نمط الحياة العصرية الحديثة يكاد يسيطر على حياتنا اليومية رامياً بثقله على كل منا، فمن ضغوط اقتصادية وتعبٍ مهني وتدهور في العلاقات الاجتماعية والعاطفية، يجد الإنسان نفسه في دوامة من التوتر والقلق الدائمين والإجهاد الذي يطال الجسم فيتفاعل مع هذه التغييرات الجسدية والعقلية والعاطفية. صحياً، يلفت موقع WebMD إلى أن الإجهاد يسبِّب الصداع، واضطراباً في المعدة، وارتفاع ضغط الدم، وألماً في الصدر، ومشاكل في النوم. وقد يصبح ضاراً عندما يلجأ الناس إلى الكحول أو التدخين أو المخدرات في محاولة للتخفيف من التوتر بدلاً من السعي لاسترخاء الجسم. وهذا ما دفع بشركات عدَّة إلى ابتكار مئات الألعاب التي روِّج لها على أنها كفيلة بتحسين المزاج العام. ما هي أبرز هذه الألعاب، وهل تساهم فعلاً في خفض التوتر؟ أم أنها تشتت الانتباه والتركيز؟
كرات الإجهاد
تسمَّى كرات الإجهاد أو stress balls التي تمتلك قدرة على تخفيف التوتر عن طريق استرخاء العضلات والتلهي. كما أنَّ الضغط على هذه الكرة يؤدي إلى شد عضلات اليدين والرسغين، وإطلاقها يُرخي أوتار هذه العضلات. ويقال إنَّ كرات الإجهاد تُساعد العضلات على التمدد، وتالياً تحسين الدورة الدموية ووصول الأوكسجين إلى الأطراف. ويعتقد أنها تحفِّز الأعصاب، إذ إنَّ النهايات العصبية في اليدين والقدمين ترتبط بالدماغ، وعندما يتم تحفيز هذه الأعصاب يتحسن المزاج، ويزداد إفراز هرمون الأندروفين الذي يقلل من تأثير هرمون الكورتيزول المسبب للإجهاد.
لعبة "سبينر"
ميزة لعبة "سبينر" وفق المروجين لها أنها تزيد من نسبة التركيز وهي فعالة للتفكير العميق. والتقليل من القلق والوحدة يساعد في التخفيف من التوتر وتهدئة الأعصاب.
لعبة "الفقاعات"
هي لعبة يابانية عبارة عن فقاعة إلكترونية ابتكرها موجن بوتشي بوتشي. وقد ظهرت هذه الأداة الفريدة من نوعها عام 2007 وتم بيع أكثر من مليون قطعة منها في اليابان في الشهرين الأولين من إصدارها. هذه اللعبة التي تضمُّ ثمانية فقاعات تجعل تأثير الصوت عشوائياً بعد 100 نقرة.
لعبة "المكعبات"
Fidget Cube لعبة لها استعمالات عدة، فهي مؤلفة من ستة جوانب. وكل جانب منها يتميز بحركة خاصة تساعد في التخفيف من التوتر. وتصبح هذه اللعبة نوعاً من الإدمان غير العادي نظراً لسهولة لستعمالها في العمل أو المنزل أو خارجه. وتقول الشركة إنها صممت للمساعدة على التركيز.
الراحة حدَّ الإدمان
هل تخفف حقاً هذه الألعاب من التوتر والضغط، أم تؤدي إلى قلة تركيز وبالتالي التلهي في اللعب لنسيان المشاكل من دون البحث في حلها؟ تشرح اختصاصية العلاج الطبيعي وبالموسيقى لارا شمعون في حديث لـ"النهار" وجود نظريتين ترتبطان بهذه الألعاب، "تُعتبر ألعاب تخفيف التوتر جيدة إذ تخفف من الإجهاد وتساعد الدماغ على التلهي وعدم التفكير بأشياء كثيرة مقلقة ومزعجة جراء تكرار الفعل نفسه. ولكنَّ هذه الألعاب غير مفيدة لكل الأشخاص خصوصاً من يجب أن يكون انتباههم منصباً على مسألة واحدة. فتشتت هذه الألعاب تركيزهم. أما الأشخاص الذين يتمكنون من القيام بمهام متعددة والذي يعرفون بالـ multi task تساعدهم هذه الألعاب على تخفيف التوتر والقلق عبر إعطاء الجسم محفزاً عبر الدماغ".
تؤكد شمعون أنه "لتكون هذه الألعاب مفيدة يجب ألا تتوافر بين يدي الشخص طوال اليوم، لأنها تولِّد نوعاً من الإدمان إذ يتآلف الجسم والعين على حركة واحدة وفعلها المتكرر ما يُرخي الأعصاب ويؤثر في المهام الدراسية والعملية والمهنية للمستخدم لها. وفي حال كان الشخص متوتراً أثناء اجتماع ويشعر برغبة في التخفيف من قلقه عبر الضغط على هذه اللعبة عليه باستعمالها ما يقرب من 5 إلى 10 دقائق فقط، من ثم تركها. أو قد يلجأ إليها البعض قبل النوم للتخفيف من التوتر. وينصح باستخدامها نحو 5 مرات خلال اليوم وضمن مدة قصيرة من ثمَّ وجب وضعها جانباً".
تلفت شمعون إلى أنَّ "هذه الألعاب يجب أن تتوافر لأشخاص معينين وضمن فئة عمرية معينة، وليس في أي وقت ولكل الأعمار، أي لا يمكن إعطاؤها لكل الأولاد، بل فقط لمن يعانون من قصور في الانتباه وفرط في الحركة (ADHD). فهذه الألعاب تُساعدهم عبر إعطائهم محفزاً يخفف من كثرة حركتهم ويقلل من تشتيت انتباههم ليتمكنوا من الجلوس بهدوء".
7 لا 5 حواس
"هذه الألعاب باتت ظاهرة خطرة نظراً لتوافرها واستعمالها من الجميع. وتوضح شمعون أنَّه "من وجهة نظر علمية، الألعاب التي تُلهي تهدف إلى تعديل الجهاز الحسي في الجسم، فنحن نملك 7 حواس لا تلك الخمس المعروفة فقط. فالحاسة السادسة هي النظام الدهليزي (vestibulaire) المسؤول عن التوازن والمشي والقفز وكل ما هو مرتبط بالحركة، والسابعة هي استقبال الحس العميق (proprioceptive) أي كيف نشعر بجسمنا. فالأولاد الصغار الذي يعانون مشكلة في واحدة من هذه الحواس السبع تنجم لديهم مشاكل تعليمية وقلة انتباه وزيادة حركة. هؤلاء وحدهم وجب علينا أن نعطيهم ألعاباً مشابهة ليتأقلم جسمهم مع كل ما يعتبر مؤثراً خارجياً قد يساهم في توترهم. أما الكبار الذين يعانون الإجهاد والتوتر إذا أعطيناهم هذه اللعبة سيخسرون قدرتهم على التركيز والانتباه، وستزداد نسبة التوتر لديهم مؤثرةً على دماغهم".
تحقق هذه الألعاب شهرةً بين الصغار والكبار، وقد انتشرت بسرعة خيالية في دول العالم، لتبقى الطرق الطبيعية من تأمل وممارسة للرياضة بأنواعها الوسيلة الصحية لمساعدة المرء على التخلص من قلقه وتوتره.