في الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، توقف مراقبون عند ملاحظتين عكستا وجود مشكلة بين التيار الوطني الحر وحزب الله:
٭ الملاحظة الأولى أن خطاب نصرالله خلا من عبارات الدفاع عن التحالف مع التيار الوطني الحر، بعدما جرت العادة أن يحرص السيد نصرالله على تخصيص حيز منه لدحض معلومات وتحليلات سياسية وإعلامية تسلط الضوء على فتور أو أزمة.. هذه المرة تجاهل نصرالله أقاويل وكتابات كثيرة عن أزمة بين الطرفين بسبب قانون الانتخاب.
٭ الملاحظة الثانية أن تحذير نصرالله في موضوع قانون الانتخاب من الذهاب الى الهاوية لم يكن إلا رسالة واضحة العنوان والمغزى الى العهد خاصة لجهة رفض التصويت لفرض أي صيغة لا تحظى بالتوافق، ولجهة رفض الفراغ ورفض استخدام الشارع.. إلخ، وهذه الطريقة في مخاطبة العهد، ومن دون أي تسمية مباشرة لسيده أو لأحد من رموزه، بخطاب هادئ وناصح ومرن في الشكل وحازم وتحذيري في المضمون، أعطت إشارة الى وجود خلل والى أن وسائل التواصل والتفاعل التي كانت معتمدة أيام التحالف السياسي لم تعد صالحة في «الزمن الرئاسي».
مصادر متابعة لتطور العلاقة بين الحزب والتيار تختصر العلاقة والوضع بينهما في النقاط التالية:
1 ـ العلاقة بين الطرفين بعد انتخاب الرئيس ميشال عون لم تعد مثلما كانت قبل ذلك.. أشياء كثيرة تغيرت، بما في ذلك تعذر اللقاءات المباشرة بين عون ونصرالله.
2 ـ هناك حالة ارتباك وتململ وتساؤلات تطرح لدى جمهور حزب الله وقواعده الشعبية تصل الى حد التساؤل عما إذا كان خيار إيصال عون الى سدة الرئاسة كان خاطئا، وما إذا كان موقف الرئيس عون يختلف فعلا عن موقف الوزير جبران باسيل، أم أن موقفهما واحد، وخصوصا في موضوع قانون الانتخاب.
3 ـ قانون الانتخاب لم يكن المصدر الوحيد للإزعاج والتشويش على العلاقة، وثمة وقائع وأمثلة في مجالات أخرى تهم حزب الله:
٭ عندما حدثت الضربة الأميركية ضد مطار الشعيرات في سورية، كان حزب الله يأمل أن يصدر موقف لبناني مندد، وأن يتم استدعاء السفيرة الأميركية لإبلاغها احتجاجا على استخدام الأجواء اللبنانية.
٭ عندما نظم حزب الله جولة إعلامية على الحدود، فوجئ حزب الله برد الرئيس سعد الحريري بجولة مضادة في اليوم التالي، ولكنه فوجئ أكثر بمرافقة وزير الدفاع وقائد الجيش لرئيس الحكومة.
٭ عندما زار وفد قيادي من حزب الله قصر بعبدا للاتفاق مع الرئيس عون بشأن قانون الانتخاب، فوجئ الوفد بحضور الوزير باسيل وبكلامه «الاستفزازي»، مما أدى الى فشل الاجتماع وإجهاض مسعى الحزب.
وفي المقابل، ينظر جمهور التيار نظرة حيرة وشك الى موقف حزب الله في الملف الانتخابي، مستغربا كيف يحاول الضغط على رئيس الجمهورية ويضع الكرة في ملعبه لإنقاذ قانون الانتخاب والاستحقاق النيابي والتفاهم والبلد، في حين أن الكرة هي فعلا في ملعب حزب الله. التيار الحر لم يعد في جعبته ما يقدمه، كل الأطراف لديها أزمات ثقة متبادلة، وحده حزب الله لا يزال على تواصل مع كل الفرقاء، والأقدر على التواصل مع الجميع وبات معنيا أكثر من أي وقت مضى في تعبيد الطريق أمام الحلول.