ذكرت وكالة رويترز أنّ قوة الحرس الثوري العسكرية في إيران تعمل سراً على دعم مرشح متشدد في انتخابات الرئاسة المقررة في 19 أيار واضعة نصب عينيها جائزة أكبر، ألا وهي خلافة الزعيم الأعلى مع إصرارها على حماية دورها الأمني المهيمن ومصالحها الاقتصادية الواسعة. وحقق الرئيس حسن روحاني المعتدل نسبياً نصراً ساحقاً في انتخابات 2013 مدعوماً بوعود بانفتاح المجتمع الإيراني وتقليص عزلة البلاد الدولية وينظر إليه على نطاق واسع على أنه الأوفر حظاً للفوز بولاية جديدة الأسبوع القادم
 

لكن الحرس الثوري وقوات الباسيج، وهي مجموعة من المتطوعين تحت قيادة الحرس، تتخذ خطوات لدعم ترشيح منافسه الأول رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي.

انتقاد روحاني

وتنتقد وسائل إعلام تابعة للحرس أداء روحاني في السلطة. ويقول خبراء متابعون لشؤون الحرس الثوري إنه سيستخدم على الأرجح أيضاً موارده للمساعدة في نقل أنصار رئيسي إلى مراكز الاقتراع. وقال علي ألفونه الباحث لدى مجلس الأطلسي والذي أجرى بحثاً واسعاً بشأن الحرس الثوري "سيدير الحرس الثوري حافلات كبيرة وصغيرة لنقل الناس من أجل التصويت. سيعملون على حشد الناخبين ليس فقط في المناطق الريفية وإنما أيضاً في الأحياء الفقيرة حول المدن الكبرى". وأضاف "يريدون أن يصوت أنصارهم".

ويخشى المتشددون في مجال الأمن في الجمهورية الإسلامية أن يقلص روحاني، إذا فاز بولاية جديدة، الصلاحيات التي أتاحت للحرس التمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي هائل.

التحكم في الزعيم

وسواء فاز روحاني بفترة ولاية ثانية أم لا، تكمن الجائزة الأكبر في التحكم فيمن سيخلف الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي ينعم بسلطات أوسع بكثير من سلطات الرئيس المنتخب. وخامنئي البالغ من العمر 77 عاماً يتولى السلطة منذ العام 1989. ويقول بعض المحللين إن ترشيح رئيسي للرئاسة اختبار لرجل قد يتم إعداده لخلافة خامنئي. وقال ألفونه: "هذه الانتخابات ليست فقط من أجل اختيار الرئيس وإنما تتعلق أيضاً بالخلافة بعد خامنئي". وتابع يقول: "يعتقد الحرس الثوري أن هذه فرصته للقضاء نهائياً على التكنوقراط والتحكم في عملية الخلافة بعد خامنئي."

اعتقالات

وستقوم هيئة تسمى مجلس الخبراء تم انتخابها العام الماضي لفترة ثماني سنوات باختيار خلف خامنئي. وروحاني نفسه عضو في هذا المجلس بوصفه أحد أكبر الحاصلين على أصوات واكتسح هو وحلفاؤه تقريباً مقاعد العاصمة طهران.

ولكن أعضاء كثيرين بالمجلس ليسوا مرتبطين بقوة سواء بالمعسكر الإصلاحي أو التقليدي كما أن الجبهة التي ستفوز في انتخابات الرئاسة قد تكسب ميزة بمحاولة تعزيز التأييد لمرشحها لمنصب الزعيم الأعلى. وجعل الحرس خياراته معروفة.

وفي منتصف آذار اعتقل الحرس الثوري الإيراني عشرات من مديري قنوات التواصل الاجتماعي الإصلاحية في موقع تيليغرام الذي يحظى بشعبية طاغية في إيران ويستخدمه ملايين الأشخاص. ودفعت هذه الاعتقالات عضو البرلمان محمود صادقي إلى أن يبعث رسالة إلى قائد الحرس الثوري الإيراني طلب منه فيها عدم تدخل الحرس في انتخابات الرئاسة المقبلة. وكتب أيضاً صادقي أن وسائل الإعلام التابعة للحرس "تعمل ضد الإصلاحيين وأنصار الحكومة" وذلك حسبما ذكرت وكالة أنباء العمال الإيرانية التي طبعت نسخة من الرسالة.

وقالت منظمة سنتر أوف هيومان رايتس في إيران والتي تتخذ من نيويورك مقراً لها إن رئيسي كان عضواً في لجنة أشرفت على إعدام آلاف المعارضين في 1988. وأقام رئيسي خلال فترة عمله بالسلطة القضائية علاقات مع كبار أعضاء الحرس الثوري الإيراني. وقال محسن سازكارا وهو عضو مؤسس في الحرس الثوري الإيراني وهو الآن معارض مقره في الولايات المتحدة إن "رئيسي هو مرشح الحرس الثوري." وأضاف أنه "كان يعمل عن كثب مع الحرس الثوري عندما كان في السلطة القضائية". وباءت محاولات الوصول إلى المكتب الإعلامي للحرس الثوري بالفشل. وعلى الرغم من توخي خامنئي الحذر بشأن خياراته السياسية يبدو أيضاً أن رئيسي يحظى بدعم الزعيم الأعلى كمرشح رئاسي وخليفة محتمل. وطبقاً لسيرة ذاتية رسمية منشورة على الإنترنت كان رئيسي يحضر منذ أوائل التسعينيات محاضرات دينية يلقيها خامنئي لفترة 14 سنة. وفي العام الماضي عين خامنئي رئيسي رئيساً لهيئة دينية تبلغ ميزانيتها عدة مليارات من الدولارات.

التواصل مع رئيسي

وقالت وكالة أنباء فارس إن وفداً من كبار قادة الحرس الثوري ذهب لزيارة رئيسي في مدينة مشهد عندما عُين رئيساً لهذه الهيئة العام الماضي. وكان من أعضاء الوفد قائد الحرس وقائد الباسيج وقاسم سليماني قائد فيلق القدس وهو الفرع المسؤول في الحرس الثوري عن العمليات خارج حدود إيران بما في ذلك العراق وسوريا. الحفاظ على الأمن الداخلي أحد الأسباب الرئيسية في رغبة الحرس الثوري في وجود مرشح له في الرئاسة ومنصب الزعيم الأعلى.

وأدت الانتخابات الرئاسية في عام 2009 المتنازع عليها والتي جاءت بمحمود أحمدي نجاد إلى السلطة لفترة ثانية إلى أكبر اضطرابات في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وخرج الملايين من المحتجين إلى الشوارع في طهران وغيرها من المدن الرئيسية. وأشرف الحرس الثوري على حملة صارمة ضد المحتجين من خلال قوات الباسيج في الأساس. وقتل العشرات من المحتجين وألقي القبض على المئات وفقاً لبيانات منظمات حقوقية.

ويوجد سبب آخر وراء رغبة الحرس الثوري في حليف في المواقع القيادية بالبلاد وهو امتلاكه حيازات اقتصادية كبيرة من قطاع الإنشاءات إلى النفط والتعدين تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

عقود ومصالح استثمارية

اصطدم روحاني مراراً بالحرس الثوري وهو في السلطة بشأن عقودهم ومصالحهم الاستثمارية. وقال روحاني في خطاب الشهر الماضي وفقاً للموقع الرسمي للرئاسة "دخول القوات المسلحة في إغراءات الاقتصاد قد يبعدها عن واجبها وهدفها الأساسي". أما الحرس الثوري فقد وجه انتقادات للاتفاق الذي أبرمته حكومة روحاني مع القوى الغربية ورفعت بناء عليه معظم العقوبات المالية عن إيران مقابل كبح برنامجها النووي. ويصف روحاني الاتفاق بأنه أهم إنجازاته.

وقال البريجادير جنرال أمير علي حاجي زادة القائد الكبير في الحرس الثوري في تصريحات أواخر نيسان إن الاتفاق النووي لم يقلل مخاطر نشوب حرب ضد بلاده. وقال لوكالة فارس للأنباء "هذه كذبة إنها إهانة".

ويقول خبراء في الشأن الإيراني إن الحرس الثوري يرى الاتفاق النووي وغيره من الخطوات الرامية لفتح الاقتصاد أمام الشركات الأجنبية تهديداً لمصالحه الاقتصادية. وقال عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية بجامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأميركية "الحرس الثوري يسعى في الأساس إلى مكاسبهم الاستثمارية الخاصة. إنه يمتلك نصيباً كبيراً في الاقتصاد ويريد نصيباً أكبر".

وأضاف قائلاً أن الحرس الثوري "يعتقد أنه إذا فاز روحاني فإن انتصاره سيقلل بعض امتيازاته".

 

 

(رويترز - هافنغتون بوست)