استقبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب وفداً من مجموعة الدعم الأميركية الخاصة بلبنان The American Task Force for Lebanon (ATFL) برئاسة السفير السابق إدوار غبريال، في حضور مستشار رئيس الحزب للعلاقات الخارجية إيلي خوري ورئيس جهاز الاغتراب في الحزب د. انطوان بارد.
وقد استهل جعجع اللقاء بتحفيز أعضاء الوفد على لعب دورهم في تظهير الصورة الحقيقية للأزمة في الشرق الأوسط "والتي لا يجوز اختصارها بجانب واحد وهو الإرهاب على خطورته وضرورة مكافحته، لأن التركيز على جانب واحد لا يساهم في تقديم الحلول المرجوة للأزمة المتفاقمة في المنطقة."
ولفت الى أن "الأمور لا تقف عند حدود "داعش" و"النصرة" وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، لأن المشكلة كانت قبل ولادة تلك التنظيمات وستستمر بعد القضاء عليهما في حال لم يصار إلى وضع أسس سياسية جدية للأزمة في المنطقة، ويجب ان لا نغفل أنه في بداية الأزمة السورية لم يكن هناك من "داعش" ولا "نصرة" بل نظام الأسد كان يواجه بالحديد والنار والعنف ثورة سلمية غير مسلحة على الإطلاق، ولطالما حذرنا من عسكرة الثورة وتحولها من مدنية إلى حالات متطرفة في حال تُرك النظام السوري في قمعه وبطشه."
وشدد جعجع على ان "مواجهة "داعش" أمر مفروغ منه، وهذا واجب ومطلب، إنما إنهاء "داعش" لا يعني إنهاء الأزمة السورية، وقبل "داعش" كان هناك "القاعدة" وبن لادن وأبو مصعب الزرقاوي، وبالتالي يجب مواصلة مكافحة الإرهاب، ولكن بالتوازي الدفع باتجاه حل الأزمة السورية، ولا حل في سوريا في ظل بشار الأسد كونه يُشكّل جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الإرهابية."
وأكّد رئيس القوات "ان الحل يبدأ من خلال التخلص من "داعش" والأسد والضغط لإيجاد تسوية سياسية تفرض إيقاعها على كل المنطقة ترسيخاً للاستقرار في هذا الجزء من العالم الذي لم يعرف الاستقرار منذ عقود."
ولدى سؤاله عن مصير المسيحيين في المنطقة والدور المسيحي، قال جعجع:"ان المسيحيين في صلب هذه المنطقة وأساسها، وهم ليسوا طارئين عليها، بل في صميم تكوينها وتاريخها، وبالتالي من واجبهم الانخراط في مشاكلها وتحدياتها، وان يكونوا معنيين بمصيرها وبكل التطورات الحاصلة فيها، لأن تحقيق السلام ينعكس إيجاباً على كل أبناء المنطقة وهم في الطليعة."
ورفض جعجع المنطق الانسحابي، "لأن من ينسحب من تحمُّل مسؤولياته التاريخية يخرج من التاريخ والجغرافيا، ومن هنا المسؤولية الملقاة على المسيحيين كبيرة ومصيرهم متعلق بدورهم وانخراطهم في شؤون المنطقة وشجونها، والحرب القائمة ليست ضد المسيحيين، بل ضد كل انسان حر ويريد العيش بحرية وكرامة، والشعوب المُسلمة في المنطقة دفعت وما زالت أثماناً كبيرة بفعل التطرف الذي يستهدف مجتمعاتها ويشوِّه دور الإسلام."
وفي موضوع اللاجئين، اعتبر رئيس القوات "ان الحل النهائي يكون بحل الأزمة السورية الذي يفسح في المجال بعودة اللاجئين إلى ديارهم، ولكن ماذا لو طالت الأزمة السورية؟ وبالتالي يجب تسريع الحلول من خلال إنشاء مناطق آمنة، وهناك مناطق شاسعة في سوريا، خصوصاً ان هذا الحل يعيد السوري إلى أرضه ويحفظ كرامته ويسقط كل محاولات تغيير معالم سوريا الديموغرافية."
ولدى سؤاله عما إذا كان يمكن تحصين الوضع الاقتصادي للبنان، أجاب جعجع:"المشكلة الاقتصادية الأولى في لبنان التي تعيق النمو والتطور تتمثل بوجود القرار الاستراتيجي خارج الدولة اللبنانية، الأمر الذي يرتد سلباً على الاستقرار الاقتصادي ويشكل عاملاً غير مشجع على الاستثمار. وأما المشكلة الأخرى فتتمثل بالفساد المستشري على نطاق واسع في الدولة، حيث ان جزءاً كبيراً من القوى السياسية إما فاسدة وإما غير كفوءة."
وأكد جعجع "ان القطاع المصرفي يُشكّل خطاً أحمر، لأن المس بهذا القطاع يؤدي إلى انهيار الوضع المالي في لبنان، ومعلوم ان هذا القطاع ليس معزولاً عن العالم بل يرتبط بنظام مالي عالمي، وكل كلام غير ذلك يدخل في سياق كلام تهويلي ولا علاقة له بالواقع."