فلو غضضنا الطرف عن القيمة الحقيقية للإنتخابات الرئاسية التي سوف تجري بإيران بعد أيام في 19 من الشهر الجاري، وهل هي فعلًا تعكس تداولًا حقيقيًا للسلطة في ظل نظام ولاية الفقيه والصلاحيات المطلقة للمرشد، مما يجعل من رئيس الجمهورية أقرب ما يكون إلى موقع فخري لا يقدم ولا يؤخر بالسياسات العامة، الا ببعض الصلاحيات الإجرائية المعطات له من صاحب السلطة الحقيقية.
بعيدًا عن كل هذا يبقى لا مندوحة لأي منصف الا أن يسجل لإيران، هذا الهامش من الحرية والتنافس المعدوم أصلًا في معظم محيطنا العربي، وكان من لافت بهذا السياق المناظرات التلفزيونية بين المرشحين الستة لرئاسة الجمهورية وما تخللها من حدة وتصعيد كلامي وصل الى حد الإتهام بالسرقة ونهب المال العام كما حصل بالامس بين إسحاق جهانغيري (النائب الحالي للرئيس) ومحمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران، أو بالإتهامات التي ساقها رئيسي لروحاني وبالعكس.
إقرأ أيضًا: المناظرة الانتخابية : روحاني يتحدى الحرس الثوري
أما ما يستحق التوقف مليا فهو الموضوعات الخلافية التي طرحها المرشحون والتي على أساسها يسعى كل واحد منهم استمالة الشعب الإيراني والفوز بأصواته، لنعرف بأن جلها إنما تتمحور حول الأوضاع الإقتصادية والحياتية التي هي محل إهتمام الشعب وحاجاته، من البطالة وفرص العمل الى الخدمات الصحية والسكن والكهرباء والمياه والفقر والدخل الفردي للمواطن وصولًا الى التعليم والجامعات مرورًا بالمستشقيات والطرقات وحتى الحدائق العامة والبيئة ووو..
وبمقارنة بسيطة وسريعة بين البرامج الإنتخابية للمرشح الايراني، وبين المرشحين لحزب إيران في لبنان والمفترض أنهم مأخوذين بالتجربة الإيرانية وأدبياتها وسلوكها، لنكتشف الفروقات الشاسعة ... "فأتخن " مشروع إنتخابي لنواب حزب الله يمكن إختصاره بكلمتين ( صوتك رصاصة ) !! وعند أي مساءلة لهم أو حتى إشارة عن واحدة من الموضوعات الحياتية المذكورة أعلاه تنهال على رأسك صواعق حارقة من المواعظ والخطب الرنانة عن العزة والكرامة والجهاد والشهادة والشهداء والتضحيات والمقاومة والتحرير وقتل أعداء الله والإنسانية إبتداءًا من أميركا وصولًا لربيبتها إسرائيل مرورًا بأوروبا والإمبريالية وإن كنت أنسى فلا أنسى هنا التكفيريين ومن يدعمهم من تركيا ودول الخليج ولا بأس بإضافة البوسنا والهرسك مع مينمار وغيرها وغيرها.
إقرأ أيضًا: جمهور حزب الله: كان الأستاذ نبيه بري يعلم
وبعد هذه المقارنة البسيط فعلى محمد رعد مثلًا وكل كتلة الوفاء للمقاومة أن يشكروا ربهم بالعشي والإبكار بأن ترشيحهم وإنتخابهم يجري في لبنان وليس في إيران، لأنهم لو ترشحوا هناك ببرامجهم الخطابية ومواعظهم الخيالية عن العزة والكرامة لكان الشعب الإيراني رجمهم وتفل في وجوههم، لأن الشعب الإيراني يعرف حقيقة العزة والكرامة ولا يعنيه الشعارات الفارغة.