بعدما أصبح القانون الرقم 2008/25 والمعروف بقانون الستين معطلاً تنفيذُه بسقوط كلّ مهلِه، لم يعد من حلّ سوى إمّا إعادة إحياء مهله بقانون جديد وإمّا إقرار قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات قبل نهاية ولاية المجلس الحالي، وإلّا وقبل نهاية هذه الولاية يصار عندها عملاً بمبدأ استمرارية المرفق العام، وبحجّة الظروف الاستثنائية المتمثلة وفي ظلّ غياب أيّ إمكانية للتوصّل إلى اتفاق بين مختلف الزعماء، إلى اتّباع العرف السائد منذ العام 1976 والتمديد للمجلس الحالي مدة إضافية أخرى ومعقولة يجري في خلالها انتخاب مجلس جديد.
وفي حال سقوط كلّ هذه الخيارات المذكورة بحلول أجل المجلس في 20/6/2017 نصبح أمام خيار دستوري وحيد هو اللجوء إلى تطبيق الفقرة (2) من المادة 55 من الدستور اللبناني التي تنصّ على آلية موقّتة يستمرّ معها عمل السلطة التشريعية بهيئة مكتبه الذي يعود له تصريف الأعمال بما فيها إحياء مهل قانون الستين لانتخاب مجلس جديد في مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر وفق المادة 25 من الدستور.
أمّا الكلام حول تطبيق قانون الانتخاب الحالي الرقم 25/2008 والمعروف بـ»الستين» الساقطة مهله، ضمن مهلة 3 أشهر المحدّدة في المادة 25 من الدستور اللبناني هو كلام مخالف للدستور كون هذه المادة تندرج ضمن آلية حلّ المجلس المعقّدة في أصولها وشروطها.
بحيث يعود عندها لرئيس الجمهورية، في إحدى الحالات، الصعب حدوثُها عملياً والمنصوص عنها في المواد 55 و65 و77 من الدستور، الطلب إلى مجلس الوزراء حلَّ مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة. فإذا قرّر مجلس الوزراء، بناءً على ذلك، حلَّ المجلس، يُصدر رئيس الجمهورية مرسوم الحل.
وفي هذه الحال تجتمع الهيئات الانتخابية، وفقاً للمادة 25 من الدستور في خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور مرسوم الحلّ من أجل انتخاب مجلس جديد وإلّا اعتُبر مرسوم الحل باطلاً وكأنّه لم يكن ويستمرّ مجلس النواب في ممارسة سلطاته وفقاً لأحكام الدستور.
بناءً على ما تقدم،
فإنّ المادة 25 تتعلق حصرياً بآلية حلّ المجلس قبل انتهاء مدة ولايته، وبالتالي فإنّ هذا الأمر لا ينطبق إطلاقاً على حالتنا الراهنة التي تنتهي معها ولاية المجلس بصورة طبيعية في غياب أيّ مرسوم لحلّه قبل موعده.
ولا سيّما أنّ المادة 24 من الدستور نصَّت على كيفية انتخاب المجلس وعدده وفاقاً لقوانين الانتخاب المرعيّة الإجراء، وبالتالي فإنّ الدستور يحيل عملية إنتاج مجلس جديد برُمَّتها وحصرياً إلى القوانين الانتخابية مع ما تتضمّنه هذه الأخيرة من مهلٍ خاصة وملزمة ونهائية.
وأخيراً، فإنّ الحديث عن استفتاء شعبي غير ممكن أيضاً دستورياّ لأنّ نظامنا هو نظام ديموقراطي غير مباشر، لا يمارس الشعب سلطاته إلّا عبر انتخاب مجلس النواب، بحيث لا يجوز له المشاركة مباشرةً في ممارسة الحكم على نحو ما يجري في الأنظمة التي تطبّق الديموقراطية شِبه المباشرة، وأنّ إرادة النواب مستقلّة عن إرادة جمهور الناخبين، وأنه لا يجوز للجمهور إملاء إرادته على النواب.
وذلك عملاً بالمبدأ المبني عليه نظامنا النيابي والقائل باستقلال البرلمان عن الناخبين، فإنّ الدستور لم يُقرّر للناخبين حقّ إقالة نائب قبل انقضاء مدة ولايته، ولم يقرّر للشعب حقّ اللجوء إلى الاستفتاء مع ما له من محاذير ومفاعيل ملاصقة له. والتي تبدأ من حقّ اقتراح القوانين أو الاعتراض عليها أو طلب تعديلها أو إلغائها، أو حقّ حلّ المجلس، وقد تصل إلى حقّ إقالة رئيس الجمهورية.
إلّا أنّه لا يوجد من ناحية أخرى أيّ مانع دستوري أو قانوني من استطلاع رأي المواطنين حول بعض المسائل المهمّة من دون أن يكون له أيّ مفاعيل دستورية أو قانونية، وهو بالتالي غير ملزم على الإطلاق.