نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية مقالا؛ تحدث عن "سلالة آل الأسد الدموية"، التي تكونت على يد حافظ الأسد الذي أصبح بدوره من بين أكثر الطغاة وحشية في التاريخ الحديث. وفي صلب نظام الأسد، يعتبر بشار "نموذجا مثاليا" في القسوة والدهاء السياسي الذي لقنه إياه والده، وفق الصحيفة.
وقال الكاتب خافير مارتين إن العالم العربي شهد في النصف الثاني من القرن العشرين، صعود العديد من القادة العسكريين الانقلابيين إلى الحكم. ويتصدر قائمة هؤلاء الطغاة، حافظ الأسد، مؤسس الإمبراطورية التي تُغرق سوريا في الدم خلال هذه المرحلة من التاريخ.
وأضاف الكاتب أنه منذ اعتلاء حافظ الأسد سدة الحكم، شن نظامه الذي لا يعرف الرأفة، حملة ضد الشعب؛ وباشر باستنزاف ثروات البلاد، وانتهاك حقوق الإنسان وتعذيب كل صوت معارض له. وتحت ذريعة محاربة "سرطان الإرهاب"، أمر حافظ الأسد، باعتقال عمر جواد، وهو رجل الدين وقائد المعارضة في مدينة حماة. كما أن هذا العنصر، يعد واحدا من أول المتمردين ضد القومية العلمانية في سوريا.
وأشار الكاتب إلى أن العملية الأخيرة أثارت العديد من الاحتجاجات في سوريا، ودفعت بالكثيرين للخروج إلى الشوارع مطالبين بالحرية. وبعد فترة وجيزة لم تتجاوز الثلاثة أسابيع، أسكت شقيق حافظ الأسد صوت هذه الثورة، وارتكب مجزرة في حق الشعب السوري. ونتيجة لهذه الأحداث المروعة، التزمت المعارضة السورية الصمت على مدار ثلاثة عقود.
وأورد الكاتب أن حماة وغيرها من المدن ذات الأغلبية السنية، إلى جانب أقلية من الآشوريين والأكراد، أظهروا دائما معارضتهم لمبادئ حزب البعث ذي التوجه العسكري. كما كانت حماة أيضا من أولى المدن السورية المحتجة ضد انقلاب سنة 1963 بقيادة العديد من الضباط الشباب البعثيين.
وبين الكاتب أن هذا الانقلاب كان بداية لأكبر صعود للأسد في هرم السلطة السورية، إذ أنه عين قائدا للقوة الجوية، وهي المنصة التي سمحت له ببلوغ سدة الحكم. وباعتباره نجلا لأحد المتعاونين مع فرنسا، ارتقى الأسد بنسق سريع في سلم الحكم، ليس فقط بفضل سمعته كطيار مقاتل، وإنما أيضا بفضل ذكائه السياسي "الميكافيلي"، المليء بالجشع.
وتجدر الإشارة إلى أن حافظ الأسد شارك في مرحلة تالية في حركة أطاحت بزميله صلاح جديد الذي ينتمي إلى نفس الحزب. وبعد مرور أربع سنوات على هذه الحادثة، واصل الأسد طموحه وقاد انقلابا ثالثا، بمساعدة لا تقدر بثمن من بيكين والاستخبارات السوفييتية؛ الأمر الذي أتى به إلى الحكم.
وأوضح الكاتب أنه بمجرد وصوله إلى قصر دمشق، غير الأسد النظام إلى نظام عائلي، يدعمه فيه أخوه رفعت الذي عينه على رأس القوات المسلحة، وأجهزة الاستخبارات، وأجهزة دولة الأسد القمعية. والأسوأ من ذلك، قسم الأسد السلطة السياسية والاقتصادية بين أقاربه، وأعضاء آخرين من عشيرته العلوية، فضلا عن عناصر من الطبقة الأرستقراطية السنية.
وأوضح الكاتب أنه في مرحلة تالية، عزز الأسد علاقات بلاده العسكرية مع روسيا، ووضع استراتيجية من أجل دعم كل من الحركات الفلسطينية ولبنان. وتجدر الإشارة إلى أنه كان للتدخل في لبنان عواقب وخيمة، انتهت بمحاولة اغتيال الطاغية وهجوم على مدرسة المدفعية في حلب. وبطبيعة الحال، كان رد نظام الأسد أشد قسوة وأدى إلى ارتكاب مجزرة في حماة.
وقال الكاتب إنه بعد 17 سنة من وفاة الرجل الذي رسم ملامح سوريا الحديثة، أصبح بشار الأسد خير وريث لأبيه، إذ أنه يعادله في القسوة والدهاء السياسي. وبفضل الدعم الدائم لعائلته، التي لا زالت تسيطر على المؤسسات العسكرية والاقتصادية، أظهر الأسد منذ وقت مبكر أنه لا أحد يستطيع زعزعة استقراره أو إزاحته من الحكم. وخير دليل على ذلك، أحداث القامشلي التي اندلعت خلال سنة 2004.
وقال الكاتب إنه على إثر ثورة سنة 2011 تحولت إلى حرب متعددة الأقطاب، لم يتمكن الأسد فقط من البقاء على قيد الحياة، بل تمكن أيضا من إقناع القوى التي تشكك في مدى قوته بأنه لا غنى عنه وعن نظام آل الأسد.