ليس من عبث أو من فراغ جاء إصطفاف تيّار المستقبل في صف تحالف التيّار – القوّات ولا هو سكين طعن بخاصرة حركة أمل بقدر ما هو إتباع بمعروف و إحسان للقرار السعودي المؤيد لإتجاهات ومواقف القوّات اللبنانية نتيجة لعلاقة أكثر من ودية مع الحليف الثابت والقديم للمملكة الدكتور سمير جعجع حيث تثق قيادة المملكة بخصومات القوّات وبإختياراتها المناسبة للحلول الممكنة في كل أزمة خلاف بين اللبنانيين .
من هنا لم يترك الرئيس سعد الحريري الرئيس نبيه بري إنتقاءً منه لضرورة التجاوب مع رأي التيّار والقوّات في موضوع قانون الإنتخاب و الذي خالفه مراراً وتكراراً ولكنه إستمع جيداً لنصيحة سعودية خلطت أوراق التحالفات رأساً على عقب ودفعت بإعادة برمجة جدول كل طائفة وفق حسابات جديدة مطيحة بتلك التي كانت قائمة قبيل ميل المستقبل لأي قانون بمحتوى طائفي مسيحي يشغل بال الثنائية المسيحية الساعية الى حسم مصير رئاسة الجمهورية القادمة من خلال حصر التمثيل المسيحي بهوية عونية – جعجعية دون أن يكون للطوائف الأخرى أيّ يد في إيصال مرشح مسيحي الى الندوة البرلمانية كتابع للكتلة التي رشحته و أوصلته من خارج هويته المذهبية .
إقرا أيضا: الأمير المتنور
هذه الأنعطافة الحريرية وتلاقي الرئيسين إنتخابياً على حساب الرئيس نبيه بري أطاح بالتحالفات القديمة وفتح الباب واسعاً لتحالفات جديدة في السياسة لا في الانتخاب لأن قانون الإنتخاب إذا ما جاء وفق رغبة الحلف الثلاثي فهو يتيح للآلة الطائفية وحدها أن تعمل دون حاجة تُذكر لآلة أخرى فالصوت المسيحي هو من يحدد من يفوز بين المرشحين المسيحيين لذا فالحسابات هنا حسابات طائفية داخلية محضة وهنا يتقلص حجم نفوذ طائفة سياسية كانت قوية نتيجة تنوعها الطائفي فإبقاء هذه الكتلة محصورة بأمل وحزب الله لن تغني شيئًا في السياسة اللبنانية لأنها فقدت نواباً لها من الطوائف الاسلامية والمسيحية وباتت كتلة شيعية مشابهة للكتل الأخرى المتناصفة معها في الكوتا النيابية .
لا شك بأن حزب الله الذي يتعاطى السياسة ولا يفقهها هو من وضع الشيعة في هذا المأزق وقيّد الرئيس نبيه بري بقيد انتخابي اذا ما حصل سيجفف كثيراً من مصادر قوّة الرئيس وسيجعل من فوز الكتل الطائفية الصرفة قوّة تأثيركبيرة على رئيس كان له حصة نيابية داخل كل طائفة .
عندما عارض الرئيس نبيه بري وصول الرئيس ميشال عون الى القصر الجمهوري كان متنبهاً للنتائج الجديدة في السياسة الداخلية و إنعكاس ذلك على الأحجام السياسية وكان حزب الله مستخفاً في ذلك لأن نبرة الخطاب العالية كانت توهمه بأنه الأقوى والمتحكم بالبلاد والعباد ولم يهتم لتنبهات النبيه رغم إعترافه بعجزه عن القراءة السياسية دون تهجية الرئيس نبيه بري لها ليتعلمها منه المكلفون من قبل الحزب بتأدية مستحباً سياسياً لا واجباً كالواجب العسكري و الأمني .
إقرا أيضا: البلد المقطوع
اذاً نحن أمام مرض لا عارض سيصيب الأحجام السياسية وبناءً عليه سيقرر مصير لبنان ما بعد عودة الموارنة الميمونة الى الحكم بقوّة تيارين جارفين في الشارع المسيحي ومدللين من قبل السعودية وإيران لحاجة كلا الدولتين الى حليف مسيحي وكل بحسب مصلحته وحاجته الدائمة لصديق مسيحي .
لا يملك الطرف الآخر سوى الخطاب الرنّان الذي يقتلع بلداناً و أوطاناً وإماتت جيوش و أممم وتغيير في الخارطة الدولية على ألسن خطباء 8 آذار من القنديل الى آخر ثرثار سياسي أو إعلامي صدوا مسامعنا بحشو من الكلام الذي هبط بهم من موقع الحاكم في لبنان الى موقع المحكوم عليه بتعاط أناخ رؤوسهم مع من إحتقروهم طويلاً كونهم زبانية سعودية و أمريكية وصهيونية .