الكل ينتظر والكل يلوم الكل .... وعلى القرار الخارجي الاتكال
المستقبل :
كلّما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابي، تصاعدت المناخات السلبية التي وإن كانت جزءاً من عملية تحسين شروط التفاوض حول قانون الانتخاب العتيد، توحي وكأن البلاد مقبلة على «فراغ» بخلاف الحقيقة، التي تتمثّل كما قال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بـ«أننا قادرون على التوصّل إلى قانون جديد للانتخاب»، مذكّراً بمبدأ «التضامن الوزاري» الذي «يفترض مناقشة المواقف من القانون على طاولة مجلس الوزراء وضمن المؤسسات وليس على المنابر وفي المؤتمرات الصحافية، لأن المناخات السلبية تنعكس ضرراً على الحياة الاقتصادية وعلى معنويات الناس».
هذه المواقف التي أطلقها الرئيس الحريري في جلسة مجلس الوزراء أمس، كما في اجتماع اللجنة الوزارية المولجة بمتابعة ملف قانون الانتخاب أول من أمس، وفقاً لما أبلغه وزراء شاركوا في الاجتماعين لـ «المستقبل»، أراد منها التأكيد على أمرين: الأول رفض الفراغ الذي بات يحظى بإجماع وطني، والثاني السعي إلى استبدال المناخات السلبية بأخرى إيجابية «رغم أن الاستحقاق أصبح داهماً، وأن التوافق المطلوب لم يتوفّر حتى الآن»، لأن الإيجابية يمكن أن تذلّل العقبات أمّا السلبية فتزيدها تعقيداً.
وفي السياق نفسه نقل النائب عماد الحوت عن الحريري مساء تشديده على ضرورة «تحكيم العقل في هذه المرحلة والخروج من الأنانيات»، مع تأكيده أنه «مطمئن إلى أننا سنصل حتماً إلى قانون للانتخاب في وقت ليس ببعيد».
برّي
في الغضون تلقّى اقتراح القانون «التأهيلي» جرعة رفض جديدة من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، مع اعتراضه على الانتقال «من قانون الستين إلى قانون طائفي»، معتبراً أن اللعب بالطائفية «لا يعني أن الطوائف لعبة والوطن ملعب». وتمسّك في مستهلّ «لقاء الأربعاء» النيابي بـ«الثوابت الوطنية والمقاربة الوطنية في التعاطي مع قانون الانتخاب»، مؤكداً «أننا لن نكون أبداً مع أية مقاربة طائفية للقانون الجديد».
وكان مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري أكد أمس من السراي الحكومي أن الأمور «غير مقفلة وأن طرح الرئيس برّي لا يزال قائماً، وأن مشروع التأهيلي يلقى معارضة جدّية من قوى فاعلة في البلد وهو لا يحظى بتوافق».
أضاف: «أن مشروع الرئيس برّي يُعتبر من المشاريع المتقدّمة وتبقى الأفكار المتعلّقة بمجلس الشيوخ تحتاج إلى وقت ودراسات، وطرحها مهم ولكن حتى اليوم لا اتفاق حولها»، مؤكداً أن «الكلّ موافق على أن يكون الصوت التفضيلي في القضاء بالصيغة التي يطرحها رئيس مجلس النواب».
الديار :
مرة بعد أخرى، يثبت ان اللعبة السياسية في لبنان هي كناية عن رمال متحركة ومتموجة، تتقلب معها الاحوال من حين الى آخر، حتى باتت أعمار التحالفات والخصومات تطول وتقصر تبعا للاقدار... والقدرات.
بعد سنوات من انتشار «موضة» 8 و 14 آذار، اختلطت الاوراق وتبعثرت المواقع في خضم المعركة الرئاسية التي افرزت اصطفافا جديدا، اتخذ احد اشكاله الصارخة بدعم سعد الحريري ترشيح سليمان فرنجية ودعم سمير جعجع ترشيح ميشال عون، قبل ان يكتمل المشهد السوريالي مع قرار رئيس «المستقبل» بانتخاب الجنرال رئيسا للجمهورية.
بعد انتخاب عون وتشكيل الحكومة برئاسة الحريري، راج في بعض الدوائر السياسية ان صفقة حصلت بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، عبر جبران باسيل ونادر الحريري، وأفضت الى توزيع السلطة بالطريقة التي تمت، إنما بقي هذا الاستنتاج في اطار «الشبهة» و«الظن» ، في ظل غياب الدليل القاطع والحسي.
لاحقا، ومع بروز الانسجام الواضح بين عون والحريري في العديد من المحطات المفصلية، تحول الارتياب الى ما يشبه اليقين لدى المتوجسين من «الصفقة». من قانون الانتخاب الى ملفي الكهرباء والغاز مرورا برفض التمديد وغيرها من المؤشرات المتراكمة، بدا واضحا ان «عزف» رئيسي الجمهورية والحكومة يرتكز على «نوتة» واحدة.
في ظل هذا المناخ، راحت بواخر الكهرباء المفترضة تتخبط في أمواج الظنون والهواجس المتبادلة التي لاحت من خلفها معالم اصطفاف معدّل، ولو كان في المبدأ «موضعيا».
هكذا، انتقلت عدوى «التقنين» الى «تفاهم معراب» على وقع التباينات الكهربائية بين طرفيه والتي يرى فيها البعض بُعدا سياسيا، بينما ارتفعت في المقابل «ساعات التغذية» للعلاقة بين القوات اللبنانية وحزب الله، على قاعدة التقاطع في مقاربة الملف الكهربائي وغيره من القضايا الانمائية والخدماتية التي تبين للطرفين انها يمكن ان تكون مساحة للتعاون، من دون ان يعني ذلك الذهاب بعيدا في التوقعات، اقله الآن.
علامة فارقة اخرى سُجلت في مرحلة ما بعد وصول عون الى الرئاسة، وتمثلت في التباعد بين الحريري والنائب وليد جنبلاط الذي لم يتردد في التأكيد اكثر من مرة مؤخرا ان حليفه الوحيد هو الرئيس نبيه بري، غامزا بذلك من قناة رئيس الحكومة.
يشعر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي باستياء شديد من الانحياز الحريري الكامل الى جانب رئيس الجمهورية، من دون ان يحسب حسابا لمصالح «الحلفاء القدامى» وهواجسهم. ويمكن القول ان كيل جنبلاط قد طفح حين ذهب الحريري في تناغمه مع عون والتيار الحر الى حد تبنيه مقاربة باسيل لمجلس الشيوخ وطائفة رئيسه، ومن ثم تأييده مشروع «التأهيل الطائفي» الذي يشكل كارثة حقيقية بالنسبة الى المختارة، من دون ان يراعي رئيس «المستقبل» حساسية جنبلاط وحساباته، خلافا لما فعله بري وحتى حزب الله.
ولا يخفي المقربون من جنبلاط الازمة القائمة بين بيت الوسط والمختارة، مشيرين الى ان جنبلاط يشعر بأن الحريري يحاول التصرف مع عون كما تصرف رياض الصلح مع بشارة الخوري، اي على قاعدة السعي الى اعادة احياء الثنائية السنية- المارونية، وما تعنيه من تهميش للمكونات الاخرى.
ويعتبر جنبلاط - وفق اوساطه - ان محاولة استحضار هذه المعادلة الطائفية مجددا تشكل خطرا على لبنان، تماما كما ان اي ثنائية اخرى تنطوي على تهديد للتوازنات الداخلية الدقيقة، وبالتالي فان الواقع اللبناني محكوم بالتوافق الذي يشمل الجميع ولا يستبعد احدا.
ويلفت المحيطون بجنبلاط الانتباه الى ان سلوك عون والحريري يعكس وجود تفاهمات ضمنية ومصالح مشتركة بينهما، يجري التعبير عنها تباعا عند كل محطة.
ويستغرب هؤلاء اصرار باسيل على إناطة رئاسة مجلس الشيوخ بمسيحي، باسم المحافظة على التوازن الطائفي، في حين ان المفاصل الاساسية في الدولة هي من حصة المسيحيين، ومن بينها قيادة الجيش والمجلس الدستوري ومجلس القضاء الاعلى ومصرف لبنان.
وحتى القوات اللبنانية التي بذلت جهدا في الماضي لمد جسور سياسية بين الرابية وبيت الوسط، تشعر بأن السحر يكاد ينقلب عليها، خصوصا على مستوى خطة الكهرباء التي وضعت «المستقبل» و» التيار الحر» ، في قارب مشترك بل في باخرة واحدة.
مصادر قيادية في القوات اللبنانية اكدت ان معراب ستستكمل معركة تصويب مسار المعالجة لملف الكهرباء حتى النهاية، وهذه معركة جدية لا مزاح فيها، لافتة الانتباه الى انه سيتم توظيف الحضور القواتي داخل الحكومة في اتجاه تصحيح مكامن الخلل في ادارة الشأن العام.
وتشدد المصادر على ان معراب تفصل بين تحالفها مع «التيار الحر» وبين اصرارها على احترام القواعد القانونية والاجرائية في مقاربة الشأن العام، ومن ضمنه قطاع الكهرباء، مشيرة الى ان التحالف السياسي على اهميته لا يمكن ان يبرر غض الطرف عن اخطاء في التعامل مع ملفات حيوية تتصل بمصالح الدولة والناس.
وترى المصادر ان تفاهم «التيار» و«القوات» حقق العديد من الانجازات السياسية، ولا تصح العودة الى مرحلة ما قبله، لكن في الوقت ذاته لا يجوز استخدام زخمه لتطبيق سياسة «مرقلي تمرقلك» ومن غيرالمقبول ان نصمت، باسم هذا التفاهم، عما نعتقد انه خلل في مكان ما، وإذا كانت التسويات والمساومات مقبولة في المسائل السياسية فانها مرفوضة وممنوعة عندما يصبح الامر متعلقا بالشأن العام.
وتدعو المصادر القواتية الى ان تلحظ خطة الكهرباء آليات النزاهة والشفافية التي من شأنها ان تدحض الشبهات المحتملة وبالتالي تشكل حماية وحصانة لحقوق الدولة وكذلك للمولجين بتنفيذ الخطة، لافتة الانتباه الى ان تلك الضمانات المطلوبة تساهم في تحصين عهد الرئيس ميشال عون الذي راهن عليه الكثيرون لاحداث تغيير في نمط التعاطي مع القضايا الحساسة.
وتوضح المصادر ان «القوات» لم تقتنع بمنطق التيار «الكهربائي»، معتبرة انه من الضروري توسيع دفتر الشروط المرتبط ببواخر الطاقة لافساح المجال امام تنوع الخيارات، واللجوء الى ادارة المناقصات لتأمين الشفافية، بدل ان يضع البعض انفسهم في زاوية ضيقة.
وتلفت المصادر الانتباه الى ان معراب تحاول حصر الخلاف بينها وبين الرابية في الاطار التقني، كاشفة عن انه قد يكون من الافضل الاستعانة بهيئة القضايا والتشريع في وزارة العدل لحسم النقاش حول مسار خطة الكهرباء، إذا تعذر الاتفاق.
وتشدد المصادر على ان «القوات» تعتمد معايير موحدة ومقاييس ثابتة في مقاربتها للشأن العام، بمعزل عن هوية الحليف او الخصم، لافتة الانتباه الى ان الدكتور سمير جعجع كان مرتاحا، على سبيل المثال، لنجاح الوزير يوسف فنيانوس في تحسين مردود الدولة من المنطقة الحرة في المطار، وهو طلب من وزراء «القوات» ان يشيدوا بهذا الانجاز، برغم الخصومة السياسية مع تيار المردة.
ابعد من ذلك، تشيد المصادر بأداء حزب الله في الحكومة وبسلوكه على مستوى الشأن العام، مشيرة الى ان تجربة وزراء «القوات» اظهرت حتى الآن ان حزب الله هو الطرف الاكثر جدية في مجلس الوزراء، بالمقارنة مع مكوناته الاخرى.
وتوضح المصادر ان «القوات» تتقاطع مع الحزب حول العديد من الامور المتصلة بشؤون الدولة ومصالح الناس، برغم الخلاف المرتبط بالخيارات الاستراتيجية، ومعراب مهتمة بالمحافظة على هذا التقاطع والبناء عليه، انطلاقا من ان المعركة الاصلاحية قد تقود الى اصطفاف مختلف عن الاصطفاف السياسي.
مخاض «القانون»
اما على صعيد مخاض قانون الانتخاب، فيبدو ان النسبية صارت ممرا الزاميا الى صناديق الاقتراع، سواء وحدها او من خلال المشروع المركب للرئيس بري والذي يجمع بين انشاء مجلس للشيوخ على اساس طائفي وانتخاب مجلس النواب وفق النسبية الشاملة.
وتعرب مصادر ناشطة على خط المشاورات، عن اعتقادها بأ
ن القوى السياسية المعنية محكومة بالتسوية الانتخابية في نهاية المطاف ولن تتجرأ في لحظة الحقيقة على الخوض في المجهول، ولذلك من الافضل ان تختصر هذه القوى الوقت الضائع وان تبادر الآن الى انجاز التوافق الالزامي، بدل الانتظار على حافة الهاوية.
وتشير المصادر الى ان كفة النسبية الكاملة على اساس دوائر متوسطة باتت هي الراجحة، موضحة ان هناك حاجة الى التفاهم حول عدد تلك الدوائر وكيفية احتساب الصوت التفضيلي، فيما افادت اوساط مسيحية ان «التيار» و«القوات» باتا يميلان الى الانفتاح على هذا الخيار انما ضمن ضوابط، من بينها توزيع الدوائر الى 15 وربط الصوت التفضيلي بالقضاء.
ويكشف احد المطلعين على كواليس النقاشات عن ان احد الطروحات المواكبة لخيار النسبية هو نقل بعض المقاعد من دائرة الى اخرى، لطمأنة المسيحيين.
الجمهورية :
لا يكاد ضوء، ولو كان خافِتاً، يظهر في النفق الانتخابي ويُشعر اللبنانيين بأنّ البلد بدأ المشي في اتجاه توافق ما على قانون جديد، إلّا وينطفىء مجدداً، وتعود الامور الى نقطة العتمة، والدوران مجدداً في متاهة التناقضات والصيغ الانتخابية المتضاربة، لتنقل البلد من جديد الى مدار التشاؤم وانعدام ايّ بارقة أمل في تجاوز هذا النفق. وكأنه لا يكفي المواطن اللبناني هذا الاشتباك الانتخابي المفتوح، لتنبت على حافته أزمة كهربائية معقدة ومفتوحة على شتى الاحتمالات، خصوصاً بعدما صعق ملف الكهرباء العلاقات السياسية، ووصلت شراراته الى الحكومة مع تغطية رئيسها سعد الحريري موقف وزارة الطاقة، ووصوله الى حد القول في مجلس الوزراء: «أنا ما فيي كمّل هيك» واذا كنّا غير قادرين على حل مسألة الكهرباء فما فائدة هذه الحكومة؟
إنتخابياً، على رغم ايجابية النقاش الانتخابي في اللجنة الوزارية برئاسة الحريري في السراي الحكومي، الا انه لم يتمكن من فتح خطوط التفاهم بين القوى السياسية والتوفيق بين الصيغ المتضاربة، بل انّ هذه الايجابية النظرية نفسها سرعان ما تبخرت جرّاء أجواء التشنج، وإن كانت غير معلنة، المتفاقمة ما بين بعبدا وعين التينة، وخصوصاً على الملف الانتخابي.
وكان لافتاً للانتباه في هذا السياق موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الصادر أمس، غداة موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تبنّى فيه المشروع التأهيلي، حيث قال بري: «ليس المطلوب الانتقال من سجن سيئ الى سجن أسوأ. من قانونِ الستين الى قانون طائفي، فاللعب بالطائفية لا يعني انّ الطوائف لعبة والوطن ملعب».
وفي وقت استمرت المشاورات الثنائية بين القوى السياسية، وخصوصاً على خطّي عين التينة ـ بيت الوسط، وكذلك بين «التيار» و«القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، لم تلغ مصادر مواكبة للاتصالات الانتخابية احتمال عودة اللجنة الوزارية الى الانعقاد مجدداً في الايام المقبلة، في وقت أكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«الجمهورية» انّ الثابت الاساس الذي يتحرك من خلاله الرئيس الحريري هو تأكيد التوافق الذي لا سبيل غيره للخروج من الازمة الراهنة، وهو ما عادت وشدّدت عليه كتلة تيار «المستقبل» في اجتماعها أمس.
وفيما نقل عن وزير الخارجية جبران باسيل أمس تأكيده التمسّك بالخيار التأهيلي كخيار ثابت، أي ان يكون ملازماً لأيّ صيغة للقانون النسبي ايّاً كان شكل الدوائر، وسطى او موسّعة، كان مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري يؤكد من جهته انّ «التأهيلي صار بحكم المنتهي بعد اعتراض قوى وازنة في البلد عليه لا يمكن تخطّيها».
واذ أشار الحريري الى انّ الامور غير مُقفلة، كشف انّ طرحَ الرئيس بري مُتقدم، لكن تبقى نِقاط كمجلس الشيوخ تحتاج الى درس ووقت، لافتاً الى انّ الجميع موافق على ان يكون الصوت التفضيلي في القضاء وفق صيغة رئيس المجلس. الّا انّ الحريري اشار الى انّ الوزير باسيل ما زال معترضاً على هذا الطرح ويرفض النقاش فيه حتى من حيث المبدأ.
على انّ اللافت ما أشارت اليه الـ«أو تي في» الى «انّ التيار الوطني الحر لا يزال متمسّكاً بالتأهيلي، الّا انه لا يعارض مبدئياً طرحَ بري، اذا تمّ حَسم النقاش في مسألتي الدوائر ومجلس الشيوخ. وقالت انّ التيار يعمل في الوقت نفسه على طرحٍ يقوم على النسبية في 15 دائرة، مع إبقاء الصوت التفضيلي في القضاء، إضافة الى شروط في طريقة احتساب الفائزين.
«التيار»
وفيما بدا انّ موقف بري أمس، جاء رداً على طرح رئيس الجمهورية حول التأهيل والضوابط، حرص فريق رئيس الجمهورية على الّا يعتبر نفسه معنياً بكلام بري، بل هو معنيّ بما اكد عليه الرئيس عون لناحية وجوب وضع الضوابط ومنها التأهيل لوصول الأكفّاء الذين يمثلون طوائفهم، مع الانفتاح على أي طرح يحقق هذا الهدف».
وقالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» إنها لا تشعر بأنّ كلام بري «موجّه الينا، لأننا لسنا معنيين بالطائفية»، مؤكدة انه «ليس هناك قانون طائفي بل هناك ممارسة طائفية، و«التيار» لا يمارس طائفياً بل وطنياً، لكنّ المطلوب من الجميع هو أن يمارسوا وطنياً ايضاً».
واستغربت المصادر «الاتهامات التي تُرمى جزافاً على «التيار» بأنه يعرقل جرّاء تمسّكه بالقانون التأهيلي»، وقالت: «هذه اتهامات خاطئة، لم نقل يوما اننا نتمسّك بطرح انتخابي، بل نتمسّك بالميثاقية والشراكة وبتصحيح الخلل على المستوى المسيحي الوطني وهذا لا يُسيء لأحد».
ومن جهة ثانية، حرصت المصادر على التأكيد «انّ التفاهم مع «حزب الله» هو تفاهم وطني يتخطى الخلاف على بعض الملفات»، وانّ العلاقة مع «القوات اللبنانية» استراتيجية، فما توصّلنا اليه معها يتخطى الاختلاف على ملفات وعلى جزئيات لها علاقة بموضوع معين، نحن متفقون على تعزيز الشراكة الوطنية في النظام وعلى تصحيح التمثيل، وعلى الدولة التي يجب ان يكون لها حضور قوي وعلى أدائها الذي ينتظم تحت سقف القوانين، واي اختلاف يحصل بيننا يحلّ بالوسائل الديموقراطية، لكن مع ضرورة الانتباه من ان يتحوّل اي خلاف الى مادة للتشهير وللاستغلال السياسي او الحملات ضد «التيار» او «القوات» يستفيد منها خصوم الطرفين وتساهم باستهداف الوحدة المسيحية».
أزمة البواخر
من جهة ثانية، وفيما غاب الملف الانتخابي عن مداولات مجلس الوزراء في جلسته في السراي الحكومي، أمس، الّا انّ ملف الكهرباء كان الحاضر الابرز، الى جانب ملف الكسّارات الذي فجّر اشتباكاً كلامياً بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير البيئة طارق الخطيب.
ولوحظ في هذا المجال مجاراة الحريري لمنطق وزير البيئة. وايضاً ملف الاتصالات الذي يبدو أنه مرشّح للدخول في أزمة، خصوصاً بعد تساؤلات أثارها وزراء «القوات اللبنانية» حول مناقصة يجري إعدادها في هذا القطاع.
وقالت مصادر وزارية انّ باسيل أثار ملف الكهرباء، متسائلاً أين أخطأ وزير الطاقة؟.
وقالت أيضاً انّ بعض الوزراء أثاروا موضوع عدم العودة في دفتر الشروط الى مجلس الوزراء، فقال الوزير باسيل انّ وزير الطاقة ينفّذ قراراً للحكومة السابقة، فيما أشار وزراء آخرون الى انه في الجلسة التي أقرّت فيها الخطة طالب الوزراء بإضافة بند على دفتر الشروط الذي وضع في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فأضيف البند لكن لم يطلب أحد العودة في موضوع دفتر الشروط الى مجلس الوزراء. امّا البند الذي أضيف فهو زيادة إمكانية التمويل على دفتر الشروط الموجود أليس معناه الموافقة على دفتر الشروط الموجود عندما يطلب اليه زيادة إمكانية التمويل؟
الحريري
ولفتت بعد ذلك المرافعة التي قدمها الحريري حول توجّه وزارة الطاقة، مُتبنياً المنحى الذي تسلكه في هذا الإطار. وبلغ الحريري في كلامه حدّ الجزم بوجوب معالجة الملف الكهربائي في السياق الذي تسلكه وزارة الطاقة حالياً، وخاطب الوزراء صراحة منتقداً طريقة التعاطي مع هذا الملف خارج مجلس الوزراء، وقال: «هنا مجلس الوزراء، وعلى هذه الطاولة تُدار كل المواضيع، ومن لديه اعتراض فليقدّمه هنا».
وبحسب المصادر، فإنّ الحريري أكد انّ التضامن الوزاري هو المطلوب، ومن غير المقبول إطلاق الاتهامات والاعتراضات خارج مجلس الوزراء فـ«هذه مش طريقة، وهذا مش شغل وأنا ما فيي كمّل هيك... بَلّغوا مرجعياتكم السياسية وعودوا إليّ بالجواب... وإننا كحكومة إن لم نستطع ان نعالج هذا الملف، فما الفائدة من هذه الحكومة؟ وانا لا اريد حكومة كيفما كان». حتى انه ذهب الى القول إنني أستغني عن رئاسة مجلس الوزراء اذا استمر الاعتراض على ملف الكهرباء.
مصادر «الطاقة»
وأوضحت مصادر وزارة الطاقة لـ«الجمهورية» انّ الوزير سيزار ابي خليل سيرفع التقرير الذي سيصدر عن فَضّ العروض الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، علماً انه لم تستبعد ايّ شركة من المناقصة. وقالت المصادر: «إننا نريد الكهرباء بسرعة وبكلفة متدنية على الدولة والمواطن، وهذا ما نعمل له، خصوصاً انّ ما يطرح في المؤتمرات الصحافية هو من باب المزايدات السياسية».
يشار في هذا السياق الى انّ الجلسة عقدت في وقت يشهد الملف الكهربائي تورّماً ملحوظاً جرّاء الانقسام في الموقف حيال المنحى الذي تسلكه وزارة الطاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة وفريقيهما من جهة وبين «القوات اللبنانية» من جهة أخرى، وكذلك رئيس مجلس النواب الذي ذهب الى حَد وصف «أيّ صفقة لا تمرّ بدائرة المناقصات بالصفقة المشبوهة»، وايضاً «حزب الله» والنائب وليد جنبلاط
الاخبار :
لا يزال السّجال حول قانون الانتخاب يستنزف الوقت والعهد الجديد، فيدخل البلاد في دوّامة المجهول، على أعتاب تحوّلات إقليمية خطيرة. وإن بدا أن غالبية القوى السياسيّة تستشعر مدى الخطر المحدق بالنظام السياسي، على علّاته، تُظهر دينامية التعامل مع أزمة قانون الانتخاب والتأجيل المستمر للوصول إلى اتفاق على صيغة وطنية للقانون تحت ذرائع مختلفة، أنّ ما يحكم مواقف بعض الكتل السياسية، هو سوء التقدير والتعامل بخفّة مع الاستحقاقات التي يقف لبنان والمنطقة عندها.
فعلى رغم سقوط مشروع التأهيل الطائفي بالضربة القاضية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بعد بروز اعتراضات جذرية عليه من كتل وازنة في البلاد، مثل الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط وغالبية قوى فريق 8 آذار، وحتى حزب القوات اللبنانية، أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون قبل يومين دعمه للقانون التأهيلي. وبخلاف التوافق المستجدّ والتماهي شبه التّام بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، برز أمس موقف مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، وإعلانه سقوط قانون التأهيل الطائفي بسبب الاعتراضات الواسعة عليه وحصر النقاشات في القانون الذي قدّمه برّي. إلّا أن أكثر من مصدر متابع أكّد أمس لـ«الأخبار» أن التيار الوطني الحرّ لا يزال متمسّكاً بالتأهيلي، مع انفتاحه على البحث في قوانين جديدة، ما دامت تحقّق ذات النتيجة التي يحقّقها التأهيلي تحت عنوان «حقوق المسيحيين».
وفيما خلت جلسة مجلس الوزراء أمس من النّقاش حول قانون الانتخاب، باستثناء تأكيد الحريري لضرورة الوصول إلى صيغة حلّ مقبولة من الجميع، ظهرت أكثر هشاشة التحالف بين التيار الوطني الحرّ والقوات، على خلفية الصراع المستعر حول قضية بواخر الكهرباء، في ظلّ اعتراض القوات على آلية إجراء المناقصات، ولجوء التيار إلى عرقلة البنود التي تخصّ وزارة الصّحة مرة جديدة في خلال جلسة أمس.
وتابع رئيس المجلس النيابي هجومه على الخطاب الطائفي في البلاد وعلى القانون التأهيلي من دون أن يسمّيه، داعياً في خلال لقاء الأربعاء النيابي إلى الابتعاد «عن بث الروح الطائفية، والتمسك بالمبادئ الوطنية بعيداً عن المصالح الضيقة والفئوية». وقال برّي: «ليس المطلوب الانتقال من سجن سيئ إلى سجن أسوأ... من قانون الستين إلى قانون طائفي، فاللعب بالطائفية لا يعني أن الطوائف لعبة والوطن ملعب».
وفي ظلّ الحديث عن إمكان الاتفاق على قانون انتخابي نسبي على أساس دوائر متوسّطة مع حصر الصوت التفضيلي في القضاء، قالت مصادر وزارية في قوى 8 آذار وأخرى في تيار المستقبل إن «الاتفاق لا يزال بعيداً». وأضافت أن «الشيطان يكمن في تفاصيل القانون»، مؤكّدةً أنه «إذا أخذ المبدأ العام أو فلسفة القانون كل هذا الوقت من دون الوصول إلى اتفاق، فإن التفاصيل والدوائر إذا جرى الاتفاق تحتاج إلى وقت طويل أيضاً، والمهل باتت ضيقة والأحداث من حولنا تزداد خطورة».
ويمكن القول إن الخيارات المتوافرة من الآن وحتى مهلة 20 حزيران لم تعد كبيرة، وهي باتت محصورة إمّا بالاتفاق على قانون نسبي على أساس دوائر متوسّطة، وإما العودة إلى السّتين، أو الوصول إلى الفراغ. وفي ما خصّ القانون النسبي على أساس الدوائر المتوسّطة (مع أو من دون قانون برّي الذي يتضمّن إنشاء مجلس للشيوخ)، فإن موافقة شريحة واسعة من القوى عليه تعطيه الفرص الأوفر حظّاً، لأن من عبّروا عن موافقتهم على مبدأ النسبية في السابق، كان ضمنهم الرئيس عون، قبل أن ينقلب التيار الوطني الحرّ على هذا الخيار. وعدا عن تكرار التيار مطالبته بالنسبية طوال السنوات الماضية، فإن هذه الطرح هو ما كان عون يحاول إقناع الحزب التقدمي الاشتراكي به في لقاءاته الأولى معه حين كان الاشتراكي يبدي اعتراضاً حاسماً على النسبية. وتقول مصادر وزارية اشتراكية وأخرى في 8 آذار، إنه «إذا كان لدى التيار النيّة للموافقة على هذه الخيارات، فإنّ من الأفضل الموافقة الآن، قبل أن يمرّ الوقت». وتقول المصادر إن «أكثر من طرف سياسي مستعدّ لإيجاد مخرج سياسي لائق للتيار الوطني الحرّ إذا قرّر تسهيل المهمة بهدف إجراء الانتخابات على أسس وطنية والخروج من النفق المظلم الذي نتقدم إليه». أمّا في حال تعذُّر الاتفاق، فتبدو العودة إلى قانون السّتين، خياراً وحيداً، وحتى هذا الخيار، يعني تمديداً تقنيّاً للمجلس النيابي بغية تعديل المهل، وهو يضعف عهد الرئيس عون، ويحبط آمال اللبنانيين، ويعيد تركيب القوى السياسية على النحو الذي استمر منذ انتخابات 2009، في وقت جرى فيه شحذ الهمم الطائفية وإيقاظ عصبيات وأحقاد وخطابات تعود لأيام الحرب الأهلية، لتكون النتيجة عودة إلى التركيبة الحالية ذاتها.
أمّا الخيار الثالث، أي الفراغ، فيُسقط أوّلاً حكومة الحريري، ويقضي على العهد الجديد في عامه الأوّل، ويدخل لبنان في سياق التحوّلات الإقليمية، في خطوة قاتلة نحو المجهول تسهل عندها دخول العوامل الإقليمية والدولية على الملفّ اللبناني.
وتجدر الإشارة إلى التحذير الذي أطلقه أمس النائب علي عمار، وإشارته إلى أنه «لم يمر في تاريخ لبنان مأزق أشد خطورة من مأزق اليوم»، محذّراً من «إنعاش نزعة التقسيم الطائفي». واعتبر «أننا في أمس الحاجة إلى التحرر من التعصب الطائفي والاقتراب من الدستور والتحرر من منطق الحصص والأحجام»، لافتاً إلى أن «الحديث عن قانون الانتخاب اليوم هو حديث معيب لفرادة لبنان. يمكن أن نتناصف على مستوى الحكومة ومجلس النواب والوظائف، ولكن هذه مرحلة انتقالية لبلوغ أمور دستورية أساسية، أولها إلغاء الطائفية السياسية»، مشدّداً على ضرورة «اعتماد النسبية الكاملة على مستوى قانون الانتخاب ليكون النائب نائباً عن الأمة جمعاء». وختم عمّار: «هناك من تدغدغه الفيديرالية، إلا أن لبنان أصغر من أن يقسَّم وأكبر من أن يكون حسب الطائفية».
البلد :
بات واضح ايار البرلمانية، باتت في حكم المؤجلة ما دام االتفاق على اقتراح قانون انتخاب للتصويت عليه في مجلس النواب غير متوفر والصيغ المطروحة على بساط النقاش انحصرت بواحدة او اثنتين ودخلت إلى »مطبخ« ً ا بين األفرقاء الجوجلة النهائية للخروج بمشروع قانون جامع يؤمن تقاطع السياسيين، ويتيح اذا ما كتب له ان يبصر النور، انهاء حقبة الخالف السياسي المزمن حوله. ولكن االجواء التفاؤلية بقرب الوصول الى خط النهاية، عاكستها مواقف حادة في شأن القانون ال تشي بانفراج وشيك، اذ خرج رئيس ُ قل عنه قوله عن مشروعه »إما أن يؤخذ مجلس النواب نبيه بري الذي ن ُ ترك كما هو، ما خال تعديالت تقنية إلعادة النظر في عدد كما هو أو ي ّ نقطة«، ليرد على كالم ّ محل ً وسوى ذلك ال فاصلة تحل الشيوخ مثال ً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قال »يريدون اليوم قانونا على أساس النسبية لكن من دون ضوابط نحن نطالب بإيجادها، ومنها التأهيل لوصول األكفاء الذين يمثلون طوائفهم«. وقال بري في رده ّ ئ الى سجن أسوأ من قانون »ليس المطلوب االنتقال من سجن سي الستين الى قانون طائفي، فالتالعب بالطائفية ال يعني ان الطوائف لعبة، والوطن ملعب«. وبعيد اجتماعات االمس الماراتونية التي توزعت بين السراي ووزارة المال، اعلن مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري الذي يشارك في االجتماعات عن تيار المستقبل »ان االمور غير مقفلة وطرح الرئيس بري )النسبية على 6 دوائر مع مجلس شيوخ( ال يزال قائما ويعتبر من المشاريع المتقدمة وتبقى نقاط مثل مجلس الشيوخ تحتاج الى وقت، لكن ال اتفاق بعد«. وجدد المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري دعوتهم »لالسراع ّ ازمة دستورية ّب البالد شر ُ جن في التوافق على قانون انتخاب جديد ي ّهوا الى »آفة الفساد في مؤسسات الدولة«. وسياسية«، ونب اما مجلس الوزراء فنأى بنفسه عن الملف االنتخابي، وباستثناء تأكيد الحريري على وجوب متابعة ملف قانون االنتخابات مع إصرار على ضرورة ان يصل الى نهايات وخواتيم سعيدة، لم يبحث المجلس ال في الصيغ المطروحة وال في ما آل اليه النقاش على هذا الصعيد.كما لم يتطرق الى خطة الكهرباء. واقتصرت الجلسة على اقرار جدول اعمال من 114 بندا وبندين من خارج جدوله واعطاء مدة شهر ألصحاب المقالع والكسارات ليستخدموا خاللها الستوكات والمستودعات الخاصة بهم، على ان يتقدم من يحتاج الى تسوية اوضاعه اذا توفرت لديه الشروط بطلب الى وزارة البيئة