لم تعد الضربات الإسرائيلية على سوريا تشكّل استغرابًا بالنسبة للمؤيد والمعارض للرئيس السوري بشار الأسد ـ ففي حين هلّل البعض للضربات الصهيو-أميركية تساءل آخرون عن السبب الذي يؤخر ردّ سوريا، وإن كان الإستهزاء المتعلّق بعدم تحرّك "الجيش السوري" و"حزب الله" سيدّ الموقف فإن للموالاة والمؤيدين للأسد رأي آخر.
ولأن الصراع على أرض سوريا ليس محصورًا بطرفي نزاع فقط، إنما يخضع لعدة قوى عظمى تحاول تحويره وفق مصالحها، فإن الحديث عن سوريا لا بدّ أن يتخلله بعض التحليلات المتعلّقة بالدور الروسي والإيراني الذي يأخذ دور المتفرّج دون أيّ مبادرة لوقف "المهزلة" التي تقوم بها إسرائيل مع الإشارة إلى أنّ سوريا شهدت سابقًا غارات أميركية كردّ على مجزرة خان شيخون بحسب ما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغم العلاقة الوثيقة التي تجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين المؤيد للأسد.
إقرأ أيضًا: حقائق عليك معرفتها عن الغارات الإسرائيلية على سوريا
وللوقوف على أبرز المعطيات المتعلقة بالرد السوري على إسرائيل أجرى موقع لبنان الجديد اتصالًا مع الخبير العسكري والإستراتيجي الأستاذ عمر معربوني وهنا نص الحوار:
سؤال: حتى الآن تم إستهداف 9 مواقع للجيش السوري دون أي رد مباشر من قبل دمشق هل هناك تخوف من الرد أم أن برأيكم انسب رد هو قتال الجماعات المسلحة؟
جواب: بداية أود أن أشير إلى أن المعركة الدائرة هي معركة مفتوحة وهي حرب على سوريا وليس في سوريا والفرق بين المصطلحين يعكس طبيعة الخلاف حول ماهية المواجهة، فمن وجهة نظري ان الحرب لا ترتبط بقضايا داخلية كما يتم الترويج لها إنما هي حرب إضطرت سوريا أن تخوضها مكرهة بعد سلسلة من محاولات الإملاء الأميركية بعد إحتلال أميركا للعراق والرفض السوري لهذه الإملاءات، إذن نحن أمام حرب مركبّة يشارك فيها جزء من السوريين ضمن مشروع صهيو - أميركي تحت شعارات بدأت ببعد علماني وإنتهت بشعارات إسلامية تخوضها جماعات تكفيرية تتلقى الدعم المباشر من أميركا والخليج والكيان الصهيوني وعليه فإن معسكر أعداء سوريا هو معسكر متكامل في التخطيط والمشاركة والأدوات وأي رد على الأصيل أو الوكيل هو رد مباشر لا ينفصل عن طبيعة المعركة، أما بالنسبة لتعرض سوريا لإستهدافات دون أن ترد فهو غير دقيق حيث تصدّت الدفاعات الجوية السورية للطائرات الصهيونية مرتين اسقطت في المرة الأولى طائرة F-16 SOFFA وطائرة استطلاع بدون طيار فوق منطقة الجولان في مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية كما تصدت الدفاعات الجوية منذ فترة للطائرات المغيرة على موقع في بلدة البريج وأسقطت إحدى الطائرات وإصابت الأخرى والتي هبطت إضطراريًا، أما بالنسبة للمرات السبعة الأخرى فالجيش الصهيوني إستخدم في إغاراته صواريخ جوّالة من طراز GALILA وهي صواريخ تتم برمجتها للوصول إلى الهدف على إرتفاعات منخفضة جدًا لا يمكن كشفها والتعامل معها حاليًا بسبب الأضرار التي أصابت منظومات الرادار السورية بفعل تدميرها من قبل الجماعات الإرهابية وأهمها موقع تل الحارة للإنذار والحرب الإلكترونية وموقع صيدنايا وموقع مرج السلطان إضافة إلى عشرات مواقع الرصد والإستطلاع ما ارتد سلبًا على قدرة الدفاعات الجوية التعامل مع الصواريخ الجوالة الصهيونية.
إقرأ أيضًا: كواليس الغارة الإسرائيلية.. بوتين أضاء الأخضر ومسؤول فضح المستور!
سؤال: اليست التهديدات التي تطلقها دمشق دون أن تنفذها ستؤثر بشكل سلبي على مصداقيتها؟
جواب: دمشق لا تطلق تهديدات بل تصدر بيانات توثيقية لما يحصل وإحتفاظ دمشق بحق الرد يتناسب مع الوضع الحالي حيث لا توجد قدرات كافية الآن لخوض معارك هجومية مع " إسرائيل " بسبب إنتشار الجيش السوري على جغرافيا واسعة وكبيرة وهذا يعني أن طبيعة الرد غير متكاملة وليست غير موجودة بالكامل مع قناعتي أن حصول سوريا قريبًا بعد ضربة الشعيرات على منظومات رادارية ومنظومات دفاع جوي متطورة أعلنت روسيا أنها ستزود دمشق بها قريبًا سيغير كثيرًا من المشهد الحالي فحصول دمشق على منظومات S-300 ومنظومات " بوك " و " تور " سيمكنها من التعامل مع كل أنواع الضربات بما فيها الضربات بواسطة الصواريخ الجوالة.
سؤال: لماذا روسيا لا تحرك ساكنًا مع العلم أن العلاقات الأميركية / الروسية جيدة جدًا وإسرائيل لا تنفذ أي غارة الا بموافقة أميركا هل سنشهد تأثيرًا بالعلاقات بين روسيا ودمشق؟ وبرأيكم لماذا إيران لم تتدخل حتى الآن؟
روسيا في سوريا لمواجهة الإرهاب وليس لمواجهة " إسرائيل " وما تفعله روسيا في سوريا سيمكن الدولة السورية من استعادة قوتها مع التذكير أن رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي أعلن أن سوريا ستكون قادرة قريبًا على التعامل منفردة مع أية تهديدات محتملة وهذا يعني أن روسيا ستعيد تنظيم وتفعيل منظومة الدفاع الجوية السورية وهو ما أكده الرئيس الأسد في مقابلته مع موقع سبوتنيك حول نية سوريا طلب منظومات دفاع جوي متطورة مع الإشارة إلى أن العلاقات الأميركية الروسية تشهد تراجعًا مستمرًا خصوصًا بعد الضربة الصاروخية الأميركية لقاعدة الشعيرات الجوية وأن العلاقة مقتصرة الآن على برتوكول تنظيم الملاحة الجوية في المجال الجوي السوري، بالنسبة لإيران فإن وجودها في سوريا يقتصر على مستشارين عسكريين ولوائين من القوات الخاصة والحرس الثوري إضافة الى تقديم الدعم في المجالين السياسي والإقتصادي وبرأيي ان زيادة حجم القوة الإيرانية في سوريا لن يحصل إلا في ظروف الحرب الشاملة.