منذ العام 2012 دخل حزب الله إلى المعركة السورية. ورغم نجاحه، مع إيران وروسيا، في تثبيت نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنه تكبّد خسائر كبيرة. وتوفر دراسة نشرتها مجلة نيوزويك معلومات قيمة عن التفكير الاستراتيجي لطهران والاعتبارات التكتيكية لقيادة حزب الله، التي قد يكون لها آثار كبيرة على ديناميات الأمن الإقليمي.
ووفق الدراسة الاستقصائية، خسر حزب الله نحو 1048 من مقاتليه في سوريا، بين 30 أيلول 2012 و10 نيسان 2017. مع ذلك، وفق نيوزويك، يجب التعامل مع هذا العدد كحد أدنى، لأن قيادة حزب الله لديها كل الأسباب لتقليل الخسائر. ومن شأن تقديم معلومات كاملة عن عدد القتلى أن يكشف مزيداً من المعلومات عن قواته لخصومه.
ومن بين مقاتلي حزب الله، تم التعرف على 60 شخصاً على أنهم قادة ميدانيون. لكن حزب الله، وفق المجلة، يتعامل بسرية مع الأماكن التي قتل فيها هؤلاء المقاتلين في سوريا. إذ يُعرف أماكن مقتل 143 شخصاً فقط من مجموع ما خسره من عناصر (35 في حلب، 58 في دمشق وريفها، 12 في حماه، 18 في حمص، 11 في إدلب، 6 في القنيطرة، 3 على الحدود اللبنانية- السورية). وهذه المعلومات مستقاة من مواقع إيرانية ومصادر المعارضة السورية.
ووفق نيوزويك، فإن ذروة ارتفاع عدد القتلى كانت في العام 2013. فقد خسر حزب الله نحو 100 مقاتل في شهر أيار 2013، بعد هجومه على مدينة القصير. وهي مدينة تقع استراتيجياً بين دمشق وساحل البحر الأبيض المتوسط وعلى مقربة من الحدود اللبنانية.
وفي تموز 2014، خسر حزب الله 36 مقاتلاً مع استيلاء داعش على حقل للغاز في محافظة حمص وعلى قاعدة الفرقة السابعة عشر التابعة للجيش السوري بالقرب من الرقة. ما يشير إلى أن قوات حزب الله لعبت دوراً مهماً في المعركة. وبالمقارنة، قُتل 270 شخصاً من القوات النظامية السورية، وتم إعدام 200 منهم على الأقل بعد القبض عليهم.
ومن المحتمل، وفق المجلة، أن تعكس الوفيات التي وقعت في شباط 2015، وبلغ عددها 35، الهجوم المشترك الذي شنته قوات الجيش السوري الحر وجبهة النصرة على معاقل حزب الله في غرب القلمون بالقرب من الحدود اللبنانية. ومعدل الوفيات الشهري المرتفع في النصف الأخير من العام 2015 (217 عنصراً من تموز إلى كانون الأول)، هو حصيلة لا تنحصر بمعركة الزبداني في تموز 2015. لكنها تشير إلى بدء الحملة الجوية الروسية الأولى في سوريا.
أما المعارك التي اندلعت في حزيران وآب وتشرين الأول 2016 في ضواحي مدينة حلب المحاصرة، فكانت حصيلة خسائر حزب الله فيها نحو 50 عنصراً. وقد سقط إلى جانب مقاتلي حزب الله كحد أدنى في المعارك، منذ العام 2012، 482 مقاتلاً إيرانياً، و606 من الأفغان و88 من الجنسية العراقية.
وتخلص نيوزويك إلى القول إن طهران تخلت في البداية عن الانتشار الواسع النطاق للقوات الإيرانية في سوريا، وفضلت بوضوح نشر قوات حزب الله. لكن ارتفاع معدل قتلى الحزب، أجبر إيران على نشر قوات الحرس الثوري والميليشيات الشيعية المتحالفة معها في سوريا. لكن حزب الله لايزال يواجه تحدياً لكي يوازن بين نشر قواته في سوريا والحفاظ على وجوده المحلي، خصوصاً احتمال استفادة الجيش الإسرائيلي من مشاركته في الحرب السورية للهجوم على مواقعه في لبنان.
سامي خليفة