فالمشاهد المتناثرة ما بين البعد اﻻقليمي والتناقضات الداخلية فوق رقعة الشطرنج في الشرق اﻻوسط، تَشي بخطر يحوم فوق الساحة اللبنانية ينبغي التعاطي معه بشكل لا يتناسب مع الخفة الطاغية حاليا، ولا تبدي الدولة مسؤولية عالية بالتعاطي مع هذه التطورات على خطورتها بقدر ما تتلهى بالجدل حول أجناس ملائكة الدوائر اﻻنتخابية.
في هذا السياق، يكشف مصدر ديبلوماسي في بيروت عن محاولات إسرائيلية إستغلال الوضع المأزوم في الشرق اﻻوسط في سبيل النيل من "حزب الله" وتقويض دوره ونفوذه، في وقت تتوجس حكومة نتنياهو من محاولات تهميشها بل صدها مباشرة والحؤول دون التدخل بالصراع العسكري الدائر على تخومها الشمالية، بعكس حزب الله الذي هو في صلب القوى الفاعلة والمؤثرة باﻻزمة السورية.
من هنا قد تقدم الحكومة اﻻسرائيلية، وفق نفس المصدر، على مغامرة ما على غرار تنفيذ غارات خاطفة في العمق اللبناني إذا ضمنت عدم الرد المباشر من حزب الله نتيجة الحصار البالغ الحاصل حاليا. ضربات يعتقد نتنياهو شخصيا بأنها تكرس صورة إسرائيل الدولة القوية والمؤثرة والتي ﻻ ينبغي تجاوزها عند إعادة ترسيم خارطة الشرق اﻻوسط .
بعيدا عن ذلك ينبغي التوقف عند مخاطر تحيط بلبنان لها سلسة أبعاد، ففي البعد المحلي ينبغي التوقف عند سابقة هبوط طائرة عسكرية أميركية في مطار رياق في البقاع، خصوصا وأن حزب الله سارع خلال ايام بعدها على تنظيم جولة إعلامية لﻻطلاع على مواقع المقاومة وجهوزيتها عند خط التماس مع الحدود الجنوبية .
وبنفس السياق ينتظر لبنان ﻻئحة عقوبات إقتصادية جديدة تصدرها وزارة الخزانة اﻻميركية أخطر ما فيها تضمينها بلديات ومؤسسات إجتماعية وشخصيات حليفة للحزب، وهذا ما سيترك تداعيات خطيرة في ظل توسيع دائرة التضييق على الحزب عبر بيئته الشعبية وعدم اﻻكتفاء بإستهدافه جهازه التنظيمي.
أما في البعد اﻻقليمي، فيسجل ازدياد وتيرة الغارات اﻻسرائيلية على اﻻراض السرية والتي تستهدف قوافل تتضمن شحنات أسلحة متوجهة صوب الأراضي اللبنانية تدعي السلطات اﻻسرائيلية بأنها تتضمن صواريخ متطورة يجري تمريرها جوا من طهران الى دمشق ومن ثم يجري نقلها برا الى لبنان.
في النهاية ﻻ يمكن إهمال اﻻبعاد الدولية المرتبطة أولا بتغيرات أساسية على قواعد اللعبة في الجبهة السورية، فإدارة ترامب تبدي إصرارا على تحجيم الدور اﻻيراني كما سحب "حزب الله" نهائيا من الساحة السورية، ولا تنفصل توجيهات ترامب بالشأن السوري القائمة على تقويض دور ونفوذ روسيا المطلق في سوريا وأمكنة أخرى بفعل اﻻنكفاء اﻻميركي السابق.
في ظل مراقبة أداء ترامب، تبدو اﻻدارة اﻻميركي الجديدة وكأنها تحاول إخضاع موسكو لمعاودة حساباتها دون اﻻصطدام المباشر معها كما هو الحال مع ضرب مطار الشعيرات في سوريا .
مصباح العلي