لا قانون ولا من يحزنون والامور تتفاقم سلبا
المستقبل :
لا صوت يعلو في البلد فوق «اللاءات» الانتخابية.. فبين «لا» ناهية عن التمديد و«لا» نافية للفراغ، الكل يبحث عن «نعم» توافقية واحدة تجمع مختلف الأطراف حول مشروع قانون جديد للانتخاب. وإذا كان موضوع القانون العتيد بما يُشكله إعلامياً من قوت يومي حافل بتحليلات وتأويلات لمواقف علنية من هنا أو نوايا مبيّتة من هناك لا يشي في ظاهره بقرب التوصل إلى التوافق المنشود، فإنّ الأكيد أنّ هناك عملاً جدياً يجري على مستويات رفيعة غير مرئية للعيان والإعلام ابتغاء «قضاء الحوائج الانتخابية بالكتمان».. كما هو الحال في السراي الحكومي حيث تنشط حركة الاتصالات واللقاءات والاجتماعات يومياً بعيداً عن الأضواء في سياق يريده رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري منتجاً انتخابياً قبل فوات المهل الدستورية.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر السراي لـ«المستقبل» أنّ يوميات الرئيس سعد الحريري باتت عبارة عن خلية عمل متواصل على مدار الساعة شغلها الشاغل التوصل إلى نقطة التقاء بين مختلف المكونات الوطنية حيال القانون الانتخابي، مضيفةً في معرض إضاءتها على يوميات السراي: «بين الموعد والآخر ثمة إما اتصال أو لقاء أو اجتماع يجريه رئيس الحكومة بشأن مستجدات ملف قانون الانتخاب، وهذه الاتصالات واللقاءات والاجتماعات تتم في معظمها خارج نطاق التغطية الإعلامية»، مع إشارتها إلى أنه حتى النشاط المعلن للقاءات الحريري مع مختلف الأطراف فإنّ قانون الانتخاب يُشكل المحور الأساس فيها وإن لم تكن مخصصة أساساً لمناقشة هذا الملف.
ورداً على سؤال، أوضحت مصادر السراي أنّ رئيس مجلس الوزراء ينطلق في قاعدة عمله نحو بلورة التوافق الانتخابي من ركيزتين أساسيتين: انفتاحه و«تيار المستقبل» على كل الطروحات الانتخابية، وعلاقته الإيجابية مع مختلف الأطراف، وهو انطلاقاً من هاتين الركيزتين يسعى إلى الدفع باتجاه التوصل لاتفاق على مشروع قانون انتخابي جديد يؤمن صحة التمثيل ويراعي الهواجس قبل انقضاء مهلة الشهر الدستورية التي علّق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بموجبها جلسات مجلس النواب حتى 15 أيار المقبل.
عون: لا تمديد ولا فراغ
في الغضون، وبينما تتوالى التحذيرات الديبلوماسية من مغبة الفراغ التشريعي في البلد وآخرها التحذير الذي أطلقه أمس السفير الروسي الكسندر زاسبيكين من وزارة الداخلية ونبّه فيه من أنّ «أخطر ما يمكن أن يحدث للبنان هو الفراغ»، برز أمس «الفيتو» الرئاسي الذي رفعه عون ضد التمديد لمجلس النواب«ولو لدقيقة واحدة» كما قال أمام زوار القصر الجمهوري، واصفاً التمديد في حال حصوله بأنه «خراب للبلد وانقلاب على الشعب»، ليضيف بلهجة حاسمة: «هذا الأمر لا يجب أن يحصل ولا يهدد به أحد، فإذا تخلى اللبنانيون عن حقهم في انتخاب ممثليهم في البرلمان يتغير نظام الحكم ونصبح في نظام ديكتاتوري».
وعن المخاوف من حصول الفراغ في المؤسسة التشريعية، جزم رئيس الجمهورية بأن المجلس النيابي باستطاعته وضع قانون انتخابي جديد حتى 20 حزيران، معتبراً أنه «حتى ولو وصلنا إلى هذا التاريخ فإنّ الفراغ لن يحصل في المؤسسات»، وتسلّح في طرحه هذا بمادتي الدستور 25 و74، الأولى التي تنصّ على أنه «إذا حُل مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة»، والثانية التي تقول بأنه عندما يكون مجلس النواب منحلاً «تُدعى الهيئات الناخبة من دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية».
بكركي توضح
تزامناً، نقلت مصادر بكركي لـ«المستقبل» توضيحات متصلة بالمواقف الأخيرة التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي حيال الاستحقاق الانتخابي، مشيرةً إلى أن دعوته لإجراء الانتخابات وفق القانون الحالي أتت رداً على «المماطلة في التوصل إلى قانون انتخابي جديد وليس محبةً بقانون الستين بل منعاً لاغتصاب السلطة» عبر التمديد مجدداً لولاية المجلس النيابي.
الديار :
نصف شهر يفصل عن جلسة 15 ايار، ولا جديد على صعيد قانون الانتخابات، وكل الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية تراوح مكانها، وكل طرف يتمترس خلف قانونه والجميع حسب مصادر متابعة يريد النتائج قبل القانون، وتحديد حصته وحجمه، وبالتالي فان من عجز عن الوصول الى قانون خلال سنوات لن يصل في نصف شهر.
وتشير هذه المصادر، الى ان كل الافرقاء يمارسون لعبة «الكمائن المتبادلة» والمشكلة ابعد من قانون بل تتعلق بازمة نظام برمته عاجز عن «ترميم هيكله» من خلال المشاكل المتنقلة المصبوغة بخطابات طائفية حتى العظم، فالاجتماعات العلنية الديبلوماسية شيء والاجتماعات المغلقة شيء آخر، حسب هذه المصادر، والمعركة في جزء كبير منها رئاسية بامتياز، ولن يتخلى الرئىس نبيه بري ووليد جنبلاط عن دورهما بانهما صانعا الرؤساء في لبنان، وبالتالي لن يعطيا الفريق المسيحي الثلث المعطل، حق الفيتو في المجلس النيابي، رئاسياً او في كل القرارات المصيرية التي تحتاج للثلثين، اي 43 أو 44 نائباً، فيما الثنائي المسيحي يطمح الى 52 نائباً أو اكثر، وهذا من رابع المستحيلات عند بري وجنبلاط ولو وصلت «المي للسماء». هذا هو عنوان المعركة حسب هذه المصادر، وهذا هو عنوان قانون الانتخابات الذي سيحدد من سيحكم البلد خلال الاربع سنوات المقبلة في ظل ظروف داخلية صعبة ودولية تزيل دولاً وترسم خرائط جديدة في المنطقة، ولذلك وحسب المطلعين على خفايا الكواليس، فان انتقادات لاذعة توجه من كل فريق 8 آذار بالاضافة الى جنبلاط واحياناً رئىس المجلس لباسيل ودوره، وتطال الانتقادات «العقل الجهنمي» الذي استطاع تركيب التحالف بين الثنائي المسيحي، لان هذا الامر كان باعتقاد كل قوى 8 آذار وجنبلاط من المستحيل تحقيقه وانجازه في ظل التاريخ الذي كان يحكم العلاقة بين الرئىس عون والدكتور سمير جعجع، كما تطال انتقادات هذا الفريق «المتشعب الاهواء» «ركاكة» الرئىس الحريري وعدم حسم موقفه كونه رئىساً للحكومة تجاه طروحات الثنائي المسيحي الذي يطالب بعودة الامتيازات وما سلبه الطائف، وهناك بعض الخبثاء يشيرون الى ان الحريري ربما كان مرتاحاً للمواجهة بين الثنائي المسيحي وبري وجنبلاط كي يقطف النتائج ويرفع سقفه، فلماذا الاستعجال؟ وحسب المصادر، فان القضية ابعد من قانون انتخابات، بل تتعلق بالحصص والدور، وطالما الاكثرية الدرزية تنظر الى قانون الانتخابات بمنظار «الغبن التاريخي» الذي لحق بالدروز منذ ايام فخر الدين وسيادة معادلة «عندما يتقدم الدروز يتراجع دور الموارنة، وبالعكس عندما يتقدم الموارنة يتراجع دور الدروز»، وهذا واضح من خلال تراجع الدور الدرزي وتحجميه مع تقدم الثنائية المسيحية، وفي ظل هذه القناعة كيف يمكن الوصول الى قانون مطمئن لهذه الاقلية وقلقها من قوة الثنائي المسيحي الذي فتح فوراً موضوع الحصة المسيحية في الجبل، وعدم التفريط باي نائب مسيحي لجنبلاط، وهذا ما قاله بوضوح الوزير جبران باسيل، ولذلك فان جنبلاط لن يتراجع بالسهولة التي يتصورها البعض، والجميع يدرك بانه واجه عهد الرئىس اميل لحود عندما حاول الانتقاص من دوره رغم كل الدعم الذي كان يحظى به الرئيس لحود، ولذلك فان الستين يحفظ حصة جنبلاط المسيحية والدرزية. ولن يخوض الانتخابات الا على اساسه، ويمكن ان يوافق على نسبية مخففة مع الستين. وحسب المصادر، فان الخطأ الذي ارتكبه الثنائي المسيحي رفضه لقانون جنبلاط الاخير، وقبوله بمبدأ النسبية، علماً أن جنبلاط ومعه بري منتعشان هذه الايام بموقف البطريرك الراعي وحكمته المطالبة بالستين، ولذلك لن يوافق جنبلاط لا على التأهيل ولا على النسبية الكاملة ولا على المختلط.
الأن لغة المصالح تتلاقى حسب المصادر، فان «الحلف المقدس» بين بري وجنبلاط مستمر وثابت منذ ان تولى جنبلاط الزعامة، والرئىس بري قيادة حركة امل، ولا يمكن ان يختلفا واتصالاتهما يومية، ويتبادلان «الرسائل النصية» ممزوجة «بنكات» تطال العديدين، ولديهما تصورهما المشترك لخوض المواجهة والوصول الى النتائج المرجوة، ومتفقان على رفض الفراغ، واذا كان الستين، ابغض الحلال عند الرئيس بري لانه يحول دون الفراغ فربما لا مشكلة لديه باجراء الانتخابات على الستين اذا كان ذلك يمنع سقوط البلد، وهذا التوجه يؤيده الراعي وسليمان فرنجية وبطرس حرب وكل فريق 8 آذار، وبالتالي خيار الستين لديه مناصرون وميزان قوى وضيق المهل قد يفرضه، ويبقى موقف الرئيس سعد الحريري غير حاسم لانه لا يريد فعلاً ان يضرب علاقته بالرئيس ميشال عون ويعمل لنجاح حكومته، والمدخل لذلك نجاح العهد ولكن المصادر تؤكد ان الحريري سينضم الى حلف بري ـ جنبلاط ـ فرنجية الرافض للفراغ كلياً واجراء الانتخابات على القانون الحالي، وابرز دليل على ذلك موقف مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان الذي لا يخرج عن موقف الرئيس سعد الحريري.
كما ان المصادر تؤكد ان بري وجنبلاط مع حلفائهم سيصعدون مواقفهم لدفع الثنائي المسيحي للقبول بالقانون الحالي منعاً للفراغ، ولا أحد يستبعد بان يستخدم الشارع للضغط حيث تؤكد مصادر العونيين ان اضراب مياومي الكهرباء ليس بريئاً مطلقاً؟ ولماذا اصر بعض المياومين على منع وزير الطاقة سيزار ابي خليل من الدخول الى مكتبه حيث تشير المعلومات الى تصاعد التحرك في الايام المقبلة.
وفي المقابل، فان الثنائي المسيحي لن يتراجع عن مطالبه حسب المصادر وسيعمل على تصحيح كل الاجحاف الذي لحق بالمسيحيين منذ الطائف ولن يخضع للتهويل واول الغيث وصول رئىس الجمهورية العماد ميشال عون الى بعبدا، والمسيرة مستمرة لتحقيق الطموحات عبر الكلمة الفصل للمسيحيين باختيار رئيس الجمهورية وورزرائهم ونوابهم مهما كانت الضغوطات حتى استعادة جزء كبير من صلاحيات رئيس الجمهورية، والمدخل الى ذلك قانون انتخابي يؤمن وصول 53 نائباً مسيحياً باصوات المسيحيين، وهذا ما يجعل حدود المناورة المسيحية محدودة جداً. ولا احد يستبعد لغة الشارع والحراك المدني لتحقيق المطالب والخوف ان تتحول القضية الى شارع ضد شارع.
وحسب المصادر، البلاد مقبلة على مشكل كبير في 13 ايار، فلا انتخابات ولا قانون حتى الآن، وسيتم تمديد الازمة من 13 ايار الى 20 حزيران موعد انتهاء ولاية المجلس عسى ان يتم الاتفاق. ولذلك فان البلاد ستدخل حالة من التعطيل والشلل ولن يلتئم مجلس الوزراء مطلقاً، لان الطرفين لن يتراجعا عن شروطهما.. وربما امتد الفراغ حتى الوصول الى تسوية سعودية ـ ايرانية غير ظاهرة في الافق خلال الاشهر المقبلة بسبب الانتخابات الرئاسية الايرانية، والوضع المقلق في السعودية بسبب حرب اليمن. ومن المحتمل ان تبقى حالة الشلل لسنة او اكثر كما استمر الفراغ الرئاسي لسنتين ولم ينتهِ الا عندما تحققت التسوية الايرانية ـ السعودية على الرئيسين عون والحريري. ولم تحصل ضربة كف واحدة خلال الفراغ، بسبب قرار دولي بمنع الفوضى في لبنان في ظل جهوزية القوى العسكرية والدعم الدولي لها والاتكال عليها لحماية البلد واستقراره، حيث ستتصاعد المساعدات للجيش اللبناني والقوى الامنية خلال الاشهر المقبلة، علما ان القوى العسكرية تعمل تحت سقف القرار السياسي للدولة لكنها لا تتوانى عن اجراء الاتصالات لاستقرار البلد حيث تحدثت معلومات عن زيارة مرتقبة لقائد الجيش العماد جوزف عون للولايات المتحدة الاميركية لبحث كل شؤون وشجون المؤسسة العسكرية ومتطلباتها.
عون
وفي ظل هذه الاجواء نبه رئيس الجمهورية «الجميع، الى ان التمديد، للمجلس النيابي لا يجب ان يحصل. ولا يهدد احد به، لان فيه خرابا للبنان»، واشار الى انه حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضع قانون جديد للانتخابات، «وحتى ولو وصلنا الى 20 حزيران، فان لا فراغ سيحصل في المؤسسات». وقال: «هذا المجلس لن يمدد لنفسه ومن غير المقبول ان يمدد لنفسه دقيقة واحدة». ولاحظ ان ثمة من يتحدث من حين الى آخر ان لطائفته خصوصية، متسائلا لماذا لا يكون للآخر من خصوصية ايضا؟ وقال: «اذا كان لبنان كله خصوصيات، فلكلّ خصوصيته وواحته، الا اننا نعيش معا. اما ان يسعى احد للسيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه فهذا لن يحصل نهائياً. واول هذا السعي يتمثل بالسيطرة على حقوق كل الشعب اللبناني من خلال حرمانه من حقه بالانتخابات، عبر اجواء سياسية سيئة». وسأل: «من باستطاعته ان يقول لنا اننا اذا ما مددّنا للمجلس مرة ثالثة، ان هذا الأخير لن يقوم بالتمديد لنفسه مرة رابعة؟».
بري
بدوره، جدد الرئىس نبيه بري التأكيد بانه آخر من يوافق على التمديد ولا مجال للتعمية في هذا الاطار وقال: «لقد حددنا جلسة 15 ايار لتفادي الفراغ، واعطينا ونعطي الفرصة منذ البداية من اجل التوصل الى قانون جديد للانتخابات، وانا لا اوافق على التمديد من اجل التمديد، بل ان التمديد يجب ان يقتصر على التأجيل التقني المرتبط بقانون الانتخاب بمعنى تعديل المهل لاجراء الانتخابات على اساس القانون. وهي لا تتعدى بضعة اشهر، وحتى لو توصلنا الى قانون جديد فان المسألة متعلقة بتمديد يأخذ بعين الاعتبار التحضير للانتخابات على اساس القانون».
ورداً على سؤال في حال العودة الى قانون الستين الحالي قال: «ان مثل هذا الامر يحتاج الى تعديل مهل بين 3 او 4 أشهر».
وحول ما يتردد او ما يطرح عن نقل مقاعد من منطقة الى اخرى قال بري: «اللي عم يفكر فيها يشيلها من راسو».
الجمهورية :
خلافاً لكلّ ما يُشاع من هنا وهناك عن وجود اندفاعة قوية على مختلف المستويات لإنتاج قانون انتخاب جديد قبل 15 أيار المقبل، فإنّ ما يرشح من مختلف الأوساط يشير إلى استمرار دوران الجميع في حلقة مفرغة، في ظلّ تَباعُد بين المواقف وتضارُب بين المشاريع الانتخابية التي لم يرتقِ أيّ منها بعد إلى مستوى تحقيق عدالة التمثيل وشموليته لشتّى فئات الشعب وأجياله، حسب روحية «اتفاق الطائف». وبدا من المعلومات التي ترشح من أوساط هذه المرجعية المسؤولة أو تلك أنّ قانون الستين بدأ يستعيد «بريقه» ومكانته كقانون نافذ لم يمت رغم إماتة كثيرين له، وأنّه قد يُعتمد مخرجاً من المأزق، بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليه، لتُجرى الانتخابات على أساسه بعد تمديد لا يتجاوز خمسة أشهر، وهو ليس تمديداً بمقدار ما هو تعديل مهَل أو استعادة المهَل نفسها التي أسقِطت قبل موعد الانتخابات التي كانت مقرّرة في 20 أيار، علماً أنّ البعض ما زال يُبدي تفاؤلاً باحتمال الاتفاق على قانون جديد في ربعِ الساعة الأخير ما قبل 15 أيار.
توزّعت الحركة أمس بين قصر بعبدا وبكركي والمجلس النيابي والضاحية الجنوبية لبيروت والشارع الذي شهد حراكاً مطلبيا ليس بعيداً من اجواء الضاحية وعين التينة.
وتمحورَت هذه الحركة حول قانون الانتخابات النيابية والموازنة والعقوبات الاميركية المنتظرة، ويبقى القاسم المشترك فيها انّ الغموض سيّد الموقف، بحيث لم يُعرف بعد، اين ستستقرّ الكرة.
فالملف الانتخابي، غير معلوم بعد اين سيحط رحاله، شأنه شأن الموازنة التي ليس معروفاً بعد ما سيُدخِله مجلس النواب عليها من تعديلات، كذلك في ملف العقوبات التي لم يُعرف بعد مداها وتوقيتها.
أمران لافتان
وكان اللافت في الشأن الانتخابي أمس أمران: الاوّل موقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي خفّض لاءاته الثلاث الى اثنتين، فباتت: «لا للتمديد ولا للفراغ». ونحّى جانباً قانون الستين، وذلك عندما أكّد «أنّ التمديد للمجلس النيابي يجب ان لا يحصل ولا يهدّد احدٌ به، لأنّ فيه خراباً للبنان».
وأشار الى انّه حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضعُ قانون انتخابي جديد «وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران، فإنّ لا فراغ سيحصل في المؤسسات». وقال: «هذا المجلس لن يمدّد لنفسه ومِن غير المقبول ان يمدّد لنفسه دقيقة واحدة».
وإذ اعتبر عون انّ التمديد هو ايضاً فساد متراكم، «وليس في إمكاننا ان نستمرّ به اربع سنوات بعد»، فإنّه سأل: «من في استطاعته ان يقول لنا انّنا اذا ما مدّدنا للمجلس مرّة ثالثة، انّ هذا الاخير لن يقوم بالتمديد لنفسه مرّة رابعة؟» ولاحَظ «انّ ثمّة من يتحدث من حين الى آخر أنّ لطائفته خصوصية، فلماذا لا يكون للآخر من خصوصية ايضاً؟
وقال: «إذا كان لبنان كلّه خصوصيات، فلكلٍّ خصوصيّته وواحته، إلا انّنا نعيش معا، امّا ان يسعى احد للسيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه فهذا لن يحصل نهائياً».
الراعي
أمّا الامر الثاني اللافت فتمثّلَ في موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يدفع بقوة نحو إنتاج قانون انتخابي جديد قبل 15 أيار، «على قياس الوطن لا على قياس الأشخاص».
وأسفَ لِما يقال من انّه يريد قانون الستين، في الوقت الذي يناشد الجميع منذ سنوات ضرورة وأهمّية إقرار قانون جديد للانتخابات يمنح صوت المواطن قيمةً وتمثيلاً صحيحاً لكلّ مكوّنات المجتمع اللبناني. وكرّر أنه «ضد الفراغ والتمديد لمجرّد التمديد لأنه يصبح اغتصاباً للسلطة».
نبرة عالية
وعزت دوائر قصر بعبدا لـ«الجمهورية» نبرةَ عون العالية الى أنّه «تلقّى بغضب ورفض نتائج ورشة الاتصالات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وتحديداً في الأيام التي تلت القرار الذي اتّخِذ باستعادة مجلس الوزراء ملف قانون الإنتخاب وتشكيل المجلس لجنة خاصة لهذا الموضوع قد آلت الى الفشل الذريع».
وأوضحت هذه الدوائر انّ عون «مارَس كلّ أشكال الضغوط في اتجاه الوصول الى قانون عادل يصحّح التمثيل ولم يلقَ سوى شروط تعجيزية، ما أدّى الى اتّهامه صراحةً وللمرة الأولى «بعضاً لم يسمِّه» بالسعي الى «السيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه، وهذا لن يحصل نهائياً»، وأنّ هذا السعي «يتمثل في السيطرة على حقوق كلّ الشعب اللبناني من خلال حرمانه من حقّه في الانتخابات، عبر أجواء سياسية سيئة».
وأكّدت دوائر بعبدا أنّ ما جعل عون يرفع صوته عالياً «هو تراجُع البعض عن تعهّدات قطِعت في لقاءات واجتماعات سابقة»، مُستغرباً «تلوُّنَ المواقف الى درجة تثير الشك بالنيّات وما يريده البعض وما يُضمره بعيداً ممّا يطلقه من مواقف».
برّي
وإلى ذلك، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره امس انّ الجلسة التشريعية ستنعقد في 15 أيار المقبل، وأشار الى أنّ ما لفتَه هو كلام رئيس الجمهورية عن إجراء الانتخابات وفقَ القانون النافذ، وقال: «أنا كرئيس مجلس حدّدت موعد جلسة 15 أيار لتفادي الفراغ، وأعطيت كلّ هذه الفرصة من اجل توصّلِ الافرقاء الى قانون انتخاب، ولم أكن لأوافق على التمديد إلّا من أجل التوصّل الى قانون جديد.
أنا ضدّ تمديد الولاية النيابية لسَنة، وحتى إذا ذهبنا إلى القانون النافذ فإنّ التمديد يجب ان يقتصر على الوقت الضروري لإجراء الانتخابات من خلال تعديل المهل، ولن يتعدّى هذا التمديد خمسة اشهر. وحتى وإنْ ذهبنا الى قانون جديد، وهذا ما أتمنّاه، فإنّ ايّ تمديد سيكون مرتبطاً بالمدة الكافية والمحدودة لتنظيم الانتخابات على اساسها».
وأضاف بري: «في حال عُدنا إلى قانون 2008 (اي قانون الستين)، فثمّة إجراءات يجب الإسراع في اتّخاذها، ومنها إنشاء هيئة الاشراف على الانتخابات، ولكن بعودتِنا الى القانون النافذ نكون قد أهدرنا 3 إلى 4 أشهر من موعد إجراء الانتخابات». وختم: «أمّا في ما يتعلق بما يثيره البعض عن نقل مقاعد نيابية (من منطقة الى أخرى) كشرط لإجراء الانتخابات وفق قانون الستين، فلينزَعوا من رؤوسهم هذه الفكرة».
نحو الأسوأ
وقالت مصادر سياسية مطّلعة على المفاوضات الانتخابية لـ«الجمهورية» إنّ الامور على حالها لا بل تتجه نحو الأسوأ في ظلّ تشبّثِ كلّ فريق بموقفه رغم الحديث عن دينامية الافكار والصيغ».
واكّدت انّ الوزير جبران باسيل «يتّجه الى وضعِ القانون التأهيلي كأمر واقع خصوصاً بعدما تبلّغ موافقة «المستقبل» عليه»، وكشفَت انّ الرئيس سعد الحريري «ابلغَ الى اكثر من طرف أنه سيَسير في التأهيلي وأنّه منفتح على تعديلات عليه إذا ما لمس ليونةً من الاطراف الاخرى في الاستعداد للقبول به».
وإذ تخوّفت «من تكرار سيناريو شبيه بانتخابات رئاسة الجمهورية التي جرت بعد اتفاق سياسي بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، لفتت الى انّ الوضع مختلف اليوم في كثير من جوانبه، إذ إنّ «حزب الله» لن يسير بهذا الاتفاق، كما انّ الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط يعارضان التأهيلي بشراسة».
ورأت انّ هذه الاجواء تشير الى تأزّم شديد في الواقع السياسي ولا بشائر حَلحلة قبل جلسة 15 أيار، ما يعني انّ الامور مفتوحة على كلّ الاحتمالات، لأنّ التمديد في حد ذاته سيُحدث اشتباكاً. كذلك فإنّ طلب التصويت على قانون انتخاب خارج التفاهم السياسي هو الاشتباك في حد ذاته». وكشفت المصادر أنّ الاتصالات التي نَشطت في الساعات الاخيرة لعقد جلسة لمجلس الوزراء دونها عقبات «ما يعني ان لا جلسة ستُعقد في القريب العاجل».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ كلّ ما يتم تداوُله عن استبعادها من المفاوضات الانتخابية غير صحيح إطلاقاً، لأنّ المفاوضات تتم على مستويات مختلفة ثنائية وثلاثية ورباعية، و«القوات» شريكة في كلّ المفاوضات الحاصلة، وتَطَّلِع لحظةً بلحظة على كلّ المعلومات والتفاصيل وتُواكب سير اللقاءات التي لا تكون مشاركةً فيها، على غرار اللقاء الرباعي، حيث يضعها كلّ مِن «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» في صورة مداولاته».
ولفتَت الى «عدم وجود إطار تفاوضي ثابت، بل لقاءات متحرّكة تشارك «القوات» في معظمها، وهي تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من حركة المفاوضات القائمة، وأكّدت حرصَها المستمر على نقلِ موقفها مباشرةً للقوى السياسية بلا وسيط، كما أفكارها وملاحظاتها، وهي على تنسيق يومي مع «التيار الوطني الحر» في سياق معركة مشتركة هدفُها الوصول إلى قانون يعكس صحّة التمثيل الفعلية ويضع حداً نهائياً لكلّ القوانين المجحِفة المتعاقبة منذ «الطائف» إلى اليوم والمخالفة لهذا الاتفاق».
وأكّدت المصادر نفسها «أنّ كلّ كلام عن رفضها للتأهيلي غير صحيح، بل هناك من يريد تحميلها الرفض ليتذرّع برفضها من أجل إسقاط التأهيلي وتجنّب الصدام مع القاعدة العونية واستطراداً المسيحية، فيما «القوات» وضَعت ملاحظات عدة على هذا المشروع وأعلنَت في وضوح انّ الأخذ بها يدفعها إلى تأييده، خصوصاً أنّ الهدف منها هو تحسين الشروط التمثيلية للتأهيلي بغية جعلِه يقترب من المناصفة، وأبرز ملاحظاتها تَكمن في المطالبة بالصوت التفضيلي على القضاء، ورفض نسبة الـ 10% وإعادة النظر ببعض الدوائر وحصر التأهيل بالمرشّح الأول والثاني وتخطّي العثرات التقنية».
وأكّدت «أنّ المفاوضات في هذا الإطار مستمرة، ولكن من الواضح انّ هناك من يريد التخلّص من التأهيلي على غرار إسقاطه المشاريعَ الأخرى لتخيير الجميع بين مطرقةِ التمديد أو سندان القانون الذي يَمنحه السيطرة على مفاصل الدولة».
ورأت «أنّ محاولات ضربِ العلاقة القواتية-العونية لم تتوقف، ولا يبدو انّها ستتوقف، ولكن نُطمئن الغيارى إلى أنّ «القوات» و«التيار الحر» يخوضان معركة قانون الانتخاب «كتفاً إلى كتِف» وصولاً إلى القانون الذي يعيد الاعتبار للميثاق الوطني تطبيقاً لاتفاق الطائف».
«التيار»
واعتبَر باسيل أنّ التمديد «مسدّس موضوع في رأس اللبنانيين يجب إزالته لنتمكّن من البحث في قانون الانتخاب»، لافتاً إلى انّ «من يطرح التمديد يترك لنفسه مخرجاً لعدم إقرار قانون جديد، على عكسِنا نحن».
وقال: «لسنا من طرَح التأهيلي، بل نحن تبنّيناه وندافع عنه، ومن لا يريد التأهيلي في القضاء مستعدّون لأن نوافق على ان يكون في الدائرة»، وقال: «كلّما نصِل إلى قانون نتفق عليه تظهَر لغتان، أولى في غرفة النقاش وثانية في الإعلام لإسقاط ما اتّفقنا عليه». وأضاف: «نغشّ اللبنانيين عندما نقول إنّ التأهيلي غير نسبيّ وإنه لا يؤمّن صحة التمثيل، وما يؤمّن الوحدةَ بين اللبنانيين هو عدالة التمثيل».
الأميركي والروسي
وإذا كانت المراجع الدولية تختلف على الموضوع السوري إلّا انّها تتفق على الموضوع اللبناني، فهي ترفض الفراغ في لبنان وتريد إجراء الانتخابات النيابية.
وتجسّد هذا الموقف في تحرّك السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد نحو عين التينة، والسفير الروسي ألكسندر زاسبيكين نحو وزارة الداخلية.
وعلمت «الجمهورية» انّ ريتشارد وزاسبكين نَقلا الى كلّ من بري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ضرورةَ ان يأخذ لبنان حذرَه وينأى بنفسه عن التورّط في قضايا في هذه المرحلة الدقيقة.
وفي المعلومات أيضاً أنّ العقوبات الاميركية كانت محلّ بحثٍ بين بري وريتشارد وأنّ رئيس المجلس سمعَ ما وصفه بـ«كلام إيجابي» من السفيرة حول هذا الموضوع.
وفيما تردّدت معلومات من انّ ريتشارد اثارَت موضوع جولة «حزب الله» الإعلامية في الجنوب من موقع اعتراضي عليها، لم تؤكّد اوساط عين التينة ذلك.
من جهته، اعتبَر زاسبكين «أنّ أخطر ما يمكن ان يَحدث هو الفراغ»، مشدّداً على وجوب إجراء الانتخابات «ليكون كلّ شيء على ما يرام وفقاً للدستور اللبناني وتلبيةً للمطالب الشعبية».
قائد الجيش
وفي وقتٍ حطَّت طائرة مساعدات أميركيّة أمس في مطار رياق محمّلةً بمساعدات للجيش اللبناني، للمرّة الثانية خلال أسبوع، قال مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» إنّ «المساعدات ليست عاجلة بل هي مُقرّرة سابقاً، وتأتي في إطار برنامج المساعدات المستمرّ للجيش، وأُفرِغت في مطار رياق في البقاع، نظراً لوجود المخازن المخصّصة لها فيه».
وفي إطار التعاون العسكري الأميركي - اللبناني، سيقوم قائد الجيش العماد جوزف عون بزيارة رسمية، هي الأولى له منذ تولّيه المنصب، إلى واشنطن، وأكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ «موعد الزيارة لم يُحدَّد بعد لأسبابٍ أمنية».
وأوضَح أنّ «الزيارة التي وُجّهت الدعوة إليها عبر الطرق الديبلوماسية والعسكرية المتّبعة، ستتطرّق إلى برامج المساعدات وإمكان تفعيلها، إضافةً الى حاجات الجيش، وسيقدّم العماد عون موجزاً عن إنجازات الجيش الأمنية والعسكرية في مجال محاربة الإرهاب، والجهوزية التي وصل إليها في هذا الإطار».
عرسال
وفي هذا الوقت، ما زالت جرود عرسال ورأس بعلبك تسرق الأضواء، خصوصاً بعد الغارات الجوّية التي نفّذتها مروحيات الجيش اللبناني ليل أمس الأول على مواقع المسلحين. وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «الغارات التي نُفّذت بعد رصدِ، كشفَت تجمّعات للمسلحين، فأغارت المروحيات وحقّقت إصابات مباشرة، ما يدلّ على فعالية هذا السلاح، وأهمّية الصواريخ المستخدمة في الغارة».
ووقع انفجار أمس في منطقة خربة يونين في جرود عرسال، أدّى إلى مقتل مسؤول عمليات التفخيخ في «جبهة النصرة» أبو قاسم التلي، وأُصيبَ معاونه اللبناني أحمد أبو داوود. ورجّحت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» أن يكون تنظيم «داعش» خلف هذا العمل نتيجة تصفيةِ حسابات مع «النصرة»، في وقتٍ تحدّثت معلومات أمنية أخرى عن احتمال انفجار عبوة كان يتمّ تجهيزها».
موازنة واعتصامات
مطلبياً، بعد تحرّكِ المياومين وأصحاب الشاحنات، وبالتزامن مع انعقاد اجتماع لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، لبدء درسِ مشروع قانون الموازنة للعام 2017، نفّد الاتّحاد العمّالي العام وموظفو الضمان الاجتماعي وكلّ القطاعات النقابية اعتصاماً أمس في رياض الصلح، تحدّث فيه رئيس الاتّحاد بشارة الأسمر وقال: «إنّ المادتين 54 و 68 لن تمرّا، وأبلغنا جميعَ المعنيين أنّ التصعيد مفتوح على كلّ الاحتمالات، بما فيها الإضراب العام لأيام»
البلد :
ة في التعاطي مع قانون االنتخاب... هي محص ّ لة األيام ال جدي التي تلت تعليق رئيس الجمهورية أعمال مجلس النواب، وأغلب الظن محص ّ لة األيام التي تتسابق وتاريخ 15 أيار، يوم ً ا عن تمديد جديد أو ً كالطاووس باحث يعود المجلس مختاال عن ستين قديم. يؤمن كثيرون من متابعي خطابات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأنه شديد الثبات في مواقفه، ولكن كيف غابت ًا ّه الرئيس عون الجميع، شعب الء من الءاته الثالث هذه المرة؟ نب ّ التمديد للمجلس النيابي ال يجب أن يحصل. ومسؤولين، الى أن ً ا الى أن »حتى ًا للبنان«، مشير ّ فيه خراب ّ د أحد به، ألن وال يهد مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضع قانون جديد لالنتخابات، وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران، فإن ال فراغ سيحصل في المؤسسات«. وأردف: »هذا المجلس لن يمدد لنفسه ومن غير المقبول أن يمدد لنفسه دقيقة واحدة«. وحيثما أغفل الرئيس ذكر قانون الستين الذي تراء ى لكثيرين أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس ّ مه، قال الراعي أمام زواره »أصلي على نية الراعي عاد وعو النواب كي يتطلعوا الى مصلحة المواطن اللبناني والى خير الوطن فيقروا في المهلة المتبقية اي قبل الخامس عشر من ً ا على قياس الوطن ال على قياس ًا جديد أيار المقبل قانون االشخاص«. كل األنظار تتجه الى شبح من اثنين: الفراغ والتمديد. فجأة ً ا لم يعد قانون الستين إحدى أكبر الفزاعات، وهو ما برز أيض في كالم رئيس التيار الوزير جبران باسيل في أعقاب اجتماع تكتل التغيير واإلص�الح حيث اعتبر أن »التمديد مسدس موضوع برأس اللبنانيين يجب ازالته لنتمكن من البحث في قانون انتخاب«. وقال: »لسنا متمسكين بأي قانون بل تهمنا النتيجة وهي صحة التمثيل«. ومن التفجيرات السياسية الى التفجيرات الميدانية، سمع صوت انفجار عند أطراف بلدة عرسال. وأفادت معلومات عن مقتل أبو قاسم التلة مسؤول التفخيخ في جبهة النصرة في القلمون واصابة أحمد الحجيري الملقب بأحمد أبو داوود في انفجار جرود عرسال. في هذا الوقت، بقيت الموازنة غارقة في تخبطات األرقام واالعتراضات الصادحة في الشارع. فعدا أصحاب الشاحنات الذين أموا الشوارع، وعدا المياومين الذين سيلتقون وزير الطاقة ّ ة ً ا في بري والمياه، بقي صوت موظفي الضمان االجتماعي صارخ لجنة المال والموازنة التي عقدت أمس جلسة لمناقشة مشروع موازنة ال�2017 ،هي األولى منذ العام 2010 ،وتم االستماع خاللها الى وزير المال علي حسن خليل. وعلم ان مسألة قطع الحساب أثيرت على نطاق واسع حيث أوضح خليل ان »قطع الحساب قانون مستقل وهناك خلط بينه وبين الحسابات التي نعمل عليها بشكل جدي«
الحياة :
تزداد التعقيدات في المداولات حول قانون الانتخاب الجديد قبل أقل من 3 أسابيع على الجلسة النيابية المقررة في 15 أيار (مايو) المقبل التي سيطرح فيها اقتراح قانون بالتمديد للبرلمان إذا لم يتوافق الفرقاء على القانون الجديد.
وبرزت التعقيدات الإضافية في ظهور التباين بين تيار «المستقبل» الذي يتزعمه رئيس الحكومة سعد الحريري و «الحزب التقدمي الاشتراكي» برئاسة النائب وليد جنبلاط خلال زيارة وفد من الحزب للحريري ليل أول من أمس، وبين «الاشتراكي» و «حزب الله» الذي رأى على لسان رئيس كتلته النيابية أن مشروع حزب جنبلاط المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي الذي اقترحه السبت الماضي هو «مخالفة للدستور وللمنطق وبالتالي تضييع للوقت»، فضلاً عن التباين بين «الاشتراكي و «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل الذي طرح صيغة مختلطة تقوم على تأهيل النواب بالنظام الأكثري على أساس اقراع ناخبي كل من الطائفتين الإسلامية والمسيحية للمرشحين للتأهيل، على أن يتنافس الأول والثاني منهم على النظام النسبي في مرحلة ثانية في دوائر موسعة.
وقال جنبلاط في تغريدة على «تويتر» أمس: «إذا كان مشروع الاشتراكي مضيعة للوقت، فإن التأهيل الطائفي ضرب للوحدة الوطنية ولتيار يسمى «مستقبل» لكن قد يصبح من الماضي. وبالمناسبة لا نعني تياراً محدداً بل كل الذين يزايدون في التغيير وهم من التغيير براء».
وكان حزب جنبلاط رفض المشروع التأهيلي على أساس طائفي، لكن وفده الذي التقى الحريري وتألف من تيمور جنبلاط، وزير شؤون حقوق الإنسان أيمن شقير، والنائبين غازي العريضي ووائل أبو فاعور، بحضور نادر الحريري، سمع من زعيم «المستقبل» تأييداً له ودفاعاً عنه كما قالت مصادر «الاشتراكي لـ «الحياة» أمس. وانتهى الاجتماع إلى خلاف الفريقين، على التأهيلي، وهو ما أكده جنبلاط في تغريدته.
وقالت مصادر «التقدمي الاشتراكي» لـ «الحياة» أن الجانبين لم يناقشا بالتفصيل مشروع «الاشتراكي» الذي تسلم الحريري نسخة منه بعدما كان تسلمها فريقه التقني السبت الماضي، واكتفى زعيم «المستقبل» بالقول للوفد إن هذا المشروع «مش ماشي» وأن أطرافاً رفضوه. وأوضحت أن الحريري استفاض في الحديث عن المشروع الـتأهيلي، معتبراً أنه يسمح بإنتاج برلمان جديد على أساس وطني، ويساعد على تحقيق التمثيل المقبول لكل الفرقاء، رداً على رفض «التقدمي» هذا المشروع لأنه «يضرب الوحدة الوطنية ويتسبب بشرخ بين اللبنانيين في وقت نطمح إلى إخراج لبنان من المأزق الطائفي الذي يفتح الباب على مشاريع تقسيمية».
وجدد الوفد للحريري عدم قبوله بالتأهيلي، مذكراً بأن «الزعامة الجنبلاطية تاريخياً قائمة في الجبل على قاعدة مسيحية - إسلامية، ونحن لن نتخلى عن هذه القاعدة. فهل من المعقول أن يترشح تيمور جنبلاط وألا يحصل في مرحلة التأهيل على أصوات من يريد الاقتراع له من مسيحيي بلدته المختارة الذين يعيش وأجداده معهم منذ مئات السنين؟». وذكرت المصادر أن الحريري قال للوفد أنه ما من مشروع طرح «إلا قمنا بدرسه من زاوية ما هي مصلحة وليد جنبلاط فيه، ولم نجد إلا هذا المشروع (التأهيلي) الذي يمكن أن يؤمن بالتعاون بيننا وبينكم ومع الأطراف المسيحية الأخرى مصلحة البلد ومصلحتنا ومصلحتكم». وأشارت إلى أن الحريري يرى أن المشروع التأهيلي فرصة للتوافق بين الفرقاء، لافتاً إلى أن هناك صعوبة في الاتفاق على مشروع آخر كما أظهرت المداولات السابقة.
ونقلت المصادر عن الحريري قوله إن «المستقبل» لا يريد حصول مشكلة في البلد بسبب الخلاف على قانون الانتخاب، وأنه لذلك مستعد للموافقة على أي قانون انتخاب يتوافق عليه الفرقاء، حتى لو أدى ذلك إلى خسارته بضعة نواب سواء كانوا 4 أو 5 «لأني أريد أن يخرج البلد من المآزق لأني قلق من الأزمة التي يمكن أن تنشأ لغياب الاتفاق على القانون». وأشار إلى أنه تبلغ من أوساط رئيس البرلمان نبيه بري أن الأخير لم يقبل بمشروع «الاشتراكي»، لكن الوفد رد أن مصححا بأن بري لم يأخذ موقفاً بدعم المشروع المختلط الذي اقترحه جنبلاط أو بمعارضته. كما أن الحريري استخدم حجة أن بري سبق أن طرح المشروع التأهيلي، إلا أن الوفد أبلغه أننا «لم نقبل بهذا المشروع حين اقترحه الرئيس بري».
وقالت مصادر «الاشتراكي» لـ «الحياة» إن الحريري اعتبر «أنكم تخطئون برفض هذا المشروع لأننا إزاء صعوبة الاتفاق على مشاريع أخرى، فإننا ذاهبون نحو كارثة، ذلك أن التمديد للبرلمان مرفوض وقانون «الستين» لم يعد ممكناً اعتماده». وشدد على أن «المستقبل» لن يوافق على التمديد للبرلمان لتفادي مشكلة مع القوى المسيحية الرئيسة ما يسبب انقساماً في البلد، وأنه كان قبل أسبوعين سيؤيد التمديد، لكن بعد تأجيل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جلسة البرلمان للحؤول دون التمديد فإنه لم يعد ممكناً حصول ذلك، مشدداً على أنه لا يريد حصول خلاف بينه وبين «التيار الوطني الحر» والقوى المسيحية الأخرى. ورد وفد «الاشتراكي» مشدداً على رفضه التمديد للبرلمان ولا نريد الستين أيضاً، مؤكداً «أننا لا نريد أن يحصل خلاف بينك وبين «التيار الحر» ونحن لا نريد أن يقع خلاف بيننا وبين «التيار» الذي نحرص على العلاقة معه، خصوصاً أن بيننا وبين جمهوره في قرى الجبل علاقات وصلات يومية، وكنا نردد في الأشهر الأخيرة وما زلنا، أننا نريد تعزيز أسس المصالحة في الجبل وحفظ العيش المشترك، خصوصاً أننا نعيش في مناطق مختلطة».
وعلمت «الحياة» أن الحريري دعا خلال اللقاء مع الوفد الاشتراكي إلى التقاط فرصة وجود عون في الرئاسة من أجل إحداث تقدم في أسس النظام السياسي، لا سيما أن الأخير يبدي انفتاحاً على تحقيق إصلاح، وفقاً لاتفاق الطائف، يقوم على انتخاب لبرلمان خارج القيد الطائفي مع تشكيل مجلس للشيوخ وفق التمثيل الطائفي. إلا أن الوفد الاشتراكي أبلغه أنه لم يطرح موضوع مجلس الشيوخ تجنباً لأي سجال في شأن لمن تؤول رئاسته، مثلما حصل قبل مدة.
على صعيد آخر، قالت مصادر الاشتراكي إن لقاءات جمعت قبل أيام الوزير جبران باسيل مع النائب غازي العريضي وسبقت إعلان «الاشتراكي مشروعه، واتُفق على أن يلتقي باسيل جنبلاط قريباً لمتابعة البحث».