لا يكتمل دور حزب الله السوري، مظلة الفصائل الشيعية السورية، من دون كيان سياسي وديني خاص به. ورغم العامل المذهبي المشترك، يغلب الطابع الجغرافي على الفصائل الشيعية، من قوات الرضا في حمص (المدينة والقرى الشيعية في ريفها مثل المزرعة والرقة وأم العمد)، إلى لواء السيدة رقية الشامي، والمقاومة العقائدية في الساحل وريف حماة وغيرها.
بعيداً عن القيادات الايرانية واللبنانية المشتركة بين هذه الفصائل والمجموعات الواقعة تحت مظلة ما يُصطلح عليه اليوم ”حزب الله السوري“، العامل السوري المشترك بينها هو مؤسسة المجلس الاسلامي الجعفري الأعلى في سوريا، والتي يرأسها السيد محمد علي المسكي. المسكي يحضر في أغلب البلدات الشيعية في سوريا، مثل المزرعة في حمص، وحتى في طرطوس الساحلية لتأبين مقاتلين من المقاومة العقائدية.
بيد أن خطاب المسكي لا يقتصر على الدين والأمور الشرعية فحسب، بل يحمل مضامين سياسية مشابهة لخطاب ”حزب الله“ في لبنان. وهذا يُرشحه لأن يصير زعيماً شيعياً سورياً، بما يكفل في وقت لاحق رفع الحساسيات الناشئة مع القيادات اللبنانية والايرانية.
لكن كيف نشأت هذه المؤسسة الدينية - السياسية؟
تتبع النشأة ليس بالأمر السهل، إذ أنها تماماً مثل الفصائل الشيعية في سوريا، غير مُنظمة إعلامياً، بل يقتصر وجودها على صفحة فايسبوك، لكن أحد المنتديات الشيعية نشر بياناً لنشأتها عام 2012، أي أنها حديثة الولادة، ووجودها مرتبط بالدور الايراني المستجد في سوريا، البيان، وبعد مقدمة دينية، حدد 3 أسس للمجلس:
”أولاً: اعتبار الطائفة الإسلامية الشيعية الاثني عشرية في سوريا طائفة تتمتع بشؤون دينية خاصة مصدرها أحكام الشريعة الإسلامية الغراء طبقاً للمذهب الإسلامي الجعفري الشيعي الاثني عشري، والمتشخص فقهه بالفتاوى الصادرة عن مقام المرجعية العامة العليا للطائفة في العالم.
ثانياً: لزوم كون الممثلين لها من علمائها وأبنائها المتكلمين بلسانها والمعتقدين بعقائدها.
ثالثاً: كون أبنائها وممثليهم ممن يحملون الجنسية العربية السورية“.
البيان وضع أيضاً 10 أهداف أولها ”تمثيل الطائفة داخل الوطن وخارجه، والتحدث باسمها وتشخيص مواقفها“، وبينها أيضاً انشاء محاكم مستقلة للأحوال الشخصية، وإقامة مؤسسات تربوية و”ترسيخ مبدأ التعايش“ وغير ذلك.
واللافت في هذه المؤسسة أنها شبيهة بالمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، رغم أن الأخير بصفته سابقاً في تاريخ تأسيسه لحزب الله، لم يخضع له لا سياسياً ولا دينياً، بل بقي مرتبطاً بحركة أمل. يتكون المجلس الاسلامي الجعفري من هيئة دينية تضم 12 عالم دين، ويُنتخب من بين أعضائها الرئيس، وهيئة عامة ومجموعة عاملين (لجنتا أمناء وشورى وهيئة إدارية).
لهذه المؤسسة الدينية دور أساسي في تمثيل الشيعة السوريين، وهو ظاهر في اجتماعات يُعممها، مثل لقاء صيف العام الماضي بين رئيس المجلس ومسؤول العلاقات العامة في حركة النجباء العراقية (فرع سوريا). هي فرع سوري أصيل مرشح للاستقلال عن الفرعين العراقي واللبناني، ولكن تحت المظلة الايرانية.
في مراسم الاحتفاء بالذكرى السنوية لوفاة الامام الخميني في مقام السيدة زينب في حزيران الماضي، تحدث المسكي عن انتشار الثورة الايرانية في سوريا ولبنان وفلسطين أيضاً"ببركة الدعوة الوحدوية التي أطلقها الإمام الراحل رضوان الله تعالى عليه".
شيئاً فشيئاً، تتضح أسس التدخل الايراني في سوريا هو تدخل جذري، وليس دعماً لنظام أو دولة، بل تأسيس لمرحلة من النفوذ الدائم.
المجلس الإسلامي الجعفري في سوريا
المجلس الإسلامي الجعفري في سوريالبنان الجديد
NewLebanon
مصدر:
المدن
|
عدد القراء:
2105
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro