أولا : الدكتور جعجع...تجربة السجن المريرة !
خرج الدكتور سمير جعجع من السجن العسكري خالي الوفاض من أدران الحرب الأهلية، وقد أحكمته التجارب ، ووعظته نفسه، وهي خير واعظ، وقدحت فكره نحو الانفتاح على الآخر، واعتناق مبادئ التسامح ونبذ الأحقاد، وخرج على اللبنانيين بخطاب وطني صادق من القلب، والكلمة إن خرجت من القلب دخلت القلب، وإن خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان، وعلى هدي ذلك سلك قائد القوات بعد خروجه من السجن، في ثورة الأرز، ومسيرة ١٤ آذار، وعندما اندلعت ثورات الربيع العربي قبل سنوات أيّدها جعجع واعتبرها بداية الخروج من الديكتاتورية والظلم والطغيان، ودعا المسيحيين العرب للصمود في أرضهم واوطانهم، فالارهاب والتكفير إلى زوال، ولن تبقى سوى قيم الديمقراطية والقيم الإنسانية، وعندما داهم الجميع استحقاق الانتخابات الرئاسية، تصدى جعجع لهذا المنصب بجرأة واقتدار، وساجل طويلاً مع فريق الجنرال عون الذي عطّل الانتخابات طوال ثلاثين شهراً متواصلة، وعاب عليهم خرق الدستور وشلّ عمل المؤسسات الدستورية، حتى جاءته داهية من قبل مستشاره المقرّب رئيس جهاز الإعلام والتواصل السيد ملحم رياشي.
إقرأ أيضًا: قانون الإنتخاب المُتعسّر، بإنتظار الأخ إبليس
ثانياً: رياشي ولوثة التوافق مع التيار العوني :
وتحت حجّة لم شمل المسيحيين وتوحيد صفوفهم، ونبذ الأحقاد ودفن الضغائن بين القوات والتيار، وتكوين ثنائية مسيحية تُضاهي الثنائية الشيعية (وهي دعاوى تنضح بالنفس الطائفي) جرى حرف الخطاب الوطني للحكيم نحو خطاب تبريري ذرائعي مُشبع بشعارات زائفة: مصلحة الوطن، كرامة المسيحيين، ملء الشغور الرئاسي، مصلحة القوات اللبنانية الظرفية، ونشط السيد رياشي مع النائب إبراهيم كنعان على خط الرابية -معراب ،وطوى جعجع خطاباته المسهبة التي دأب على إطلاقها عقب كل جولة انتخابية رئاسية فاشلة، وكانت تتركّز في مضمونها على ضرورة احترام الدستور وصيانة المصلحة الوطنية العليا، ليستقبل بعد ذلك الجنرال عون في معراب في عراضة مهيبة، تضيع في أجوائها شعارات السيادة والاستقلال ونزع السلاح غير الشرعي.
إقرأ أيضًا: المواكب الأمنية الباهظة وبغلات معاوية الشّهُب
ثالثاً: جبور ... بوق طائفي بجانب باسيل :
نال السيد رياشي جائزة سنيّة على إنجازه تفاهم جعجع-عون، فتقلد حقيبة الإعلام، ليحُلّ مكانه السيد شارل جبور على رأس جهاز الإعلام والتواصل في القوات، وبخلاف سلفه، يمتاز جبور بالخطاب الصريح والمباشر، وهو يخلو من حنكة رياشي ودهائه، وآخر ما طلع علينا بالأمس هو أنّ الشيعة يريدون الاستئثار بالبلد والحكم، وإفشال العهد المتحالف مع القوات، أي المسيحيين، وهكذا الشيعة بثُنائيّتهم المعهودة بمواجهة الثنائية المسيحية الطارئة، وكيف؟ من خلال فرض قانون الشيعة الانتخابي! الذي يسمح لهم بالسيطرة التامة على البلد، أو عودة الحرب الأهلية اللعينة، ولا ندري عن أي شيعة يتحدث جبور، وعن أي مسيحيّين؟ فعلى حدّ علمنا أنّ معظم أبناء الطائفة الشيعة يعانون الفقر والحرمان والنّبذ والإقصاء والامتهان، ولا يغُرنّك أحوال بعض المغتربين المحظيّين برعاية حزب الله ودعمه، أم أنّك لم تسمع بأعداد المطلوبين للعدالة في منطقة بعلبك وحدها، أم أنّك تعتقد أن نواب الطائفة (الراجعون بإذن الله وفق كل الصيغ المطروحة) يُمثّلون مصالح الطائفة، أو لعلّكم في القوات نسيتم مصالح من تخدم الثنائية الشيعية هذه الأيام، وقبل ذلك أو بعده، ولن اتحدّث عن المسيحيين الذين ترغبون في مصادرة قرارهم وإرادتهم، فالمسيحيّون يعرفون المعاني السليمة للسيادة والمصالح الوطنية العليا، أفضل بكثير من النفخ بمزامير الطائفية التي أدمن عليها الوزير باسيل، والذي تتوق، يا سيد جبور للانضمام إليه.
أعان الله الحكيم على هذا الجهاز وقادته.