أطلّ رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في مقابلة مطوّلة مساء أمس عبر برنامج كلام الناس على شاشة LBCI للمرّة الأولى منذ إتمام الاستحقاق الرئاسي في 31 تشرين الأول 2016.
 

المقابلة كانت مقابلة إيصال رسائل في كلّ الإتجاهات، أراد فرنجية أن يرسل رسائله بطريقة مباشرة من دون مواربة أو مهادنة، سمّى الأمور بمسمّياتها، سمّى الأشخاص، حتى وصل به الأمر إلى أن يتحدّى على الهواء، في مسألة قبول الأفرقاء بقانون الانتخاب المعروف بـ"الأورثوذكسي".

يجمع المراقبون والمتابعون على أنّ هذا السقف العالي ما هو إلا إعلان من قبل فرنجية إلى حلفاء الأمس في "التيار الوطني الحر" بأنّ العلاقة بين الطرفين وصلت إلى نقطة اللاعودة، أي أنّ فرنجية أراد من إطلالته هذه أن يقطع "شعرة معاوية" مع "التيار"، والتحضير لمرحلة جديدة.

المؤشّرات إلى ذلك كثيرة. ففي سياق اللقاء تحدّث فرنجية عن وجود ما أسماها "نواة معارضة" قد تتحوّل لاحقاً إلى "جبهة معارضة"، وقد سمّى مجموعة من الشخصيات والأطراف التي لا يتفّق معها في السياسة إلا أنّها بدت وكأنّه وإياها في خندق واحد، بما في ذلك النائب بطرس حرب، النائب سامر سعادة، ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري وغيرهم من الشخصيات.

كما أنّ فرنجية أعلن وبشكل مباشر أنّ كل ما يجري الآن يأتي في إطار الاستعداد للمعركة الرئاسية المقبلة، موضحاً أنّ "الثنائي المسيحي" يريد الحصول على 40 نائباً في المجلس العتيد ليتمكن من انتخاب الرئيس الذي يريده، على طريقة الانتخابات الرئاسية السابقة، وقائلاً بالفم الملآن إنّ المعركة هي معركة الشمال على اعتبار أنّ رئيس "القوات" سمير جعجع ووزير الخارجية جبران باسيل من الشمال.

كما اعتبر أنّ ما قيل عن أنّ الوزير جبران باسيل قدّم 20 قانوناً، هو فعلياً قانون واحد بـ 20 صيغة، منتقداً استنسابية المعايير، وقال أنا أقبل بأي قانون على معايير موحّدة، ومتحدّياً الفرقاء بالعودة إلى "القانون الأورثوذكسي". وقال إنّه قبل بكل مشاريع القوانين التي طرحت من "الأورثوذكسي" الذي يعتبره سيّئاً، إلى النسبي بـ 13 دائرة ثمّ بـ 15 دائرة في بكركي. لكنّه اعتبر أنّ الآخرين هم الذين تراجعوا، وهم فعلياً يريدون العودة إلى "الستين"، لكنّهم محرجون ولا يستطيعون قول ذلك علناً لأنّه يناقض ما كانوا ينادون به سابقاً.

كما أنّ فرنجية وردّاً على سؤال حول التناغم بين الرئيسين عون والحريري اعتبر أنّ الحريري يراهن على فكّ التحالف مع "حزب الله"، لكنّه أكّد أنّ الرهان على فكّ التحالف بين "عون" و"حزب الله" غير وارد وهو رهان خاطئ، أي أنّه لم يجزم أنّ التحالف بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" باق، في إشارة إلى أنّ عون هو الضامن حالياً لهذا التحالف لا "التيار".

جملة ملاحظات وتساؤلات طرحها فرنجية خلال الحلقة تؤكّد المؤكّد، وهو أنّ "الجرة كُسرت"، خاصة عندما سأل: "لماذا يريدون الآن الذهاب إلى التصويت في قانون الانتخاب ولم يذهبوا إلى التصويت في انتخابات الرئاسة؟"

كما أنّه تحدّث عن اتهامه من قبل "الثنائي المسيحي" بالإقطاع معتبراً أنّ الاقطاع بالممارسة وليست بالانتماء إلى بيت سياسي، معدّداً بعض الممارسات المحيطة برئيس الجمهورية، والتي اعتبرها إقطاعية وعائلية.

وغمز فرنجية من قناة عون حول العلاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد، حيث قال إنّه لا يتخلّى عن صداقاته لأجل المناصب وكان ذلك موضع اتفاق بينه وبين الرئيس سعد الحريري يوم قرّر ترشيحه للرئاسة.

وفي خلاصة فرنجية أنّ المسيحيين اليوم باتوا قسمين، قسمٌ وصفه بـ"التقسيمي" و"المتقوقع"، وقسم منفتح يتعايش مع محيطه ويتشارك معه، معتبراً أنّ خلاص المسيحيين هو بالانفتاح على محيطهم وليس بالتقوقع والانعزال.

هذه الرسائل وغيرها، إضافة إلى السجالات التي حدثت على الهواء عبر الرّدود سواء من الوزير السابق إلياس بو صعب أو من خبير الإحصاءات ربيع الهبر ودخول الوزير السابق يوسف سعادة على الخط، توضح أنّ كلّ شيء انتهى بين "المردة" و"التيار"، وأنّ لبنان مقبل على انقسام جديد قد تتّضح معالمه بعد الانتخابات النيابية إن حصلت.

وهنا إشارة إلى أنّ ما عاشه لبنان طيلة 10 سنوات من انقسام بين ما كان يسمّى 8 و14 آذار ما كان إلا فصلاً من مسرحية طويلة، تتبدّل فصولها مع تبدّل الأيام، فتسدل الستارة على فصل لتفتح على فصل آخر.

حسن هاشم