ماذا لو حصل فراغا , وماذا لو لم يحصل إنتخابات
المستقبل :
إذا كان مجلس الوزراء نجح في تفكيك لغم التمديد قبل بلوغ جلسة 15 أيار، غير أنّ لغماً من نوع آخر بدأت صواعقه تلوح في الأفق على أرضية المهلة الناظمة للتوافق السياسي على قانون الانتخاب. ففي جديد «أزمة المُهل» التي بانت طلائعها أمس بين قصر بعبدا وعين التينة، تأكيدٌ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّ «رحلة البحث عن قانون الانتخاب مستمرة حتى ما قبل منتصف ليل 19-20 حزيران المقبل موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي» كما نقلت قناة «otv»، في مقابل تمسك رئيس مجلس النواب نبيه بري بمهلة 15 أيار الجاري كحد زمني فاصل بين التوافق على الصيغ التسووية لقانون الانتخاب وبين العودة إلى مربع «النسبية الكاملة». وعلى هذا الأساس، ينتظر بري الخامس عشر من أيار «وبعدها لكل حادث حديث» كما نقل زواره أمس لـ«المستقبل»، قائلاً: «في 10 أيام يخلق الله ما لا تعلمون لكن بعد 15 أيار كل من تعنّت ورفع السقف عالياً سوف يندم على كل ساعة أضاعها من عمر التوافق».وبينما كانت القناة العونية تعيد التلويح بالقاعدة الرئاسية القائمة على ضرورة تحقيق التوافق قبل تاريخ 19 حزيران أو العودة إلى «الدستور والتصويت»، لفت الانتباه في المقابل تناغم إعلامي في موقف ثنائية «حزب الله – أمل» من الاستحقاق الانتخابي تمحورت أرضيته المشتركة حول تظهير كل من قناتي «nbn» و«المنار» في مطلع نشرتيهما المسائية لحدة الموقف الانتخابي الذي أطلقه معاون رئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل من صور أمس قائلاً: «حركة أمل» و«حزب الله» غير خائفين على وضعهما إنما على الوضع العام (...) اليوم ينادي البعض بالتصويت في الحكومة والمجلس النيابي ملوّحاً بالأكثرية ويعمل على تكريس قاعدة سياسية جديدة، متناسياً ما مارسه ضد التصويت في الحكومة وتعطيل حياتنا وعمل المؤسسات سنة ونصف السنة»، وأردف مضيفاً: «الرئيس بري قدّم مشروعاً ينطلق من الالتزام بتطبيق الدستور والمناصفة، ويدعو إلى تشكيل مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف، وقانون انتخاب نسبي بدوائر 6 على أساس النسبية الكاملة (...) وهذا الطرح باقٍ حتى 15 هذا الشهر وبعدها سنعود إلى طرحنا الأساسي، النسبية الكاملة، ولن نتراجع ولن نقبل أن نُبتزّ بالعودة لطروحات البعض ومشاريعهم التي لا تؤدي إلا إلى فرز وتقسيم».
الحريري
في الغضون، وبينما لا يزال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على تفاؤله بإصلاح ذات البين الانتخابي وتقريب المسافات ووجهات النظر بين مختلف الأفرقاء حول صيغة القانون العتيد تفادياً للفراغ، يواصل من جهة أخرى دفع قطار الإنتاج والتطوير قدماً تحقيقاً لتطلعات المواطنين وفي مقدمهم الشباب باعتبارهم يشكلون «الأولوية الكبرى» بالنسبة له كما شدد أمس خلال رعايته حفل إطلاق «حزمة طلاب الجامعات» ذات الأسعار المنخفضة لكلفة التخابر الخلوي والانترنت الذي نظمته وزارة الاتصالات مع شركتي «TOUCH» و«ALFA»، وقال: «أرى اليوم الأقوال تتحول إلى أفعال (...) ونتمنى أن تصل الاتصالات إلى كل بيت بهذه الأسعار المتدنية وهذا ما يجب أن يحصل أخيراً في لبنان، لأن لدينا القدرة ولا بد أن نرفع سرعة الأنترنت إلى مثيلاتها في العالم المتطور».
وكان رئيس مجلس الوزراء قد ترأس في السراي الحكومي اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة دراسة موضوع المقالع والكسارات، وبنتيجة البحث المعمق في الموضوع أعلن وزير البيئة طارق الخطيب أنّ اللجنة قررت منح الإذن لجميع المرامل والمقالع والكسارات المرخصة قانوناً بالعمل ونقل بضائعها، أما غير المرخص منها فلديه مهلة شهر لنقل المخزون عنده، ومهلة شهر للتقدم من المجلس الوطني للمقالع والكسارات لتسوية وضعه تحت طائلة الإقفال التام والنهائي
الديار :
تجاوز مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة ازمة الخلاف على التصويت او التوافق على قانون الانتخابات، واعاد النقاش من جديد الى اللجنة الوزارية التي تألفت لهذه الغاية برئاسة الرئيس الحريري.
ووفقاً للمعلومات المتوافرة من مصادر موثوق بها، فان النقاشات والمداولات الجارية بشأن القانون لم تحرز اي تقدم يذكر، ما طرح علامات استفهام حول الاسباب التي جعلت رئيس الحكومة يتحدث بتفاؤل عن مسار الامور حول هذا الاستحقاق.
وتقول المصادر ان الرئيس الحريري ربما اراد من اشاعة مثل هذا المناخ التغطية على السجالات والتجاذبات الحادة التي ستشهدها الساحة السياسية مؤخراً. فالوقائع لا تدل على احراز خرق جدي في جدار الازمة، لا بل ان اي قانون لا يتقدم على الآخر حتى الآن، وان كان مشروع حكومة ميقاتي مع فكرة انشاء مجلس الشيوخ التي طرحها الرئيس بري ربما بدأ يأخذ حيّزاً في النقاش الدائر.
وسألت «الديار» مصدر بارز مقرب من الرئيس بري عن مصير اقتراح القانون التأهيلي الذي يطرحه الوزير جبران باسيل فقال: «اعتقد ان هذا الاقتراح قد طوي ولم يعد موجوداً على طاولة النقاش».
وحول مشروع حكومة ميقاتي قال: «لا يوجد مشروع او اقتراح محدد ينحصر النقاش حوله في الوقت الحاضر، لكن البحث يدور حول الصيغ والافكار التي يمكن ان تشكل قانوناً توافقياً باعتبار ان اللجوء الى التصويت غير وارد بعد ان قوبلت بمعارضة قوية وشبه جامعة.
وشدد المصدر على عدم اضاعة الوقت والانكباب على بحث التوصل الى قانون جديد، قائلاً «صحيح ان لدينا فرصة حتى 20 حزيران المقبل بالمعنى الدستوري، لكن كل يوم يمر له ثمن، واذا لا سمح الله لم نتوصل الى الاتفاق على قانون قبل هذا التاريخ فاننا ذاهبون الى «مشكل» كبير يهدد الجميع».
وفي رأي المصدر ايضا فان عدم اقرار قانون جديد للانتخاب قبل 20 حزيران يعني الذهاب الى الفراغ، مشيراً الى ان الحديث عن امكانية اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين الحالي بعد هذا الموعد يواجه تفسيرات وتعقيدات دستورية جدية، اذ انه من المفترض ان يقر المجلس قانون تعديل المهل قبل انتهاء ولايته.
واذ حذر من «الشر الكبير» اي الفراغ، قال ان البديل عن التمديد هو الاتفاق على القانون الجديد ولا غير سواه. واشار في هذا المجال الى ما قاله الوزير علي حسن خليل للرئيس عون في جلسة مجلس الوزراء بان رفض التمديد هو مطلب لنا وانه غير وارد قطعياً كما عبر الرئيس بري في لقاء الاربعاء النيابي.
وفي رأي المصدر المقرب من الرئيس بري ان الدعوة الى التصويت على قانون الانتخاب تتناقض مع ما ورد في مقدمة الدستور حول التأكيد على العيش المشترك، لافتا الى ان اصحاب هذا الموقف كانوا في السابق من أشد المتحمسين للميثاقية والتوافق، وادى موقفهم هذا الى تعطيل المجلس والحكومة لسنتين ونصف.
واضاف: ان تمسكنا بالاتفاق على قانون الانتخاب لا يعني اننا نخاف من اللجوء الى التصويت، فاذا ما حصل ذلك فان قانون النسبية يأخذ الاكثرية لكن المسألة مسألة مبدأ وليست مرتبطة بمصالح سياسية.
وبانتظار ما ستحمله الايام المقبلة فان الاجواء لا توحي باتفاق قبل 15 أيار ما يعني ان جلسة مجلس النواب ستؤجل الى موعد لاحق.
وحسب المعلومات المتوافرة لـ«الديار» فان قرار مجلس الوزراء بالعودة الى اللجنة الوزارية جاء قرارا شكليا، حيث لا تزال المناقشات تأخذ منحى آخر، مع العلم ان اجتماعات لجنة الاطراف السياسية توقفت ايضا بعد اعتراضات وتحفظات من الثنائي الشعي. وقال احد اعضاء هذه اللجنة «المسألة ليست مسألة ان نجتمع، بل هي مرتبطة بأجواء الاجتماعات ومسارها».
وفي رأي أحد اعضاء اللجنة الوزارية ان العودة للجنة تعني العودة في النقاش الى المربع الاول الذي بدأت منه.
واذا ما بقيت الامور على هذا المنوال، فان المتضرر الاكبر هو العهد، اذ ان قتل المزيد من الوقت ليس لمصلحته خصوصا بعد ان دخلت الحكومة في مرحلة تعثّر منذ اكثر من شهر بسبب ارتدادات معركة قانون الانتخاب.
وحسب الاوساط المراقبة فإن التخبط يسجل اكان على صعيد مناقشة قانون الانتخاب او على صعيد ارتفاع وتيرة السجالات السياسية بين اطراف الحكومة.
وفي رأي مصدر نيابي في حزب الله ان الفراغ اذا ما حصل لا سمح الله خطر على الجميع ولا يقتصر على طرف دون الاخرين. من هنا لا نعتقد ان الامور ستبقى تدور في حلقة مفرغة.
واضاف «هناك اعتقاد قويّ بأن نتوصل الى اتفاق على قانون الانتخاب قبل نهاية ولاية المجلس وربما يريد البعض استغلال معظم الفترة الباقية في اطار تحسين شروطه وتحقيق النقاط على الطرف الاخر».
وقال المصدر «ان علينا جميعا ان نقدم تنازلات من اجل الوصول الى القانون الجديد كما عبر سماحة السيد حسن ونحن مقتنعون بأن الجميع يدركون المسؤولية الملقاة على عاتقهم للذهاب الى اتفاق قبل 20 حزيران».
الجمهورية :
بعد الفرز الذي طاول مواقف القوى السياسية وتوجهاتها حول الملف الانتخابي، والذي أكّد بما لا يقبل أدنى شك عمق الانقسام في ما بينها وصعوبة التقائها عند قواسم مشتركة تنقذ الاستحقاق النيابي، وتحول دون السقوط في محظور الفراغ بعد 20 حزيران المقبل، بَدا المشهد الداخلي وكأنه تجمّد عند هذا الوضع. ولا يملك فيه ايّ من المعنيين بهذا الملف جواباً حول كيفية الخروج من الازمة الراهنة، بل دخلوا جميعاً في رحلة انتظار ما ستحمله الايام المقبلة من انفراجات قد تظهر فجأة وتعجّل باستحقاق توافقي، او تطورات تذهب به في اتجاه آخر بما فيه من سلبيات وتداعيات. وفي وقت كان البابا فرنسيس يُعرب فيه امام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي عن الامل في أن يحلّ السلام في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم بأسره، كان رئيس الجمهورية ميشال عون يؤكد أن لا خوف على مستقبل لبنان، فيما كان المشهد الاقليمي القريب من لبنان يتحرّك على إيقاع «تفاهم استانة» بإنشاء «المناطق الآمنة» بضمانة روسية وتركية وإيرانية. حيث اعلنت وزارة الدفاع الروسية «أنّ المذكرة الخاصة بإنشاء مناطق وقف التصعيد في سوريا ستدخل حيّز التنفيذ في منتصف ليل اليوم.
إنتخابياً، لم تسجل المحركات السياسية أي دورة جديّة لها في الساعات الماضية في سياق البحث عن مفتاح الحل الانتخابي، الذي يمكن القول إنه ما يزال ضائعاً حتى الآن وثمة صعوبة في العثور عليه، انما ليس استحالة على حد تعبير مصادر مواكبة للملف الانتخابي.
الّا انّ حركة تلك المحركات كانت بطيئة، إنما بصورة غير معلنة، سجلت خلالها مشاورات حملت الطابع الثنائي سواء بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، او بين «حزب الله» وحركة أمل وكذلك مع الحزب التقدمي الاشتراكي، وكذلك ما بين عين التينة وبيت الوسط حيث سجّل تواصل ما بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري سواء عبرهما مباشرة او عبر الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري.
في حين لم يسجّل ايّ تواصل علني ما بين «حزب الله» والتيار الوطني، فيما ترددت معلومات عن انّ موفداً من الحزب قد يزور بعبدا في محاولة لكسر الجمود الحاصل في الملف الانتخابي ودفع الامور الى الامام، الّا انّ أوساط الطرفين لم تشأ تأكيد هذه الزيارة أو نفيها.
في هذه الأجواء، علم انّ عامل الوقت يضغط على مختلف القوى السياسية، وهو ما دفع الى ما سمّاها أحد العاملين على الخط الانتخابي «مقاربات جدية» لمخارج إنتخابية. انما لم تتبلور ايّ صيغة نهائية حتى الآن.
وبحسب هذه الشخصية انه اذا كان هناك من يعوّل على إعادة إطلاق اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس الحريري لِتوصِل الى صيغة ما او الى تفاهم على مبادىء عامة لقانون انتخابي لتطرحه على جلسة مجلس الوزراء، هناك في المقابل من يقول انّ عمل اللجنة قد لا يقدّم ولا يؤخّر، إذ سنغرق في التفاصيل مجدداً فضلاً عن انها ستعيدنا الى نقطة الصفر، ونكون في النتيجة نضيّع المزيد من الوقت. الّا انّ التعويل الاساس يبقى على حركة المشاورات المكثفة التي يجريها الرئيس الحريري. فربما يتبلور عنها صورة ما في وقت قريب.
خصوصاً انّ الرئيس الحريري، وكما تقول أوساطه لـ«الجمهورية»، يندفع في حركته هذه لمحاولة فتح ثغرة في الجدار الانتخابي الذي شهد انسداداً كلياً، وخصوصاً انّ الاشتباك السياسي بلغ أشده بين بعض القوى السياسية، وبالتالي يسعى رئيس الحكومة الى العودة بالجميع الى نقطة الوسط ومحاولة أخذ القوى السياسية كلها الى نقطة التقاء مشتركة نحو فتح الباب الانتخابي.
وإذ اشارت الاوساط الى انّ النسبية مؤيدة من قبل الرئيس الحريري، قالت انّ حركة الحريري تجري بوتيرة ايجابية ومسؤولة، لا نستطيع ان نقول اننا توصّلنا الى شيء او بلورنا شيئاً ما، لكنّ هذا السعي سيستمر مع جميع الاطراف من دون استثناء.
في السياق ذاته، أكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ اتصالات تجري بعيداً عن الاضواء لإخراج «قنبلة التصويت» من التداول نهائياً، خصوصاً انّ شظاياها تهدد الجميع من دون استثناء وقد تكون لها تداعيات على كل المستويات.
الّا انّ هذه المصادر اكدت انّ هذا الموضوع هو محل اقتناع لدى رئيس الجمهورية، الذي اكد انه لن يخرج عن احكام الدستور. الّا انّ المصادر اكدت انها تملك معلومات تفيد بأنّ «حزب الله» ما زال ينتظر مبادرة ايجابية من القصر الجمهوري من شأنها ان تفتح الباب الى اتفاق على قانون انتخابي، الّا انها لم تحدد ماهية هذه المبادرة كما لم تؤكد ما اذا كان رئيس الجمهورية في هذا الوارد.
ومن جهة ثانية، استغربت المصادر ما تردد عن اشتباك سياسي حصل داخل مجلس الوزراء، المكان الطبيعي للنقاش وتبادل وجهات النظر؛ وأوضحت المصادر انّ حقيقة ما حصل يتلخّص في انّ وزير الدفاع يعقوب الصراف طالب بوضع آلية في ما خصّ الهِبات دون 50 مليون ليرة لتسهيل عرضها على مجلس الوزراء لإقرارها؛ كما طالب باعتماد معايير موحدة في ما خصّ المساهمات للجمعيات لافتاً في هذا السياق الى الغبن اللاحق بمنطقة عكار؛ امّا في ما خصّ الهبات لوزارة الصحة فقد طالب بتحديد قيمة الهبة تمهيداً لقبولها.
وتساءلت المصادر: أليس مجلس الوزراء هو المكان الطبيعي للنقاش وطرح الآراء وان اختلفت وجهات النظر؟ واشارت الى انّ إثارة النقاشات على انها اشتباك بين فريقين او اصطفافات سياسية امر غير صحي على الاطلاق خصوصاً في هذه المرحلة التي يسعى فيها جميع الفرقاء لإخراج البلاد من أزمتها عبر التوصّل الى قانون انتخابي منصف وعادل وسألت: هل إنّ كل خلاف بالرأي يجب ان يترجم خلافاً استراتيجياً ونسفاً لصيغة العيش المشترك؟
مرجع سياسي لـ«الجمهورية»
من جهة ثانية، وعلى رغم انّ تفاهم المثلث الروسي التركي الايراني على «مناطق آمنة» في سوريا لا يبدو صلباً بالنظر الى تباعد الموقفين الاميركي والروسي، والذي تجلى في «سجال جوي» بين الطرفين، حول مسالة حظر الطيران الاميركي وكذلك الطيران التابع للتحالف الدولي في أجواء هذه المناطق، الّا انّ مفاعيله وإن كانت على الارض السورية، فإنّ مراجع سياسية وأمنية لبنانية التقت على التأكيد انّ ايّ إجراء في سوريا ومهما كان وفي ايّ مكان فيها، يوجِب على لبنان ان يكون يقظاً من أيّ ارتدادات او تداعيات محتملة.
وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» انّ التطورات التي تحصل في سوريا قد تتوالى في هذه الفترة، من الاتفاق الذي حصل ما بين كفريا والفوعة والزبداني ومضايا وغيرها وصولاً الى تفاهمات استانة والى غيرها، ومن هنا تبقى الخشية موجودة من أن تستغلّ المجموعات الارهابية الوضع لنقل التوتر من مكان الى آخر، علماً انّ وضعنا السياسي المهتزّ حالياً بالانقسامات والتناقضات قد يشكل عامل إغراء للارهابيين لمحاولة خلق المزيد من الارباكات. وهذا يوجب الارتفاع الى أعلى مستويات الحذر حفاظاً على الاستقرار الداخلي ومنع تلك المجموعات من اختراق الداخل.
مرجع أمني
ويتقاطع كلام المرجع السياسي مع ما قاله مرجع أمني لـ«الجمهورية»: ما يجب التأكيد عليه هو انّ الوضع الامني في لبنان ممسوك اكثر من ايّ وقت مضى، والجيش والاجهزة الامنية على اختلافها في اعلى درجات جهوزيتها لمواجهة ايّ طارىء.
قرارنا واضح اننا لن نسمح للارهابيين باستباحة لبنان، والحدود آمنة، فضلاً عن انّ الداخل اللبناني محصّن أكثر من اي وقت مضى، نتيجة الجهد اليومي للجيش والاجهزة الامنية في مطاردة وإلقاء القبض على الخلايا الارهابية.
علماً اننا لا نخرج من حسابنا ان تستغلّ المجموعات الارهابية اي فرصة لمحاولة ضرب لبنان كتعويض عمّا تتعرّض له من ضربات في سوريا. وتِبعاً لذلك نحن نطمئن اللبنانيين بأنّ طريق الارهابيين الى لبنان شاقة، ومع ذلك الجيش وكل الاجهزة على جهوزية تامة للتصدي لأيّ احتمال.
يأتي ذلك في وقت تلقّى فيه الجيش معدات وأسلحة اميركية لحماية الحدود اللبنانية. واكدت السفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد في احتفال في مقر اللواء اللوجستي في كفرشيما أمس، على دور الجيش اللبناني الهام في مواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها لبنان، والتي ينشأ الكثير منها عن الصراع في سوريا.
وأشارت الى انّ تسليم هذه الشحنة الجديدة من الاسلحة لتحسين قدرات الجيش اللبناني للقيام بمهمته كمدافع وحيد عن لبنان. ولدينا ثقة بأنها ستستخدم مباشرة لحماية حدود لبنان والدفاع عنه، وكذلك الدفاع عن الأهمّ في لبنان، أي شعبه».
عون: لا خوف
الى ذلك، قال الرئيس عون أمام وفود زارته في القصر الجمهوري في بعبدا امس: لا داعي للقلق او الخوف على مستقبل لبنان وعلى الوضع المالي فيه وعلى العملة الوطنية، فكلّ شيء فيه ماضٍ نحو الأحسن.
واكد عون انّ العمل قائم على إزالة العقبات التي سبّبت تراجعاً في الحياة الاقتصادية وفي إمكانات البلاد، لكن التحسّن يتم الآن على مراحل اذ ليس من السهل إزالة كلّ ما تراكم من سلبيات خلال ستة اشهر فقط من عمر العهد.
وقال عون: لا تصغوا الى أصوات المشككين والساعين الى تصفية الحسابات السياسية، بل ثقوا بأننا نعمل على مختلف الاصعدة كي يستعيد لبنان قدراته، لا سيما أننا مصممون على تنفيذ خطاب القسم وترجمته الى برامج وخطط مستقبلية تحقق النهوض المنشود في مختلف قطاعات الانتاج، وتعيد تنظيم البنى التحتية وفق الحاجات والامكانات.
البابا والراعي
في هذه الاثناء، إلتقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس في الكرسي الرسولي في الفاتيكان، وسَلّمه خلال اللقاء دعوة رسمية باسم الكنيسة لزيارة لبنان موقعة من أصحاب الغبطة البطاركة الكاثوليك في لبنان بعد الدعوة الرسمية من الدولة اللبنانية التي وجّهها البابا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أثناء زيارته الاخيرة الى الفاتيكان.
كما سلّم الراعي الى البابا تقريراً مفصّلاً عن الاوضاع في الشرق الاوسط وفي لبنان. وتوجّه الراعي الى قداسته بالشكر على زيارته نهاية الاسبوع الفائت الى مصر، لافتاً الى أهمية هذه المرحلة الدقيقة من حياة المنطقة.
وأعرب البابا خلال اللقاء عن قربه من الشعوب العربية في ظل الاحداث التي تضرب العديد من بلدانها، مؤكداً على صلاته اليومية وتضامنه مع المظلومين والمعذبين والنازحين والذين يعيشون تحت تهديد الارهاب والحرب، آملاً ان يحلّ السلام في منطقة الشرق الاوسط وفي العالم بأسره.
البلد :
استعاد المشهد الداخلي بعضا من الهدوء والسكينة في اعقاب الصخب والضجيج اللذين تخلال وتبعا جلسة مجلس الوزراء امس االول، انتخابيا من جانب التصويت على القانون او التوافق والتمديد او عدمه. ويبدي كبار المسؤولين مسحات تفاؤلية بامكان بلوغ مربع الحل قبل فوات االوان، وخصوصا رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يراهن على ايام. وفي تبريرها لتفاؤله هذا، قالت مصادر قريبة من السراي ان حركة االجتماعات لم تتوقف في االيام القليلة الماضية على شكل لقاءات ثنائية وثالثية، بعدما جمدت اعمال اللجنة الرباعية بمقاطعة ممثلي حزب الله وحركة امل. واضافت ان االتصاالت مستمرة واللقاءات الموسعة ستستأنف من اليوم، وان عطلة نهاية االسبوع ستشهد لقاءات موسعة بعدما فتحت اآلفاق امام عناوين ستشكل مشروعا ال يمكن ان يعترض عليه احد، بعد تدوير الزوايا من التقسيمات االدارية، من دون الكشف عما اذا كان سيعتمد النظام االكثري او النسبي او المختلط بانتظار بلورة المشاريع المقترحة. وقالت مصادر سياسية تتابع حركة االتصاالت، ان االتصال الهاتفي الذي بادر به رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فتح كوة في سبيل التوصل الى توافق يعيد ممثلي الثنائي الشيعي الى اللقاءات الرباعية في وقت قريب من دون االشارة الى اي تفاصيل اخرى. ولفتت المصادر الى ان مقاطعة الثنائي الشيعي لم تكن بسبب خالفات داخلية وحسب، انما كانت في وجه من وجوهها دعوة للتفاهم بين االطراف االخرى، وهو ما كشفه االمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في آخر اطالالته حينما ابدى استعداد الثنائي للنظر في اي مشروع يجمع عليه اآلخرون وانه ليس طرفا في اي خالف. على صعيد آخر، تسلم الجيش اللبناني دفعة جديدة من العتاد االميركي »لتحسين أمن الحدود تشمل 800 بندقية رشاش ثقيلة و320 قطعة سالح اجمالي، اضافة الى معدات مع الجيش اللبناني كان قد جرى اختبارها في القتال«. وتتقاطع المساعدة االميركية مع المعلومات في شأن نصائح خارجية بوجوب ضبط الحدود واقفال كل المسارب غير الشرعية، وان الجهات االمنية اللبنانية المختصة ً حدوديا غير شرعي في المنطقة تبلغت ضرورة اقفال 47 معبرا الممتدة من مجدل عنجر– جبل العرب في اتجاه الشمال الشرقي نحو الهرمل والدار الواسعة، بأقصى سرعة، خشية استغالل هذه الخاصرة الرخوة والنفاذ منها في اتجاه الداخل اللبناني.
الحياة :
يقول وزراء لبنانيون معارضون للمشروع الانتخابي الذي قدمه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، إن رفض مجلس الوزراء مجتمعاً التمديد للبرلمان يفتح الباب أمام السؤال عن البديل في حال انتهت الولاية الثانية الممددة للمجلس النيابي في 21 حزيرن (يونيو) المقبل، من دون التوافق على مشروع قانون انتخاب جديد.
ويؤكد هؤلاء أن رفض التمديد لم يلق أي اعتراض، لأن الجميع اضطروا للانخراط في المزايدات الشعبوية والسياسية الرافضة للتمديد، من دون أن تتوصل الحكومة إلى حد أدنى من التفاهم على قواسم مشتركة تهيء الأجواء أمام التوافق على القانون الجديد.
ويلفت الوزراء أنفسهم إلى أن المداولات التي سادت جلسة مجلس الوزراء بقيت تحت سقف السجال حول دستورية التصويت على القانون في حال تعذر التوافق عليه، ويؤكدون أن رئيس الحكومة سعد الحريري كان على حق عندما سأل كيف صوت مجلس الوزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على قانون الانتخاب بإجماع جميع أعضائه باستثناء تحفظ وزراء «اللقاء النيابي الديموقراطي» عليه، في غياب «تيار المستقبل» وحزبي «القوات» و «الكتائب» الذين لم يشاركوا في الحكومة، فيما يعترض البعض على التصويت اليوم في إشارة إلى رفض «حزب الله» و»حركة أمل» وآخرين له.
ويرون أن هؤلاء لا يريدون الدخول في سجال مع الرئيس الحريري على موقفه هذا، على رغم أن التصويت لا يزال مستبعداً حتى إشعار آخر، لكنهم يسألون عن الأسباب التي دفعت وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» إلى مقاطعة بعض جلسات مجلس الوزراء في حكومتي الرئيسين ميقاتي وتمام سلام، وإلى رفضهم مبدأ التصويت في حال حضورهم على أمور عادية ولا تتعلق بإعادة تكوين السلطة.
ويشيرون أيضاً إلى أن وزراء «تكتل التغيير» الذين يتذرعون حالياً بالمادة 65 من الدستور كانوا أول من علقوا العمل بها في السابق، وأعاقوا تسيير عجلة الدولة والالتفات إلى بنود تتعلق بتوفير حد أدنى من الحلول لمطالب المواطنين؟
ويعتبرون أن هؤلاء الوزراء هم أول من تلاعبوا بالمادة 65، وكانوا وراء الشلل الذي أصاب حكومة سلام الذي حملهم في معظم الجلسات مسؤولية تعطيل العمل الحكومي.
ويغمز الوزراء من قناة «تكتل التغيير» الذي قاطع جلسات انتخاب الرئيس، وكان وراء تمديد فترة الفراغ في رئاسة الجمهورية، ولم يقلع عن مقاطعته إلا بعد ضمانه انتخاب رئيسه في حينه العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ويسأل هؤلاء ما إذا كان باسيل يحاول أن يستنسخ ما أصاب رئاسة الجمهورية من تعطيل ويستحضرها في البحث عن قانون انتخاب بذريعة أنه يدفع بالأمور إلى حافة الهاوية، لعله يضغط على من يعارض مشروعه الانتخابي من أجل تعديل موقفه؟
ومع أن الوزراء أنفسهم يقفون إلى جانب إحياء اللجنة الوزارية برئاسة الحريري، بحثاً عن قانون انتخاب جديد، فإنهم في المقابل يسألون ما إذا كان ضيق الوقت سيعيق التوصل إلى هذا القانون، وبالتالي ما هو البديل، وهل يكون بالعودة بصورة موقته إلى القانون النافذ حالياً أي الستين، لئلا يسقط البلد في فراغ قاتل قد ينسحب على السلطة التنفيذية ولا يلقى تسويقاً لدى المجتمع الدولي، بصرف النظر عن الذرائع التي لا يمكن أن يلجأ إليها من يعتبر «الستين» ميتاً، ولا إمكان لبث الروح فيه. لذلك، فإن الكرة في ملعب الحكومة ورئيس الجمهورية على أن تنتقل لاحقاً إلى ملعب المجلس النيابي، على رغم أن رئيسي الجمهورية والحكومة كانا تعهدا إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون جديد.
فمفعول تبادل الاتهامات لن يعمر طويلاً، وسرعان ما يزول ويبقى السؤال ما العمل لتفادي الفراغ؟ وهل يمكن الإفادة من عامل الوقت الذي يفصلنا عن انتهاء ولاية البرلمان الممدد له وتوظيفه لإنتاج قانون جديد؟
وعليه، فإن الغموض الذي يكتنف استئناف المشاورات بدءاً بإحياء اللجنة الوزارية لوضع قانون انتخاب لا ينسحب على المشهد السياسي وتداعياته في حال اقتصر الأمر على رفض التمديد للبرلمان من دون أن يقترن بتوفير بديل ملموس.
ويبقى السؤال، من يتحمل مسؤولية إقحام البلد في فراغ في السلطة التشريعية في ظل تراجع حظوظ الموافقة على مشروع باسيل ورفض قوى سياسية اللجوء إلى التصويت في مجلس الوزراء؟ وهل يكون الخيار الأكثر مرارة الذهاب إلى المؤتمر التأسيسي، أم أن تبادل رفع السقوف حول قانون الانتخاب قد استنفد أغراضه وأن الحل يكون في إقرار الجميع بحثاً عن تسوية تقوم على تبادل التنازلات؟
لكن، في غياب أي تصور لطبيعة المرحلة السياسية في حال استحال على اللجنة الوزارية أن تحقق خرقاً من شأنه أن ينقذ الجميع من الورطة التي هم فيها الآن، فإن لعبة عض الأصابع يمكن أن تأخذ البلد إلى المجهول الذي لن يؤدي إلى تحييد الشأن الاقتصادي عن بلوغ التأزم السياسي ذروته.