عماد مغنية رجل لا يختصره زمن ولا تختصره أمة ولا يمكن أن يختصره حزب , هو وحده أمة وهو وحدة زمن بل هو عابر للزمان والمكان ,دخل التاريخ من كل أبوابه فافترشت له الأرض مداها فكان حين لم يكن أحد .
عماد مغنية كان حدثا في حياته وصار حالة ونهجا ومدرسة بعد استشهاده فما زالت الأمة تعيشه وما زال هو في كل بندقية وفي كل صاروخ وفي كل ساحة من ساحات الحرب و الجهاد , ما زال عماد مغنية قائدا كأنه هنا الآن وسيكون هناك غدا , عماد مغنية ما زال هذا الاسم جمرة الرعب في قلب العدو وما زال هذا الاسم ملهماً في جمرة الغضب .
هو ذلك الرجل الذي لا يموت وكيف وهو من الذين قال الله عنهم " هم أحياء عند ربهم يرزقون "
كثيرون عرفوا عماد مغنية ذلك المجاهد الشجاع عرفوا عماد مغنية المخطط الأبرز للعمليات الجهادية ضد العدو الاسرائيلي عرفوا عماد مغنية قائد الانتصارين وربما قائد الانتصارات الآتية وكثيرون أيضا لم يعرفوا الشهيد عماد في وجوده الآخر في إنسانيته الواعدة في شخصيته الهادئة في روحه المؤمنة كثيرون لم يعرفوا عماد في صلته بالناس من حوله وفي صلته وقربه من الله سبحانه وتعالى .
عماد مغنية كان الله في قلبه وروحه وعقله كان يعيش مع الله في كل شيء حوله لقد كان هذا المجاهد الكبير كان يبكي بين يدي الله عزوجل ويشاهد مقربون منه دموع خشوعه في دعاء كميل وفي دعاء الندبة لقد كان عابدا زاهدا تقيا ورعا بكل ما للكملة من معنى .
رآه مقربون منه في شهر رمضان المبارك كيف يقوم الليل وحده كيف يكون مع الله في ليالي القدر وقد أحصى أحد مساعديه ذات ليل وخلسة صلاته في إحدى ليالي القدر مئة ركعة حيث لا يراه أحد ولا يعلم به أحد .
كان قريبا من أصدقائه وموظفيه ومساعديه يتقصى أخبارهم يسأل عن مشاكلهم يقدم نصائحه كأخ وربما كوالد كان يتألم لمشاكل إخوته في العمل وأصدقائه في الحياة كان يققف إلى جانبهم كما يقف الأب إلى جانب أولاده ينصحهم و يعلمهم ويساعدهم بكل ما توفر لديه من إمكانات كان يأكل طعامهم ويشاركهم موائدهم الخفيفة كان يأبى دائما أن يخصص نفسه بشيء عنهم كان متواضعا بكل ما للكلمة من معنى كان زاهدا في الدنيا التي كانت كلها بين يديه لكنه لم يطلب منها شيء .
لقد صنع عماد مغنية آلاف المجاهدين والاستشهاديين وكان يبكيهم عندما يسقطون شهداء ويفارقون الدنيا يبكيهم كأصدقاء وكإخوة وكان ذلك وفاء منه اليهم .
هكذا عاش عماد مغنية الكبير حياة متواضعة مليئة بالعبادة والزهد والوفاء .
كاظم عكر