أكثر من رسالة حملها خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. هو خطاب الحدود والجبهات المشتركة. من الحدود اللبنانية والسورية مع الأراضي المحتلة، إلى الحدود اللبنانية السورية. الموقف الأهم، كان بالنسبة إلى منطقة القلمون بقراها وجرودها.
أعلن نصرالله أن حزب الله لا يعمل على تغيير ديمغرافي في سوريا، ومن يريد العودة من الأهالي باستطاعته ذلك، لأن مهمة حزب الله أُنجزت. ودعا أهالي الطفيل إلى العودة إليها، كاشفاً عن أن حزب الله فكك بعض مواقعه العسكرية في تلك المناطق، وهو سيعمل على استكمال تفكيكها.
وفي وقت يستعجل البعض اعتبار أن كلام نصرالله هذا هو موقف إستباقي لما قد تحمله التطورات الدولية والإقليمية في المنطقة، خصوصاً بعد إتفاق آستانة والمناطق الآمنة، وإذا ما ستكون القلمون ومناطق أخرى من ضمن هذه المناطق، بالتالي، وجب على حزب الله تركها. فيما البعض الآخر، يلفت إلى أن نصرالله تحدّث فقط عن الجهة اللبنانية من الحدود، وهو يريد تغيير مواقعه العسكرية من هناك، تحسباً لأي طارئ، داعياً الجيش اللبناني والأجهزة الرسمية إلى ضبط الحدود. وتعتبر المصادر أن هذا ينطوي على العمل لفتح حوار بين الدولة اللبنانية مع الحكومة السورية.
قبل فترة، أزال حزب الله بعض مواقعه من القلمون، ونقل عدداً من مقاتليه من تلك المنطقة في اتجاه مناطق أخرى في سوريا، أبرزها المناطق الجنوبية. عملية النقل هذه حصلت بعد إنجاز "مصالحات" أدت إلى مغادرة أهالي ومسلحين من تلك المناطق إلى الشمال السوري. بالتالي، عمل الحزب على تعزيز مواقعه في جبهات أخرى.
في المقابل، ثمة من يعتبر أن الحزب مضطّر إلى تغيير مواقعه العسكرية في تلك المناطق المكشوفة إلى مناطق أكثر أمناً تحسباً لأي تطور مع العدو الإسرائيلي، في ظل التصعيد في المواقف، والذي انعكس للمرّة الأولى، في رسائل وصلت إلى الهواتف اللبنانية من أرقام ظهرت وكأنها تعود إلى شبكة حزب الله، تتهم نصرالله بقتل القيادي مصطفى بدرالدين. وكذلك جرى تشويش على الخطوط الثابتة اللبنانية، عبر اتصالات مسجّلة تقول إن "نصرالله قاتل شهيدنا مصطفى بدرالدين يتحدث". واعتبرت العلاقات الإعلامية في الحزب أن هناك تشويشاً ما تعرّضت له الشبكة. فيما هناك من ذهب إلى اعتبار أن هناك خرقاً لشبكة الهاتف اللبنانية. وهذا النوع من الرسائل والإتصالات شهدته القرى الجنوبية اللبنانية قبيل حرب تموز وبعدها، وفي كل فترات التوتر بين الحزب وإسرائيل.
لكن الكلام الأساسي لنصرالله تركز على عرسال وجرودها. وهو أوصل رسالة أساسية إلى المسلحين في تلك المنطقة، وكأنه يرسل تهديداً إليهم للمغادرة، ولكنه اختار طريقة "مهذبة" حين خاطبهم بالقول إن معركتهم بلا أفق، وبالتالي فليغادروا ويجنّبوا المنطقة وناسها أي معركة. وتلفت المصادر إلى أن مضمون كلام نصرالله يرتكز على اعطاء مهلة للمسلحين للمغادرة من الآن حتى رمضان، وفي حال لم يغادروها فهو سيخوض معركة جديدة هناك. وتؤكد المصادر أن هذا الموقف لا يعتبر تمهيداً لانسحاب الحزب من سوريا.
لا شك أن الحزب يستشعر خطراً من الجنوب، وحتى من الشرق السوري. هو تحدث عن وجوب عيش الحياة بشكل طبيعي، لكنه لم ينفِ وجود تهديدات بحسب المصادر. وهنا تربط المصادر كلام نصرالله هذا عن إنزعاج حزب الله من الجدار الإسمنتي الذي تعمل إسرائيل على تشييده. ورغم اعتباره دليلاً على ضعف العدو الإسرائيلي، لا شك أنه يؤثر على الاجراءات التي يتخذها الحزب، وتحدّ من قدرته على المراقبة وبعض التكتيكات العسكرية في حال حصول حرب.
هناك قراءة لدى البعض، بأنه حين يتطرق نصرالله إلى ملف معين بدون التركيز عليه، وتصويب وجهة خطابه على ملف آخر، يعني أن ما يشغل الحزب هو الموقف الأول. وبما أنه تجنّب الحديث عن الحشود العسكرية في الجنوب السوري، قد تكون هذه التحركات هي في صلب اهتمامات الحزب الحالية، ولكنه لا يتناولها. والحديث عن نقل المقاتلين، والمواقع، رسالة بأن الحزب يستعد لأي طارئ سيأتي من الخارج. ومن يترك موقعاً في منطقة معينة سيتوجه إلى الجنوب السوري أو اللبناني. وهنا، تؤكد المصادر أن الأيام المقبلة في المنطقة ستحمل كثيراً من التطورات، يجب متابعة قراءتها من وحي كلمة نصرالله. -