحلة الإفصاح والإعلان، قد تكون الأمور في مكان آخر.
كذلك، قد يكون الهدف الإسرائيلي من الخرق هو تحقيق شرخ لبناني لبناني عبر استخدام أرقام لبنانية، للإشارة إلى أن هناك جهات داخلية متواطئة في ذلك، ولولا هذا التواطؤ لما كان هناك إمكانية لحصول الخرق، وللايحاء بأن هناك عملاء يسهّلون للإسرائيلي تحقيق خرقه. فيما عملياً، برامج عديدة وغير شرعية موجودة على شبكة الإنترنت تمكّن أشخاصاً ضليعين بقطاع الاتصالات، أن يعملوا على الإتصال بأرقام، على أن يظهر الرقم المتصل رقماً آخر بإمكانهم تحديده، ولجأ هؤلاء إلى تحديد أحد الأرقام التابعة لحزب الله. وهذا الأمر هو ما تتركز عليه تحقيقات أوجيرو ووزارة الاتصالات والاجهزة المعنية.
لكن، ماذا في حال ثبتت فرضية الإختراق الإسرائيلي في التحقيقات بناء على برنامج معيّن؟ سيستفيد حزب الله من ذلك، أولاً لإعادة ضبط وضع شبكة الاتصالات اللبنانية، وثانياً لتبرير شبكة اتصالاته، وثالثاً، وهو الأهم، نقد المحكمة الدولية، التي ارتكزت في شق أساسي في تحقيقاتها على الاتصالات. بالتالي، يمكن لحزب الله حينها اعتبار أن الإتصالات التي استُخدمت في المحكمة الدولية هي عبارة عن اختراقات سجّلها العدو الإسرائيلي للشبكة اللبنانية. وبناء على هذا التلاعب أظهر الحزب في موقع المتهم، فيما الحقيقة غير ذلك.