كان فرانكلين ديلانو روزفلت الرئيس الأميركيّ الأوّل الذي طلب الدعم من المملكة العربيّة السعوديّة. في البداية، دعا نجلي الملك عبد العزيز بن سعود، الأميرين فيصل وخالد إلى البيت الأبيض سنة 1943، واتّفق معهما على أسس العلاقة الأميركيّة السعوديّة. وفي يوم عيد العشّاق سنة 1945، قابل روزفلت الملك وجهاً لوجه على متن سفينة تابعة للبحريّة الأميركيّة، في قناة السويس بعيد مؤتمر يالطا.

وتوخّى روزفلت الحذر لتفادي أيّ إهانة، وعلى الرغم من إدمانه التدخين، فقد حرص على ألا يدخّن أمام الملك، واكتفى بإشعال سيجارة في مصعد السفينة بينما كان متوجّهاً لتناول الغداء بمفرده. وأثناء المناقشة، أحسن روزفلت صنعاً عندما تكلّم عن التعاون الاستراتيجيّ بشكل عامّ. لكن عندما ضغط على الملك بن سعود لدعم دولة يهوديّة في فلسطين، كان ردّ الملك سلبيّاً. فقد قال له إنّه ينبغي إنشاء دولة لليهود في ألمانيا بما أنّ هذه الأخيرة مسؤولة عن المحرقة، وعندما اصطدم روزفلت بحائط مسدود، قرّر إقفال الموضوع.

وعندما علم رئيس الحكومة البريطانيّ وينستون تشرشل بأنّ فروزفلت سيقابل الملك، أصرّ على مقابلته بنفسه في القاهرة. ودخّن تشرشل وشرب الكحول أثناء الغداء، وكان الاجتماع كارثيّاً.

وكان ريتشارد نيكسون الرئيس الأميركيّ الأوّل الذي يزور السعوديّة في الأيّام الأخيرة من فضيحة ووترغيت، وكان يسعى جاهداً إلى عقد صفقة دبلوماسيّة كبيرة تنقذه من الإدانة. لكنّ الملك فيصل، الذي كان قد رفع حصار 1973 النفطيّ الذي تسبّب في ركود في أميركا، وعظ نيكسون بشأن شرور الصهيونيّة وضرورة إعادة القدس الشرقيّة إلى العرب والمسلمين. فغادر نيكسون فارغ اليدين.

وكان أداء الرئيس جورج بوش الأب أفضل أثناء رحلته في عيد الشكر سنة 1990 لمناقشة عمليّة عاصفة الصحراء، فطمأن الملك السعوديّ بأنّه ما إن يُهزم العراق، سينظّم مؤتمراً دوليّاً للتطرّق إلى النزاع العربيّ - الإسرائيليّ، بما في ذلك المسألة الفلسطينيّة. وتلا ذلك مؤتمر مدريد في العام 1992.

ولسخرية القدر، تودّد باراك أوباما إلى السعوديّين أكثر ربّما من أيّ رئيس آخر منذ روزفلت وباعهم بلا شكّ أسلحة أكثر من أيّ رئيس آخر. وكانت المملكة محطّته الأولى في الشرق الأوسط سنة 2009. لكنّ الزيارة لم تكن موفّقة. فقد طلب أوباما من الملك عبدالله تعهّداً بالتواصل المباشر مع إسرائيل من أجل تسهيل استئناف عمليّة السلام، لكنّ الملك رفض رفضاً قاطعاً. وازداد الوضع سوءاً مع الوقت. وتجاهل الملك الجديد، سلمان، أوباما عندما دُعي إلى أميركا للمرّة الأولى.

ويخطّط السعوديّون لثلاثة أحداث في سياق زيارة ترامب هذا الشهر. الحدث الأوّل هو جلسة مع الملك وبلاطه، ثمّ اجتماع مع قادة مجلس التعاون الخليجيّ، وأخيراً اجتماع مع قادة وممثّلين مسلمين آخرين. ويدلّ ذلك إلى قوّة السعوديّين في عقد الاجتماعات ونفوذهم الكبير.

وتحتلّ إيران الأولويّة بالنسبة إلى الملك سلمان. وقد أجرى وزير الدفاع السعوديّ ووليّ وليّ العهد محمد بن سلمان هذا الشهر مقابلة أدان فيها إيران بعبارات طائفيّة قاسية للغاية. ووصف الأمير الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بأنّها مدفوعة بنبوءات مسيحيّة وعازمة على الهيمنة على المجتمع الإسلاميّ بكامله.

تتوق العائلة المالكة إلى نيل الدعم الأميركيّ ضدّ إيران في اليمن وسوريا والعراق.

وسوف يتمّ الاتّفاق على مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تنظيمي القاعدة و"داعش". وخلف الكواليس، سوف يسعى السعوديّون إلى دفع الإدارة الأميركيّة إلى التحرّك من أجل تفادي أيّ إجراء قانونيّ ضدّ المملكة من خلال قانون العدالة ضدّ رعاة الإرهاب. فقد تمّ رفع دعاوى قضائيّة كثيرة ضدّ السعوديّة باعتبارها مسؤولة عن اعتداءات 11 أيلول. فما هي النتائج التي ستسفر عنها زيارة خليفة أوباما إلى الرياض؟

 

 

(المونيتور)