تطرقت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى قرار مارين لوبان النأي بنفسها عن رئاسة حزب "الجبهة الوطنية"؛ مشيرة إلى أن هدفها من ذلك هو توحيد الفرنسيين على مختلف مواقفهم السياسية.
جاء في مقال الصحيفة:
أعلنت المرشحة لرئاسة فرنسا مارين لوبان عن تخليها المؤقت عن زعامة حزب "الجبهة الوطنية" الذي ترأسه منذ عام 2011. وقد أوضحت لوبان هذا القرار بأنه نابع من رغبتها في أن تكون فوق المصالح الحزبية، ومن أجل توحيد الفرنسيين على مختلف ميولهم السياسية. ولكن هذا التكتيك، بحسب الخبراء، لن يكون له دور مؤثر في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية.
من جانبها، قالت لوبان: "أنا لم أعد رئيسة "الجبهة الوطنية"، أنا مرشحة لرئاسة فرنسا. وأريد أن أشعر بالحرية، وبنفسي فوق السياسة الحزبية". وقد أعربت، في حديث تلفزيوني، عن اعتقادها بأن رئيس الدولة هو ممثل لمصالح شعب الجمهورية الخامسة بكامله، وأن عليها "توحيد الفرنسيين تحت هذا الشعار". وتشير الصحافة إلى أن لوبان حاولت مرات عديدة خلال الأشهر الأخيرة الناي بنفسها عن رفاقها في الحزب ورسم خط فاصل بين أفكارها ومبادئ "الجبهة الوطنية".
ولكن، مهما حاولت لوبان تأكيد اختلافها عن الحزب، فإن ذلك يبقى غير واضح عمليا في الجوهر. فهي كما في السابق تتهم منافسها رئيس حركة "إلى الأمام" إيمانويل ماكرون باللامبالاة بالهوية الفرنسية وبالضعف، الذي سيمنعه وفق رأيها من التعامل مع مشكلات الأمن الوطني، وبأن موضع ضعف ماكرون هو تأييده لسياسة "الأبواب المفتوحة". غير أن المرشحين حضرا مراسيم جنازة الشرطي الذي قتله الإرهابيون في جادة الشانزيليزيه.
أما مؤسس حزب "الجبهة الوطنية" جان-ماري لوبان، فيعتقد أن التكتيك، الذي اختارته ابنته مارين في حملتها الانتخابية للجولة الأولى، لم يكن قويا بما فيه الكفاية، وأعرب في حديث إلى راديو RTL عن اعتقاده بأن "حملتها الانتخابية كانت هادئة جدا". وأضاف: "لو كنت مكانها لكانت حملتي الانتخابية كحملة ترامب أكثر انفتاحا وعدوانية بالنسبة إلى من يتحمل مسؤولية الانحطاط في بلدنا، وليس مهمًا يساريا كان أو يمينيا".
ويشير الخبراء الغربيون إلى أن قرار مارين لوبان التخلي مؤقتا عن رئاسة الحزب جاء على خلفية النظرة السلبية إلى الحزب.
يقول بروفيسور جامعة يورك البريطانية ديفيد ليس إن "تخلي لوبان عن رئاسة الحزب هدفه رسم خط فاصل بين الشعارات المسمومة للحزب وبينها كمرشحة لرئاسة فرنسا". وإن "محاولتها الظهور مستقلة موجهة نحو الناخبين من اليسار المتطرف ويمين الوسط، الذين خاب أملهم بوضع ماكرون الراهن. وهذه خطوة ذكية، ولكنها لن تساعد على فوزها، رغم أنها ستزيد نسبة المصوتين لمصلحتها".
أما ميخائيل ليونينغ، الباحث العلمي في المعهد الهولندي للعلاقات الدولية في كلينغندايل، فيقول: "تريد مارين لوبان بهذا القرار الظهور بأنها مرشح من خارج النخبة السياسية الاعتيادية و"خارج" مؤسستها السياسية أيضا. ويضيف: "لقد سبق أن نـأت بنفسها عن العناصر الشوفينية والمتطرفة في الحزب، لكسب ناخبين أكثر من الذين كانوا لا يرتاحون لهذه العناصر. والآن تخطو خطوة رمزية بتخليها المؤقت عن رئاسة الحزب. أعتقد أن لهذا علاقة مباشرة بالصراع ضد ماكرون في الجولة الثانية، التي ستتركز على صورة شخصية المرشح ومن منهما أكثر استقلالية، والذي سيكون الرئيس الأفضل للمباشرة بالإصلاحات المنتظرة".
أما في روسيا، فيعتقد الخبراء أن مارين لوبان أخذت فكرة التخلي عن رئاسة الحزب من الجنرال شارل ديغول.
تقول رئيسة الدراسات الأورو-أطلسية والأمن الدولي في الأكاديمية الدبلوماسية للخارجية الروسية، تاتيانا زفيريفا: "حينها أسس ديغول حركة سياسية، وبعد أن انتخب رئيسا انسحب منها وأصبح رئيسا خارج الأحزاب السياسية. وقال حينها إنه أب الأمة، والشخص الذي يوحد الفرنسيين بغض النظر عن ميولهم وانتماءاتهم. واعتقد أن لوبان تفكر بالشيء نفسه وتأمل أن تعزز موقعها". ومع ذلك، تعتقد زفيريفا أن هذه الخطوة لن تكون عاملا حاسما في الجولة الثانية.