وأوضحت الأرقام الرسمية أن نحو 9% من الناخبين تركوا البطاقات فارغة أو أبطلوا أصواتهم، في حين لم يشارك 24.5% من الناخبين في عملية التصويت.
ماكرون رئيس فرنسا الجديد خلفاً لسلفه فرانسوا هولاند، يقدّم نفسه للفرنسيين مرشحاً "من خارج النظام السياسي"، وتكنوقراطاً "عابراً للأحزاب" وللتصنيفات التقليدية للتيارات السياسية في البلاد، فدخل قصر الإليزيه من أوسع أبوابه.
جاء كبديل مختلف عن الوصفات الجاهزة، حتى أن البعض شبّهه بالظاهرة التي سرعان ما بعثرت المشهد السياسي في البلاد، وعصفت بأعمدته الكلاسيكية، لتفرز رئيساً وسطياً بنزعة "نيو ليبرالية".
وفي ما يلي المسار الذاتي والسياسي للرئيس الفرنسي الجديد:
تكنوقراط "متمرّد"
قبل انضمامه، في 2014، إلى حكومة مانويل فالس الثانية، على رأس وزارة الاقتصاد، لم يكن الفرنسيون يعرفون الكثير عن هذا الشاب البالغ حينها 36 عاماً.
ومع أن مسيرته الذاتية تظهر سياسياً بملامح تكنوقراطية، فإنها تستبطن أيضاً الكثير من الخفايا التي لا يعرفها الكثيرون عنه، وهو الملقب من قبل المقربين منه بـ"موزار الإليزيه"، في إشارة إلى مواهبه في كتابة القصائد حين كان طالباً بالثانوية.
وُلد ماكرون في كانون الأول 1977 بمدينة "أميان" القريبة من نهر "السوم" شمالي فرنسا، من أبوين يعملان طبيبين.
تخرّج ماكرون في "المدرسة الفرنسية للإدارة" عام 2004، قبل أن يعمل مصرفياً لصالح بنك الأعمال "روتشيلد".
وفي سنّ الـ30، كانت بدايته السياسية الحقيقية بتعيينه مقرّرا لـ"لجنة جاك أتالي" التي أطلقت النواة الأولى، في عهد نيكولا ساركوزي، لـ"قانون ماكرون" الذي ستعتمده الحكومة الاشتراكية لاحقاً في 2015، لإقرار إصلاحات اقتصادية.
عيّنه هولاند، في أيار 2012، نائب الأمين العام لمكتب رئيس الجمهورية، ثم وزيراً مكلفاً بالاقتصاد عام 2014، في حكومة مانويل فالس الثانية، قبل أن يستقيل من منصبه في آب الماضي، ويعلن بعد 3 أشهر إثر ذلك ترشحه للرئاسية، في خطوة اعتبرها مراقبون "تمرّداً" على معلّمه هولاند.
"نيو ليبرالي" على إيقاع الوحدة الأوروبية
يتطلع ماكرون، عقب انتخابه رئيساً لفرنسا، إلى استكمال المسار الذي بدأه حين كان على رأس وزارة الاقتصاد بين آب 2014 حتى الشهر نفسه من 2016.
وبناءً على ذلك، يسعى الرجل إلى إدخال بلاده في منعطف ليبرالي "آمن"، كما يقول، أي تحرير الاقتصاد أو "تحرير النمو"، وتبني سياسية ضريبية مفيدة للشركات والأشخاص، في تمشٍّ لاقى انتقادات واسعة من قبل اليسار الفرنسي على وجه الخصوص.
وخلافاً للعديد من منافسيه، أمثال مرشح اليسار الراديكالي، جان لوك ميلونشون، واليسار التقليدين بنوا آمون، لم يشكك ماكرون أبداً في القاعدة الأوروبية، التي تمنع البلدان الأعضاء بالاتحاد تسجيل عجز يزيد على 3% من ناتجها المحلي الإجمالي.
رئيس حركة "إلى الأمام" أبدى حرصه على احترام تعليمات المنظمة، بما يعزز الوحدة الأوروبية، وهذا ربما ما تجلى من خلال علم الاتحاد، الذي ظهر إلى جانب العلم الفرنسي في جميع اجتماعاته خلال حملته الانتخابية.
كما يعتزم ماكرون استحداث اتفاقيات "مواطنة"، كما يسمّيها، في جميع الدول الأعضاء بالاتحاد، من أجل الاستثمار من جديد في المشروع الأوروبي، إضافة إلى إنشاء صندوق أوروبي للدفاع.
وينوي أيضاً استحداث منصب وزير للاقتصاد والمالية لمنطقة اليورو، يتكفل بمهام إدارة ميزانية المنطقة، تحت إشراف برلمان يضم النواب الأوروبيين للدول الأعضاء.
قصة حب "هوليودية"
قصة حبّ على طريقة الأفلام الهوليودية، جمعت ماكرون، منذ أن كان مراهقاً لا يتعدى عمره الـ15 عاماً، بأستاذته في مادة الفرنسية بريجيت ترونو التي تكبره بـ24 عاماً.
بريجيت كانت حينذاك متزوجة وأم لـ3 أطفال، ما فجّر المخاوف لدى والدي ماكرون من علاقة يمكن أن تنسف مستقبل الفتى، فكان أن قاما بإرساله إلى العاصمة باريس للدراسة هناك، سعياً منهما لإبعاده عن المعهد الذي تدرّس فيه بريجيت.
غير أن الثنائي التقى بعد سنوات من ذلك، وكانت بريجيت قد انفصلت عن زوجها، فقررا الزواج، وهو ما حصل في 2007.
واليوم، لا تعتبر بريجيت (63 عاماً) أمّا فحسب، وإنما هي أيضاً جدّة لـ7 أحفاد، علاقتهم جميعاً (الأبناء والأحفاد) جيدة بماكرون، وفق الزوجين.
ورغم الانتقادات، التي لطالما استهدفت ماكرون لزواج يرى الفرنسيون أن فارق السن بين طرفيه تجاوز السقف المعقول، فإن الشاب كسر جميع القوالب الاجتماعية وتحدى الأقاويل والإشاعات، ليحافظ على علاقة متماسكة مع شريكته التي يقول الإعلام الفرنسي إنها "المرأة العظيمة التي تقف وراء ماكرون".
(Huffington Post - الأناضول)