بعد 100 يوم فقط من تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهام منصبه، وقبيل زيارته المرتقبة للمملكة العربية السعودية، كشفت إيران عن تخصيبها لليورانيوم داخلياً، وامتلاكها أجهزة طرد مركزي متقدمة، في تطور يطرح كثيراً من التساؤلات حول أسباب هذه الخطوة، وما قد يترتب عليها من تداعيات، وخاصة فيما يتعلق باتفاقها النووي مع الغرب.

فقد كشفت إيران النقاب عن قيام الآلاف من أجهزة الطرد المركزي بعملية تخصيب اليورانيوم داخل البلاد، مؤكدة أنها تمتلك الأجهزة ذاتها التي كانت الولايات المتحدة تسعى لمحوها.

ونقل موقع قناة "العالم" الإيرانية الرسمية، في 5 أيار 2017، عن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، تأكيدها أن "آلافاً من أجهزة الطرد المركزي تقوم حالياً بعملية تخصيب اليورانيوم في البلاد، وهو ما لم تكن تتوقعه الإدارة الأميركية، خاصة إدارة أوباما".

وقال بيان للمنظمة، بحسب القناة: "إلى جانب عملية التخصيب، يتم أيضاً إنتاج الماء الثقيل بمقدار أكثر من السابق، كما قمنا بتصدير عشرات الأطنان من منتوجات الماء الثقيل إلى الدولة ذاتها التي كانت تسعى وراء إغلاق مصنع الماء الثقيل لدينا".

وتأتي التصريحات الإيرانية غير العادية بعد إعلان البيت الأبيض أن الرياض ستكون أولى محطات ترامب الخارجية، حيث سيبحث مع العاهل السعودي وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، الشهر الجاري، سبل مواجهة خطر إيران وتنظيم الدولة.

وكان الرئيس الأميركي بحث الأمر نفسه مع ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارة الأخير لواشنطن في نيسان المنصرم، حيث أكد الطرفان ضرورة التصدي لممارسات إيران التي تهدف لزعزعة استقرار المنطقة وتغذية روح الطائفية فيها، من خلال دعمها للمليشيات المسلحة في سوريا واليمن تحديداً.

هذا التصعيد الأميركي دفع إيران إلى التلويح برد فعل ينافي مسار الاتفاق وأعراف المجتمع الدولي، وهو ما عكسه حديث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال حضوره، في 24 كانون الثاني 2017، اجتماع غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة بالعاصمة الإيرانية طهران، إذ قال: "إننا لا نستأذن أحداً لاستئناف أنشطتنا النووية".

كما أن هذا الإعلان الإيراني يأتي بعد أيام قليلة من تصريحات ولي ولي العهد السعودي، عزم السعودية نقل المعركة إلى داخل إيران، وهي التصريحات التي نالت اهتماماً كبيراً من قبل الأحوازيين والشعوب الأخرى المظلومة في إيران.

رسائل متبادلة

ورغم أن مراقبين يرون أن رسالة بن سلمان قد وصلت إلى الإيرانيين الذين ردوا عليها سريعاً عبر تصريح لوزير خارجية طهران، مثّل تراجعاً عن مواقف سياسية سابقة بحق السعودية، فإن هناك من يعتبر حديث طهران الأخير عن تخصيب اليورانيوم تحذيراً لقوى معينة من الإقدام على توجيه ضربة عسكرية محتملة لها، ولا سيما أنها أجرت خلال الشهور القليلة الماضية تجارب صاروخية متجاهلة تهديدات ترامب المتكررة بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران.

وكانت طهران توصلت، في تموز 2015، إلى اتفاق تاريخي مع السداسية الدولية (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا)، شمل تسوية قضية برنامجها النووي التي ظلت عالقة لسنوات كثيرة.

ويرى الباحث السياسي والكاتب الصحفي أسامة الهتيمي، أن "التصريحات الإيرانية الأخيرة لم تخرج عن إطار الاتفاق النووي الموقع مع الغرب، وإن كانت حكومة طهران تسعى من خلاله للتكشير عن أنيابها، والقول إن التعامل عسكرياً معها ستكون له كلفة كبيرة".

ولفت الهتيمي إلى أن "الاتفاق النووي لم ينص على منع إيران من الاستمرار في عملية التخصيب، ولا من استمرار تطوير أجهزة الطرد المركزي، وهو ما عده بعض منتقدي الاتفاق باباً خلفياً يمكن للإيرانيين من خلاله الوصول إلى السلاح النووي".

وأشار إلى أنَّ "الإتفاق لم يمنع طهران من تصدير منتجات نووية، ومن ثم فحديث الوكالة الإيرانية عن تصدير منتجات الماء الثقيل للخارج لا يعتبر إفصاحاً عن خرق للاتفاق، ولا سيما أن الاتفاق منح الأمم المتحدة حق إرسال لجان لتفتيش المنشآت الإيرانية محل الشبهة حتى العسكرية منها، ومن ثم فإن التصريحات الإيرانية ما هي إلا رسالة سياسية تستهدف زيارة ترامب للرياض بالدرجة الأولى".

ورأى أن "الإيرانيين لا يخشون من استهدافهم عسكرياً، بل إنهم يستبعدون هذا الخيار بدرجة كبيرة؛ لأنهم ما زالوا يمارسون دوراً مؤثراً في عدد من ملفات المنطقة، وعلى رأسها تحكمها في عدد من المليشيات التي تقاتل ضد تنظيم الدولة وغيره في عدد من الأماكن".

 

 

(الخليج أونلاين)