شهد لبنان منذ أيام قليلة حدثا بارزا بقي بعيدا عن التداول الإعلامي والسياسي، ففي بلدة عوكر الواقعة على سفح جبلي مقابل مدينة بيروت، أعلن عن مشروع بناء سفارة أمريكية تعد الأضخم في منطقة الشرق الأوسط.
كان يوم الخميس الواقع في 20 نيسان/ أبريل الماضي، يوما عاديا بالنسبة للمواطنين اللبنانيين، وكالعادة انشغل الساسة في لبنان بكل الأزمات العالمية والإقليمية، بدءا بالأزمة الأقرب إليهم، الأزمة السورية، وصولا إلى كوريا الشمالية وأمريكا اللاتينية. لكن ما غاب عن اللبنانيين في هذا اليوم هو الحدث الذي سيترك في المستقبل القريب تأثيراته وانعكاسته في المنطقة، والتي من الصعب على لبنان كدولة صغيرة تحمل تبعاته.
شهدت بلدة عوكر الجبلية القريبة من بيروت وضع حجر أساس لأكبر سفارة أمريكية في الشرق الأوسط برعاية السفيرة الأمريكية في لبنان إليزابيث ريتشارد، التي أكدت بدورها أن هذا المشروع هو رسالة قوية للشعب اللبناني على مدى عمق التنسيق والتعاون بين البلدين، والذي سيكبر ويتطور مع افتتاح المشروع الأضخم للولايات المتحدة في لبنان.
تفاصيل المشروع:
يعتبر المشروع من أكبر وأضخم وأهم المشاريع الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة، وتكشف مخطاطات المشروع الضخم أنه سيبنى على مساحة 174 ألف متر مربع، ويحتوي على مباني عدة قيل إنها ستكون على مستوى أمني عالي لحماية الموظفين والرعايا الأمريكيين في حالات الطوارئ القصوى.
وستشرف على المشروع شركة الأمريكية للهندسة العاملة على المشروع Morphosis Architects من مدينة كالفر، كاليفورنيا، ومتعهد البناء هي شركة B.L. Harbert الدولية.
وكشفت مصادر إعلامية عن تكلفة المشروع الأمريكي الجديد، عن مبلغ قدره حوالي مليار دولار أمريكي.
وعلقت السفارة الأمريكية في بيروت على المشروع "مرافق السفارة الأميركية الجديدة في بيروت تمثل أفضل ما في الثقافة الأميركية من هندسة وتكنولوجيا واستدامة وفن وتنفيذ للبناء".
سفارة دبلوماسية أم قاعدة عسكرية: هواجس وتحليلات
بعد الإعلان عن وضع حجر الأساس للبدء بعملية الإعمار، يرى الكثير من المحللين والخبراء أن الخطوة الأمريكية لم تأت من الفراغ، حيث أن موقع المشروع يعتبر استراتيجي ببعده العسكري والسياسي في أن، فهو يبعد حوالي 100 كلم تقريباً عن قاعدة طرطوس البحرية التي أنشأتها روسيا، ويبعد بضعة عشرات الكيلومترات عن الحدود اللبنانية الجنوبية حيث تتمركز القوات الدولية، وتتواجد عناصر المقاومة من "حزب الله" اللبناني.
واعتبر البعض أن الإعلان عن إنشاء المشروع الجديد من قبل الولايات المتحدة يندرج في إطار تثيبت تأثيرها في لبنان من خلال تثبيت الشراكة ومساعدة لبنان وتعزيز قوته وقوة جيشه.
أما محللون آخرون فاعتبروا أن المشروع الجديد وبهذه التكلفة الباهظة (مليار دولار أمريكي) دليل على أن المشروع خرج من إطاره الدبلوماسي وهو أشبه بقاعدة عسكرية أمريكية جاءت كرد استراتيجي وموقع إثبات وجود مواز لقاعدة طرطوس الروسية في سوريا، بالإضافة إلى رسالة قوية للداخل اللبناني الحليف لسوريا وإيران عموما ولحزب الله خصوصا.