تمهيد: استهلّ نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني مؤتمره الصحفي حول فضيحة البواخر الكهربائية، بالاعتذار المبطن من رئيس التيار الوطني ومستشاره السابق ووزيره الحالي سيزار أبي خليل، قائلاً بأنّ الاختلاف حول صفقة الكهرباء المشؤومة والملعونة والمُخزية،لا تُفسد في الودّ قضية، في حين أنّ الفساد، كما تعلم يا معالي الوزير، يُفسد كل شيء، وقديماً قيل :تفاحة فاسدة تُفسد الصحّارة كلها (أي الصندوق كله).
أولاً: الحاصباني ينال من الحكومة من موقع المسؤولية...
بعد هذه الملاحظة العابرة، يبقى أنّه ولأول مرّة في تاريخ هذه الطبقة السياسية ،ومنذ أكثر من عقدين من الزمن، يخرج مسؤول ، بحجم مسؤولية نائب رئيس حكومة ليقول: كفى نهباً، كفى سرقة، كفى عبثاً بالمال العام، وكفى لعباً بعقول الناس ولقمة عيشهم، والضرب الفارغ على وتر الخدمات المفقودة مع توفُّر الهدر الفاضح، وكل ذلك بفضل تقاسم الحصص، وتبادل المنافع، وصرف النفوذ، ومراكمة الثروات على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة والمُعدمة.
ثانياً: رئيس الحكومة في مرمى الشُّبهات...
إقرأ أيضًا: خطاب السيد حسن نصر الله... الإيجابيات والسلبيات
رئيس الحكومة ، دافع عن الوزير أبي خليل في جلسة المسائلة، لا بل توعّد اللبنانيّين،بأنّنا سنجلب الكهرباء، وستدفعون،هكذا، شاء من شاء وأبى من أبى، وما الذي يردع هذه الزُّ مرة السياسية عن اتّخاذ أبشع السرقات وأرذلها (خطة أبي خليل الكهربائية)، طالما أنّ رئيس الحكومة في مرمى الشّبهات، وأنّ هذه الصفقة "المُربحة" لا بد أن تعود عليه بالفائدة، وبالامس عندما كان يتحدث عن قانون الانتخاب في القصر الجمهوري، راح يتباكى على مذبح المواطن ومطالبه، ليذكر أول ما يذكر بأنّ المواطن بحاجة إلى الكهرباء، صحيح، لكن الأصحّ أنّ المواطن الذي ذاق الأمرّين من باخرة فاطمة غول، بات يتحسّر على "غول" مريام كلينك، عوضاً عن "غولات" الوزير أبي خليل.
ثالثاً: رئيس الجمهورية..الهاجس الطائفي...
ورئيس الجمهورية، الذي أقسم يمين الولاء للوطن، نظاماً وكياناً، وشعباً، وأن يكون أبعد الناس عن التمييز الطائفي، صدرت عنه بالأمس تصريحات مُستهجنة، فكرّر هواجس صهره وزير الخارجية بالحدب على مصالح المسيحيين، المسيحيين المستهدفين من قبل المسلمين "الظالمين" الذين لا يمدّون يد السوء إلاّ على حُصّة المسيحيين النيابية، ذلك أنّ المسيحيين الذين يصلون بأصوات المسلمين، يمّسخوا (من المسخ) مسلمين، فيضطرب حبل التوازن الطائفي. أمّا معضلة قانون الانتخاب في نظر رئيس الجمهورية، فتكمن في هذه العقدة عند المسلمين الذين لا يسيل لعابُهم إلاّ على مقاعد المسيحيين، مع أنّ النائب إميل رحمة، الذي يفوز بأصوات الشيعة المسلمين يصحّ فيه قول الشاعر:
ما زاد "حنّون" في الإسلام خردلةً
ولا النصارى بكت من فقد "حنون"'.
إقرأ أيضًا: الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة.. تتحلّل
في حين أنّ نواب القوات والكتائب الذين يفوزون في عرين وليد جنبلاط سرعان ما يلتحقون باحزابهم. هذا مع ملاحظة أن "مخازي" وزير الطاقة لم تبلغ أسماع رئيس الجمهورية، ولم تزكم أنفه روائح الفساد التي تفوح منها.
تحية إكبار وإعجاب لنائب رئيس الحكومة، أول مسؤول يستحقّ الثناء والتقريظ، منذ مابعد الحرب الأهليّة.