بعد أن تقدم الرئيس نبيه بري بمشروعه المزدوج لقانون الإنتخابات ومجلس الشيوخ لجميع الأطراف السياسية، ظهرت إشارات إيجابية في بداية الأمر كون الحل يتصف بالشمولية وعلى درب تطبيق إتفاق الطائف.
لكن كان من المتوقع أن يثير الطرح صراعات لناحية هوية رئيس مجلس الشيوخ بين الدروز والمسيحيين بحيث أن الدروز يطالبون برئاسة المجلس وكذلك المسيحيين.
فتفجر خلاف من نوع آخر ومن مكان غير متوقع متعلق بصلاحيات هذا المجلس أولا ومن أي ستؤخذ بعض صلاحياته ثانية.
إقرأ أيضا : بري ينعى قانون باسيل التأهيلي ويقدم مشروع مزدوج
صراع درزي - مسيحي بالبداية:
فالنقاش حول مجلس الشيوخ كان سببا في الأسابيع الماضية لصراع بين الدروز والمسيحيين لجهة من يترأسه، فالدروز يطالبون به مستندين لمحاضر إتفاق الطائف والمسيحيين ينادون به مستندين إلى المناصفة في الرئاسات الأساسية ( الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء ومجلس الشيوخ ).
وبحسب وجهة نظر الوزير جبران باسيل فإن رئاسة المجلس يجب أن تكون لمسيحي غير ماروني وهم منفتحون على طرح المداورة في الرئاسة بين الدروز والمسيحيين أو المقايضة بين رئاسة مجلس الشيوخ ومنصب نائب رئيس الحكومة أو نائب رئيس المجلس.
وهذه كلها أطروحات يرفضها الدروز بشخص النائب وليد جنبلاط ويعتبرون أن مجلس الشيوخ هو من مكتسبات الدروز في إتفاق الطائف .
إقرأ أيضا : جنبلاط يستعيد عافيته
تحول في الصراع:
وسرعان ما تحول الصراع أيضا إلى صراع شيعي - مسيحي يتصدره النزاع الحاصل بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل.
وبحسب المعلومات المتداولة فإن الأجواء كانت إيجابية حول طرح الرئيس بري المزدوج حتى ليل الخميس- الجمعة عندما تلقى فاكس من الوزير جبران باسيل يطرح فيه رأيه عن مجلس الشيوخ وصلاحياته ما أثار غضب بري وهدد بالمؤتمر التأسيسي لأول مرة حتى لو لم يكن يرغب بذلك.
إقرأ أيضا : شارل جبور ... بوق طائفي إضافي
ويطالب باسيل بصلاحيات لمجلس الشيوخ تنتزع من صلاحيات رئاسة المجلس النيابي المخصصة للشيعة عرفا.
فتبعا لإتفاق الطائف يناط بمجلس الشيوخ مهام وصلاحيات متعلقة بالقرارات المصيرية في البلد كقرار السلم والحرب ( البعض يطرح صلاحية التعديلات الدستورية ) ولا تعطى له صلاحيات تشريعية، فالتشريع محصور بمجلس النواب.
ويطالب الرئيس بري بأن يكون مجلس الشيوخ مهتما بأمور الطوائف اللبنانية ولا يتدخل بالشأن العام لكن ملاحظات باسيل وإقتراحاته عن مجلس الشيوخ ترمي إلى نزع صلاحيات تشريعية من السلطة الثانية وإلحقاها بمجلس الشيوخ.
وعلى الرغم من عدم معرفة تفاصيل ما طرحه باسيل لكن من المرجح أن جزء مما يطلبه هو أن يكون لمجلس الشيوخ قدرة على تعطيل ورفض قوانين مجلس النواب وردها.
وهناك طروحات " متطرفة " من غير المعلوم حتى الآن إذا كان الوزير باسيل يتبناها وفحواها أن ينتخب مجلس الشيوخ رئيس الجمهورية وأن يطلب مجلس الشيوخ من المجلس النيابي عقد دورة أو تأجيل.
إقرأ أيضا : قانون الستين أو الحائط المسدود
وبالمجمل سيتحول النقاش حول مجلس الشيوخ ورئاسته وصلاحياته من طرح إصلاحي شامل للنظام إلى سبب أساسي لصراع شيعي - مسيحي يواكبه صراع درزي - مسيحي قد لا ينتهي إلا بمؤتمر تأسيسي جديد ينسف النظام القائم.
فهل هذا من مصلحة السنة في لبنان ومصلحة إتفاق الطائف ؟