العناوين التي رفعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وخاض على أساسها معركته الإنتخابية للرئاسة والتي تركزت على إنتقاده الشديد لسياسة سلفه الرئيس السابق باراك أوباما الانكفائية عن الكثير من الساحات الدولية الساخنة والمترددة حيال العديد من المواقف التي كان من المطلوب إتخاذ قرارات حاسمة بشأنها والتي شكلت عنوانا إضافيا لحملة ترامب.
خلال مناظراته الانتخابية استخدم خلالها لغة التهديد حينا لكل دولة استفادت من التراجع الأميركي خلال فترتي رئاسة أوباما و توسع نطاق نفوذها على حساب المصالح الأميركية.
إقرأ أيضا : بالصور : حزب الله في تل أبيب !
ولغة الوعيد حينا آخر بالتلويح باستعمال القوة العسكرية ضد كل من تسول له نفسه خرق القرارات الدولية وتهديد السلم العالمي إلا أن هذه العناوين لا تعني بالضرورة أن يلبس سيد البيت الأبيض لامة الحرب ويمتطي سيف التأديب ويدخل ميادين القتال بكامل لباسه العسكري ويخوض حروبا متنقلة وفي أكثر من ساحة مشتعلة ضمن حدود المدى الزمني الذي اتاحه له الدستور الأميركي.
فإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا زالت في مرحلة ترتيب ملفاتها وتحديد اولوياتها وتركيب إستراتيجيتها حيال المنطقة لمواجهة التحديات التي أنتجتها سياسة الرئيس السابق أوباما واستطاع ترامب خلال هذه الفترة أن يضع أسسا واضحة لسياسته الخارجية برزت من مضمون الرسائل التي تعمد توجيهها في كل الاتجاهات وفي كل اللغات مستخدما كافة الوسائل المتاحة والضرورية لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأميركية معتمدا على القوة العسكرية لاستخدامها حيث تدعو الحاجة وعلى الطرق الدبلوماسية حيث يجب الاكتفاء بالمرونة السياسية واعتمادها كسبيل للسير بها.
ففي الملف السوري فما أن توجهت أصابع الاتهام نحو النظام باستخدام السلاح الكيماوي في بلدة خان شيخون حتى سارع ترامب لإعطاء الأوامر لبحريته المرابطة في البحر المتوسط بضرب مطار الشعيرات دون انتظار نتائج التحقيق ومتوعدا رئيس النظام السوري بشار الأسد من مغبة تهديد السلم العالمي وقاطعا عليه سلوك طريق الاستمرار بوضع العالم أمام أحد خيارين: إما هو أي الأسد وإما التنظيم الإرهابي داعش ورسالة ترامب بهذا المعنى كانت واضحة " لا الأسد ولا داعش".
إقرأ أيضا : بالصور : حركة أمل تستعرض عسكريا !
لكن هذا لا يعني الانخراط الواسع في وحول الحروب السورية وليس هناك ما يمنع من ترك سوريا ساحة حرب ومواجهة حتى إشعار آخر.
أما إيران التي استفادت من التراجع الاوبامي واستثمرت إلى آخر حدود الاستثمار في لبنان وسوريا والعراق واليمن لتوسيع مناطق نفوذها وإرساء أواصر امبراطورية تتجاوز بجغرافيتها حدود ما كان يطلق عليه بالهلال الشيعي.
ما بدا وكأنه تهديد مباشر للركائز الاساسية لسياسة المنطقة كالمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج فإن الرئيس ترامب وضعها على لائحة الدول المعادية لأميركا لدرجة بدا وكأنه على عداء مستحكم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وعليه جاء التهديد بإعادة النظر ببنود الاتفاق النووي الإيراني الموقع بين إيران والدول الغربية الست وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية.
إقرأ أيضا : لماذا يتكتم حزب الله على أسباب مقتل محمود ريحان ؟
إلا أن عداء ترامب لإيران أيضا لا يعني الدخول معها في مواجهة عسكرية واسعة وشاملة وصعبة جدا إن لن نقل مستحيلة.
لكن ليس ما يمنع من تقليم أظافر طهران المنتشرة في اكثر من دولة ومحاصرة أذرعها العسكرية التي تثير الفوضى والقلاقل في أكثر من بلد عربي.
وفي هذا السياق تأتي القرارات التي يتم استصدارها عن الكونغرس الأميركي وتهدف إلى فرض عقوبات مالية على حزب الله اللبناني وعلى نوابه ووزرائه وكل الجمعيات والمؤسسات والشخصيات التي يشتبه بارتباطها بعلاقات مالية مع الحزب كإحدى الأساليب التي تستخدمها إدارة ترامب في تصديها للسياسة الإيرانية للحد من نفوذها ومن توسعها.
فالعقوبات المالية على حزب الله تؤدي بالتأكيد إلى إضعافه في الداخل اللبناني وبالتالى تؤدي إلى زعزعة ثقة حلفائه به. واستتباعا فإن الضغط على حركة أمل والتيار الوطني الحر يهدف بالضرورة إلى الضغط على إيران من خلال فرض العقوبات المالية على حلفائها.
إقرأ أيضا : ثروة السيد حسن نصر الله تبلغ 250 مليون دولار !
فالسلوك الأميركي تحت إدارة الرئيس ترامب بالضغط على إيران وعلى حلفائها إنما هو عملية تحضير المسرح لإعادة النظر بالاتفاق النووي. فالرئيس الأميركي يسعى إلى تحقيق مكاسب من هذا الإتفاق أكثر مما يحققه بمضمونه الحالي.
إلا أن الطريق إلى ذلك لا يبدو سهلا وفيه من العراقيل والعقبات ما قد يستلزم إشعال حرائق في هذا الصيف الملتهب في أكثر من منطقة قابلة للإشتعال.