ينطبق على «التناقض» في هذين الموقفين لقطبَي «الثنائية الشيعية» المثل القائل: «كلام الليل يمحوه النهار»، نظراً لما ينطويان عليه من «توزيعٍ للأدوار»، طالما أنّ «وحدة الموقف» هي التي تجمعهما دائماً، كما يُردّد برّي ونصر الله، إلّا إذا كانا لا يقولان «الحقيقة»، وهي مصيبة، أو أنّ وراء «رطل برّي» ما وراءه من «وقيات» تصيب في الدرجة الأولى، حليف الحليف، رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل.
أيّاً تكن المصيبة لا يهمّ، المهم أنّ «توزيع الأدوار» ما بين برّي ونصرالله أفقد الأمين العام لـ«حزب الله» بعضاً من هالته، وأظهره في موقع «فاقد المونة» على الحليف الأقرب الذي يسمح لنفسه أن يتحدّث باسمه في كل مناسبة، إذ كان من الصعوبة في مكان، أن يستوعب أي مراقب سياسي، كيف لبرّي «المحنّك» أن يُطلّ بمواقف تنسف كل ما قاله نصرالله من أساسه، ولا سيما دعوته إلى «التواضع» و«التفاهم» و«تقديم التنازلات»، وإعلانه حرفياً: «اتركوا «حزب الله» و«أمل» وتوافَقوا على أيّ قانون انتخابي تريدون، ونحن كثنائي شيعي لا مشكلة لدينا على الإطلاق»!.
لكنّ الواضحَ من «توزيع الأدوار»، ومن كلام برّي تحديداً، أن لدى «الثنائي الشيعي» مشكلة، والمشكلة حصراً مع الوزير باسيل، الذي لم يجد نفسه أيضاً مضطراً لمسايرة حليفه نصرالله، فاستبق إطلالته بموقف سوَّق فيه لـ«التصويت» عندما سأل: «كيف لمَن يرفض التصويت على قانون جديد أن يقبل بالتصويت على قانون التمديد؟»، ما عكس بوضوح حدّة التباين بين حليفي تفاهم «مار مخايل»، و«تمترس» كل منهما خلف طروحاته، خصوصاً أن كلام نصرالله لم يخلُ من «الرسائل المبطنة» لباسيل و«التيار الوطني الحر».
والأكثر دلالةً على أن لدى «الثنائي الشيعي» مشكلة، أن الشيطان يكمن في تفاصيل قانون «التأهيلي» ما بين برّي وباسيل، من دون أن يُعطي نصرالله «موقفاً حاسماً» منه، أو يضع «مونته» على أيٍّ منهما على طاولة «التنازلات»، بل على العكس، خصَّص نصرالله حيّزاً كبيراً من مطالعته الإنتخابية للدفاع عن موقف «حزب الله» و«أمل»، ومحاولة «تجميله» امام الرأي العام المسيحي تحديداً، بـ«تربيحه جميلة» موافقته على «القانون الارثوذكسي» فيما مضى، محاوِلاً «تبرئة» الحزب والحركة من كل المسار الذي وضعه في «مواجهة» مع الشارع المسيحي وصلت حدَّ «التهويل» من مخاطر اصطدام الشارعين، وآخرها موقف الرئيس برّي القائل: «مَن ذلك الذي يظنّ انّ له أرجلاً صلبة على الشارع. الشارع يا جماعة له أربابُه ونقطة على السطر»!.
بإزاء كل ذلك، يبدو واضحاً من «وضوح» برّي، أنه يتولّى، نيابة عن نصرالله، المواجهة المباشرة مع باسيل، وأنّ كل مواقف الأمين العام لـ«حزب الله» عن ضرورة «التوافق» و«تبادل التنازلات» للوصول إلى «تسوية» تبدو «شيكاً بلا رصيد»، بالاستناد إلى كل الوقائع التي ذُكرت أعلاه، طالما أنها لم تُقرَن بأيّ فعل، إلّا إذا بدر من نصرالله، في الفترة الفاصلة عن تاريخ 15 أيار، ما يُسقط حقيقة «توزيع الأدوار» مع بريّ، ويثبت جدّيته في البحث عن حلول، على خط القيام بمساعي لتقريب وجهات النظر بين حلفائه، وتذليل عقدة برّي - باسيل، للدفع في اتجاه الوصول إلى تسوية تنقذ لبنان من حافة الهاوية التي يحذّر منها الجميع.