الجلسة الأخيرة التي جمعت الرئيس نبيه بري بالرئيس سعد الحريري كانت صادمة بنتائجها للأول.
فبري الذي توقع دائما أن يكون الحريري معه على نفس الموجة بالنسبة للتمديد في حال فشل التوافق على إقرار قانون جديد للإنتخابات لم يكن ليتوقع من الحريري هذه الخطوة بعدم المشاركة بجلسة 15 أيار المقبل في حال كانت مخصصة للتمديد، وبالتالي فإن الجلسة لن تعقد بغياب الحريري والثنائية المسيحية.
وأمام هذا المشهد الجديد الذي عكس تطورا كبيرا في خطوة الحريري برز تحليلان لموقفه.
إقرأ أيضا : مجلس الشيوخ يحول الصراع في لبنان إلى شيعي - مسيحي !
الحريري غدر ببري:
الأول تحدث عن تكرار لسيناريو إنتخاب الرئيس ميشال عون وما حصل من صفقة بين التيارين الأزرق والبرتقالي بعيدا عن أعين عين التينة.
في وقتها شعر بري بالغدر من الحريري الذي سارع بعدها إلى تلطيف الأجواء مع عين التينة.
ولكن " الأستاذ " إستطلع باكرا بوادر تغيير في قواعد اللعبة السياسية الداخلية وإستشعر خطرا وأدرك أن خيوط اللعبة بدأت تتفلت من يديه وهذا ما يحصل اليوم بالتدريج.
فالصفقات الكبرى باتت تعقد أقله بمشاركته ولكن ليس بكامل شروطه والاسباب عديدة أبرزها الزخم الذي حصل في الأداء المسيحي بعد التوافق بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وإنتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية.
والحريري منذ النصف الثاني من عام 2016 بدأ يمارس لعبة سياسية جديدة من حيث الأداء عكست نضجه السياسي وأكثر واقعية وقوامها اللعب على المتناقضات اللبنانية وهذا ما يحصل اليوم في الملف الإنتخابي فهو تارة مع النسبية الكاملة وتارة ضد التأهيلي وأحيانا أخرى معه.
إقرأ أيضا : بري ينعى قانون باسيل التأهيلي ويقدم مشروع مزدوج
في ظل هذه المناورات لم يرتكب الحريري خطأ " المقاطعة " مع أي طرف سياسي حتى مع خصمه اللدود حزب الله بل إنفتح على الجميع بصورة لن يقبل فيها بعد الآن أن يتحمل مسؤولية أي فشل في أي ملف داخلي لبناني كما كان يحصل سابقا.
وضمن هذا الجو يرى البعض أن الحريري الذي لن يقطع علاقته بالرئيس بري الذي وصفه بإحدى مقابلاته ب " الأب " لكنه سيتصرف وفق مصلحته الإنتخابية فيقف مع أي طرح يعيد له حجمه الإنتخابي في ظل صعود منافسين جدد له على الساحة السنية كالوزير السابق أشرف ريفي وما ستقدمه الثنائية المسيحية له من نواب مستقلين.
فإعتبرت خطوة الحريري وفق ما تقدم بأنها حركة غادرة ضد بري إستشعر الأخير ألمها.
الحريري يناور :
أما التحليل الثاني فإستبعد نظرية الغدر وإعتبر الخطوة مناورة من الحريري للضغط على بري أكثر من أجل حلحلة بعض العقد.
فقد ترافق موقف الحريري المستجد الرافض للتمديد مع موقف آخر مؤيد للقانون التأهيلي كما قدمه الوزير جبران باسيل بعد قبول الحريري بقاعدة المرشحين الإثنين عن المرحلة الأولى.
ويحاول الحريري من هذه الحركة المعاكسة خلط الأوراق وإظهار نفسه للرأي العام اللبناني على أنه يقدم تنازلات تلو التنازلات من أجل المصلحة العامة ويدعو الجميع لفعل الأمر نفسه.
بالتالي، يرى البعض أنه في اللحظة التي يشعر فيها الحريري بحدة الموقف والإختيار بين خيارات الرئيس بري والرئيس عون في هذا الملف فإنه سيختار بري وقد يمشي بقانون التمديد.
إقرأ أيضا : هل يُعلَن الإتفاق على مجلس الشيوخ قبل قانون الإنتخاب؟
لذلك، فهمت خطوة الحريري على أنها مناورة للضغط على بري لتقديم بعض التنازلات قبل جلسة 15 أيار أما إذا ما حصلت الجلسة ولم يتم التوافق فمن المرجح أن يحضر الحريري الجلسة ويصوت للتمديد.
لكن يبدو أن الرئيس بري لا تنطلي عليه حركات ما سماها " حافة الهاوية " ولا يريد المراهنة على تقلبات الحريري فسارع إلى القول بأنه سيصوت ضد التمديد وإختلطت الأوراق من جديد.
أمام هذا الجو المعقد ، ينتظر اللبنانيون أياما صعبة حتى جلسة 15 أيار، فإما التوافق أو المجهول.